طوال حوالى سنتين بلوروا في معهد أبحاث الأمن القومي وثيقة استهدفت تحريك العملية السياسية في الساحة الإسرائيلية - الفلسطينية النائمة. شرح رئيس المعهد، الجنرال الاحتياط عاموس يدلين، أن الوثيقة تسعى للوصول إلى إسرائيل «يهودية ديمقراطية آمنة وأخلاقية». هذه محاولة للجسر بين شروط العتبة التي وضعتها إسرائيل والفلسطينيين ووصف يدلين ذلك كـ «نموذج ثالث» ما بين عدم الاستعداد لإقامة دولتين لشعبين الآن وبين الخوف من تأسيس دولة ثنائية القومية. يدلين شبه الخطة التي تم تحريرها على يد أودي ديكل وكيم لافي بتطبيق الملاحة (ويز): سوف ينطلق مع حوار إسرائيلي فلسطيني بمساعدة الولايات المتحدة والدول العربية، وسيكون بالإمكان إدخال تعديلات عليه حسب التطورات على الأرض وفي الاتصالات.
احتمالية التوصل إلى الأهداف الأربعة يشابه تربيع الدائرة الذي سبق وأدرك علماء الرياضيات في اليونان القديمة أنه غير قابل للتطبيق – ليس مع محمود عباس في رام الله، ويحيى السنوار في غزة، وبنيامين نتنياهو في القدس. الـ «ليس هناك شريك» لأيهود باراك ما زالت سارية المفعول حتى الآن. ليست هنالك مبادرة أكثر فعالية من هذه الخطة، على الأقل تضع في أيدي إسرائيل تبريراً لأن تشرح في الغرب تملص بنيامين نتنياهو من أي تسوية.
تأخذ الخطة بالحسبان أن يكون هنالك حاجة لعملية وحيدة الجانب، وهي قائمة على افتراض أن جدار الفصل سيكون هو الحدود الدائمة لإسرائيل. في الماضي كان هنالك معارضة لإنشاء الجدار، سواء من اليمين أو اليسار، لأنهم لا يريدون تقسيم «يهودا» و»السامرة»، ولكن ليس هنالك حدود أكثر نجاعة من هذه الخطة والتي في البداية وُجد لها 4 داعمين فقط: أيهود باراك ودان مريدور وحاييم رامون، ورئيس «الشاباك» آفي ديختر.
الخطة المقترحة، والتي يقدر يدلين بأنه يمكن تطبيقها فقط بعد انتخابات الكنيست، معتدلة ولا تصطدم مع جهات متطرفة. في الكتل الاستيطانية والتي ستظل بأيدي إسرائيل سيسمح بالبناء الآن، في حين أن تلك المستوطنات الموجودة شرق الجدار سيتم إخلاؤها فقط في المرحلة الأخيرة، عندما ستناقش مسألة مستقبل القدس (بروحية خطة بيل كلينتون). حق العودة – يوك (لا). ترتيبات أمنية مشددة، من أجل عدم العودة إلى فشل الانفكاك في غزة.
الفلسطينيون لن يوافقوا بالتأكيد على دولة سيادتها ستنتشر في المرحلة الأولى على 65 في المئة فقط من الأرض. مع ذلك فإن كاتبي الخطة يأملون بأن الدول العربية الخائفة من إيران ستوافق على ذلك بالصمت، بافتراض أن الأمر يتعلق بخطوة أولى فقط.
فعلياً، ليس هنالك افتتاحية سياسية فعلية لهذه الخطة، ولسوء الحظ الموافقة الوحيدة بين الطرفين هي على تعطيل كل اتفاق مرحلي كهذا. يدلين أطلع نتنياهو على الوثيقة، وهذا أجاب بأن الجنرال الاحتياطي يفهم في الإستراتيجية وليس في السياسة. الحكومة مرتاحة للرضا الواسع عن النفس، وللادعاء الذي يقضي بأن رئيس الحكومة خلق كما يبدو لإسرائيل ظروفاً سياسية جيدة ليس لها مثيل، وليس هنالك ضرورة للتنازل للفلسطينيين، بيد أن هذا الهدوء موهوم.
قبل 49 عاماً، أرسلت من قبل غيرشوم شوكن للقدس لأعمل كاتباً سياسياً لـ «هآرتس». زملائي حينئذٍ الصحافيون الذين كانوا مشهورين وسبقهم اسمهم مثل حغاي إيشد ويوسف حريف وأريه تسيموكي، أري راث وغبرائيل شتيرن لم يعودوا من بين الأحياء. بقيت شاهداً أخيراً في خلية المراسلين السياسيين، أتذكر عدم اكتراث غولدا مائير وزملائها 1970، 1971، 1972، فقد ألقت إلى سلة القمامة الدولية كل خطة سياسية للتسوية في الجبهة المصرية. بالإمكان أن تنفجر من قائمة اللاءات – غونار يارينغ، موشيه ديّان، هوفوا بواني، نيكولاي شاوتشسكو، وليام روجرز ومن يعد يتذكر؟
في ذلك الحين مثلما هي الحال الآن كل شيء كان هادئاً وصامتاً. حتى ليلة بوق الإنذار في «يوم الغفران» ذاك. ولكن «سادتي، التاريخ كرر نفسه» كما قال حاييم حيفر، ولكن يتزايد الخوف من معادلة سياسية – جبرية جديدة قديمة: 2018 = 1971.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف