انتهت انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة في ما يمكن تسميته غراند فينالا – النهاية الكبرى – مؤتمر صحفي استدعاه الرئيس ترامب الى البيت الابيض، واعلن فيه الحرب على الحزب الديمقراطي، على وسائل الاعلام وعلى السياسيين الجمهوريين ممن ابتعدوا عنه. اني اتابع عن كثب السياسة الامريكية منذ ولاية الرئيس نيكسون في السبعينيات من القرن الماضي. ولكن مثل هذا المشهد لم أره. سألت امس زملاء امريكيين – فهم ايضا لم يروه.
انتهت الانتخابات بالتعادل. بدلا من حسم الصراع الذي يقسم المجتمع الامريكي الى قسمين، فاقموه فقط. وبانتظار الجمهوريين والديمقراطيين على نحو شبه مؤكد ان يقضوا السنتين القادمتين في مشادات يومية كل طرف منهما يتهم خصمه بكلأمراض امريكا. هذه بشرى غير طيبة للامريكيين على جانبي الخصام، وبشرى غير طيبة لكل حكومة في العالم تريد مصلحة امريكا.
لقد أمل الامريكيون في موجة زرقاء – زقاء كلون حزبهم – تجرف الساحة السياسة الامريكية من الشاطيء الى الشاطيء. فخاب ظنهم. عاد مجلس النواب ليكون لهم. بعد ثماني سنوات جمهورية، ولكن الاغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ تعززت.
في الماضي ادى التعادل في صندوق الاقتراع غير مرة الى التعاون بين الحزبين – الطراز الامريكي لحكومات الوحدة الوطنية عندنا. هذا ليس ما يحصل في عصر ترامب. فالزمن مختلف والرجل مختلف. براك اوباما حاول جسر هذه الهوة وفشل. ترامب يبني على الهوة وهو يحتفل بها.
المؤتمر الصحفي امس كان أولا وقبل كل شيء مسرحية نرجسية. فقد منح ترامب الثناء البالغ بنفسه. تحت رئاستي تزدهر امريكا مثلما لم تزدهر ابدا، وهي واثقة مثلما لم تكن واثقة ابدا. الشعب سعيد ويحبه، السود والاسبانيون سعداء ويحبونه، زعماء العالم يدقون بابه، وهو يحقق ما لم يحققه اي رئيس آخر في الماضي، في كل مجال مهما كان.
جهة واحدة فقط تكرهه: وسائل الاعلام. ولكن ترامب معروف كفنان الصفقات. ولهذا فقد عرض على وسائل الاعلام صفقة: اكتبوا في صالحي وانا سأغير النبرة. صفقة مشابهة عرضها على نانسي بلوسي الديمقراطية التي ستعود كي تتولى رئاسة مجلس النواب. كوني معي وانا سأتعاون معك. ولكن اذا تجرأ مجلس النواب على أن يشرع في تحقيق ضدي فاني سأحرض على ان يشرع مجلس الشيوخ في تحقيقات ضد اعضاء مجلس النواب. واقالة جيف ساشنس هي مجرد البداية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف