رئيس الحكومة لم يتصل ليقدم التهنئة؟ الحديث لا يدور عن فوز في اليوروفيجين ولا حتى عن الميدالية في الجودو في اذربيجان. الجائزة الوطنية لحقوق الانسان في فرنسا ستمنح هذا الاسبوع لـ "بيتسيلم"، هذا فخر إسرائيلي، شرف وعزة.
هكذا كان الاستقبال الجماهيري في إسرائيل: "هذه ليست جائزة، هذا عار. بيتسيلم هي منظمة يجب وقف نشاطاتها"، هذا ما قالته وزيرة الثقافة ميري ريغيف؛ "فرنسا لا يمكنها الادعاء بأنها لا تحارب اللاسامية"، قالت نائبة وزير في مكتب رئيس الحكومة، ميخال اورن؛ "عار وعدم اخلاق... جائزة للمعارضين لحق عودة اليهود إلى صهيون"، قال محرر قسم الرأي في صحيفة "يسرائيل هيوم"، درور ايدار؛ "يجب استدعاء سفيرة فرنسا لمحادثة توبيخ"، قالت جمعية جنود الاحتياط "الحقيقة الخاصة بي".
الجائزة ستمنح هذه السنة لمنظمات تقع ضغوط في بلادها. سوية مع "بيتسيلم" فازت أيضا جمعية "الحق" الفلسطينية ومنظمات حقوق انسان من الصين، كولومبيا، نيجيريا وروسيا البيضاء. وإذا احتاج أحد ما إلى اثبات لماذا تستحق "بيتسيلم" الجائزة، ليس فقط بفضل نشاطها الهام الذي يثير الاحترام، بل أيضا كمنظمة تقع تحت ضغط وملاحقة في بلادها. الردود في إسرائيل جاءت وقدمت هذا الاثبات. في الصين ونيجيريا وكولومبيا وروسيا البيضاء ردوا بالتأكيد بصورة مشابهة. أيضا في إسرائيل لا يحبون حقوق الانسان. إسرائيل هي في قائمة الدول الديكتاتورية.
لا توجد حاجة للتحدث اكثر عن دور بيتسيلم وعن الشرف الذي تعطيه للدولة، أكثر من أي لاعب جودو أو مطرب؛ وكذلك ليس على هذا سيتم رمي اورن وريغيف وامثالهما بسرعة في سلة قمامة التاريخ. في حين أن بيتسيلم وامثالها سيذكرون كآخر حماة الجمرة. التجديد هو أن منظمة إسرائيلية تحظى بجائزة لأنها مضطهدة في بلادها. هذا لم يحدث في السابق.
منظمات واشخاص في إسرائيل فازوا في السابق بعدد غير قليل من الجوائز الدولية على نشاطاتهم في الدفاع عن حقوق الانسان تحت الاحتلال. الآن هم أيضا يعتبرون مضطهدين. لذلك، يجب عدم تجاهل الردود التاريخية ازاء الجائزة التي منحت لجمعية معلومات، والتي لا يمكن التشكيك في مهنيتها ومصداقيتها، والتي حتى الجيش الإسرائيلي يستخدم تحقيقاتها. المراقبون في الجيش يعرفون ذلك. لهذا فهم يصرخون بهستيريا شديدة.
بيتسيلم هي من الأواخر الذين يضعون المرآة امام وجه المجتمع الإسرائيلي. مرآة هو لا يريد أبدا النظر فيها.
يتسيلم تظهر إسرائيل اليوم. لهذا فإن "إسرائيل اليوم" لا يمكنها تحملها. تقريبا كل تقرير لبيتسيلم كان يجب نشره في وسائل الاعلام الإسرائيلية. تقريبا كل تقرير للمنظمة يتم رميه من قبل معظم الإسرائيليين في سلة القمامة. المشاهد التي تنعكس في مرآة بيتسيلم قبيحة. لذلك، إسرائيل تبعد نظرها. ولكن حتى الآن بيتسيلم لم تلاحق، والاعضاء اليهود فيها عملوا بحرية. أيضا اسحق رابين اراد دولة بدون بيتسيلم (وبدون المحكمة العليا)، لكن لم يخطر بباله العمل على تشكيلها.
إسرائيل الحالية ليس فقط تريد دولة بدون بيتسيلم، بل هي أيضا تعمل على انهائها. وزير الأمن السابق أفيغدور ليبرمان سمى قادة الجيش الإسرائيلي الذي هو جيش احتلال متوحش جدا "السلام الآن". من الواضح أنه كان سيقيل معظمهم لو استطاع ذلك. ولاية اخرى لحكومة اليمين وسيتم اتخاذ مثل هذه الاجراءات.
وزير الداخلية يقوم بالعمل على رفض تعيين نائب رئيس بلدية في حيفا انتخب بشكل قانوني، فقط بسبب مواقفه، وزير الامن الداخلي يجد العزاء ازاء سلسلة فشله المحرجة في ملاحقة نشطاء حقوق الانسان. رجال شرطة السير يسحبون رخصة قيادة نشيط من اليسار، فقط بسبب مواقفه، كما قررت المحكمة بخصوص غاي هيرشفيلد. مطار بن غوريون يطرد سياح بسبب مواقفهم. وبدون أن ينتبه الضفدع، حرارة المياه التي تطبخ فيها تزداد بالتدريج والنهاية معروفة مسبقا.
الملاحقة الكبيرة بدأت، بشكل بطيء وبدون ازعاج. السبل سيتم استنساخها من التي تستخدم ضد الفلسطينيين. التجربة نجحت. ومن عليهم الدور هم الفلسطينيون الإسرائيليون وبعدهم اليساريون اليهود. فقط انتظروا الاعتقالات التي لن يوقفها أحد.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف