من الصعب وصف الانقسام الذي حدث طوال الوقت بين المضامين التي عرضت على المنصة وبين الجمهور ومشاعره في تجمع الذكرى لرئيس الحكومة اسحق رابين، الذي نظمته حركة «طريقنا». هذا الانقسام تم تشويشه بين الفينة والأخرى، مثلاً في الخطاب الطويل جداً، ولكن القاطع، لرئيسة المعارضة تسيبي لفني، الذي قوض رسائل الوحدة المصطنعة للتجمع نفسه، وبصورة متناقضة مع خطاب تساحي هنغبي الذي سمعت فقط القليل منه بسبب تصفير الاستخفاف الذي يصم الآذان الذي رافقه. في هذه الأثناء تبين جزء بسيط من الحقيقة، نوع من التوافق بين الأشخاص الموجودين على المنصة والجمهور قلل من الحرج. مرة عن طريق تأييد أقوال لفني ومرة بالغيظ الشديد الذي وجه لتساحي هنغبي، ممثل اليمين.
الأغلبية المعتدلة استيقظت وجاءت إلى الميدان، رددت حركة «طريقنا» قبل التجمع. كتبت المديرة العامة للحركة بولي برونشتاين، في مقال نشر قبل التجمع الجمل التالية: «هذه السنة قررنا دعوة السياسيين أنفسهم إلى المنصة في التجمع السنوي لذكرى رابين الذين يمثلون الرؤى المختلفة بالنسبة للقتل وما سبقه وما أعقبه»، و«قتل رابين لا يعود لأحد، هو يعود للجميع في نفس الوقت».
في خطاب رئيس «طريقنا» كوبي ريختر، الذي تم التشويش عليه المرة تلو الأخرى من قبل جهات صممت على تخريب الاحتفال، قال إنه مسرور من رؤية علمانيين ومتدينين بين الجمهور، ويساريين ويمينيين وهكذا. لقد شاركت في عدد من تظاهرات اليمين، والكثير منها بقيادة الصهيونية الدينية. وأنا مستعد للمغامرة والقول بصورة مؤكدة إنني لم أر أي يميني أو أي متدين في ميدان رابين أمس.
المهمة التي أخذتها حركة «طريقنا» على نفسها غير ممكنة على الإطلاق
لا أغلبية ولا معتدلون. من كانوا في الميدان حقاً ـ الذي كان مليئاً أقل بكثير مما كان في تظاهرة الفخار أو تظاهرة الدروز ضد قانون القومية ـ هم يساريون غاضبون جاءوا لتعظيم ذكرى الزعيم الأخير لهم، الذين يشعرون أنه يجب عليهم فعل شيء ضد حركة الكماشة لنظام اليمين التي تنقض عليهم، بدلاً من انتظار إبادتهم بشكل بائس وجبان وحزين في البيت.
المحاولة الفظة لدمجهم في يمين متخيل، الذي استجاب لأمر تجنيد ما، ليست محاولة تثير الشفقة فحسب، بل هي أيضاً غير منطقية. بالأساس في الوقت الذي أجزاء تتزايد في اليمين، يتحررون من أربطة الأخلاق الأخيرة ويقترحون إلغاء حدث ذكرى قتل رابين أو حتى يتهمونه بقتل شعبه. هذا ليس اختراعاً جديداً، أجل، في وقت القتل كان هنا أشخاص كثيرون لم يحزنوا على قتل رابين فحسب، بل إنهم فرحوا به. أما اليوم فالفرق هو أنهم يقولون هذا علناً وبكل بساطة.
أنا لا أنوي الاستخفاف من برونشتاين أو ريختر، أو أغضب «طريقنا». لقد وضعوا أنفسهم في مرمى الانتقاد لأن المهمة التي أخذوها على عاتقهم غير ممكنة، وبنفس القدر أيضاً هي ذات إشكالية. رسائلهم تذر الرمال في عيون كل إسرائيلي يجب أن يعرف أين يعيش. لا يوجد شعب واحد في إسرائيل. هذه الحقيقة لن يغيرها افيف غيفن الذي عاد إلى الميدان، ولا كليبات مقترنة بصور إيلان رامون أعدت للضغط على بلوتوث الفن الهابط. في إسرائيل معسكران سياسيان في صراع فظيع على صورة الدولة، أحدهما قام بتربية شخص قاتل نفذ جريمة ضد الدولة من الدرجة الأولى وقتل بصورة عنيفة وبربرية رئيس المعسكر المقابل. وهذه هي كل القصة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف