في يوم الاثنين الماضي في جزء مغلق من جلسة حزب الليكود قال بنيامين نتنياهو الاقوال التالية: “الشعوب تحترم الاخلاق حتى حد معين ويحترمونني أكثر. نحن نكفر بعقيدة الاحتلال. اذا كان الاحتلال هو الموضوع فهناك عدد من الدول تحتل دول اخرى ولا أحد يتحدث بأي كلمة عنها. دول كبرى معروفة. لم ينبس أحد ببنت شفة عن تركيا وشمال قبرص”. من المعروف أن هذه الاقوال غرقت على الفور في المياه الضحلة التي تقع بين الحيونة الاخيرة لاورن حزان وجنسوية اليعيزر شتيرن.
لقد مرت 30 سنة فقط في العمل السياسي، ولكن أخيرا سمعت الحقيقة من نتنياهو (همست في غرفة مغلقة بالطبع): الاحتلال ليس هو الموضوع. السكان الموجودين تحت الاحتلال ليسوا مهمين. ملايين الاشخاص الذين تسحق حقوقهم يوما بعد يوم، والذين حياتهم ليست حياة – لا يهمون رئيس حكومة اسرائيل. هو لا ينشغل بذلك. القوة هي الأمر الوحيد المهم. القوة اليهودية. ومن هذه الناحية فان نتنياهو بالذات راض. “من المهم طرح هذه الامور لأنها تحدثت عن تسونامي، بأنه يجب حل القضية الفلسطينية”، قال نتنياهو في الجلسة. “هذا لا يجب أن يوقفنا امام النجاح السياسي الكبير الذي نحققه”.
في الانتخابات المحلية اختار سكان كريات اربع تغيير ملاخي لفنغر، في حين أنه بالنسبة لسكان الخليل لم يتم اجراء انتخابات. في جنوب جبل الخليل بنى الناس بؤر استيطانية على ارض مسروقة، في حين أن سكان الخان الاحمر مرشحون للاخلاء. المستوطنون يحق لهم البناء بسبب “التكاثر الطبيعي”، والسكان في المناطق لا يسمح لهم بتخطيط المباني – “وفقا لتعليمات المستوى السياسي”، كما اعترف مؤخرا رئيس الادارة المدنية. “سكان” عديمي الانسانية، يمكن الدوس عليهم أو “استبدالهم” مثلما تتم اعادة البضاعة في البقالة.
رغم هذه الامور الفظيعة من الجدير قول شيء ما عن تلك القوة التي يتوق لها نتنياهو مثل جائزة القيثارة الهوليوودية. القوة هي أكثر من مجمل القوة الاقتصادية والعسكرية للدولة. اقتصاد اسرائيل وقوتها العسكرية متعلقتان بتحالفاتها، وهذه متعلقة، ضمن امور اخرى، بقيمها. اسرائيل وثيقة الاستقلال هي دولة حازت ما يكفي من القوة من اجل الدخول الى تحالف مع الولايات المتحدة والدول الاوروبية. اسرائيل نتنياهو تزحف وراء كل طاغية محلي مستعد لنقل السفارات.
الدول القوية لا تنجر لمساعدة فيكتور اوربان الهنغاري الذي حملته الانتخابية تنضج باللاسامية، أو زئير بولسونرو البرازيلي الذي يتحدث عن اعادة الديكتاتورية العسكرية في بلاده. ولكن يبدو أنه خلف المصالح التي تقع في اساس سلسلة هذه التحالفات تختفي ايضا شراكة قيمية. ذات مرة تعامل هنا رؤساء الحكومات مع حلف الاقليات، والآن تقدموا الى حلف المجذومين.
مقولة نتنياهو لم تحظ تقريبا بأي اهتمام. لم يطلب احد منه أن يوضح اقواله وأن يشرح كيف تتوافق مع الاكاذيب التي اطلقها في خطاب بار ايلان. ربما لم يتوقعوا منه قول الحقيقة.
عن مستقبل المناطق ترتفع وتسقط انتخابات في اسرائيل ورئيس الحكومة يعتقد أنه من المشروع الحفاظ على الغموض. من السهل فهم ذلك مع الأخذ بالاعتبار السياسة التي يؤيدها. الاكثر صعوبة هو فهم لماذا يقبل الجمهور بخضوع هذه الاهانة.
نتنياهو ربما تحدث عن علاقات دولية، لكنه يؤيد السياسة عديمة القيم والمسممة بالقوة حتى في الميدان السياسي. اذا لم نتوخى الحذر فان اسرائيل ستكون أكثر شبها لدمية في يد نتنياهو: دولة بارانويا تتحدث عن “الاخلاص”، ولكنها تتوق الى الاستخذاء، دولة كل مواطنيها هم اعداء محتملين. نحن نقف على شفا الهاوية، وفي الاسفل يظهر لنا وجه نتنياهو.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف