لقد كان للعقيد اودي تسور قائد لواء الأغوار، شيئاً مستعجلاً جداً ليقوم به في الساعة السادسة صباحاً في يوم الثلاثاء 18 كانون أول: لقد وقع على أمر بإغلاق منطقة معينة (حظر الدخول والمكوث) استناداً لصلاحياته كقائد عسكري في منطقة يهودا والسامرة. بأمر مطبوع، أرفقت به خارطة، كما هو مطلوب، حُدّدت بصورة واضحة المنطقة الممنوعة: “مزرعة أوري“. سريان المنع: من الثامنة صباحاً من نفس ذلك اليوم حتى الثامنة مساءً، وهذا الأمر لا يسري على من يسمح له القائد العسكري بالمكوث في المكان.
الكلمتين “مزرعة اوري” تظهران 5 مرات في الأمر وفي الخرائط المرفقة، هذا المواطن أوري هو مهم جداً، بحيث أن العقيد يبكّر في النهوض من أجله. أوري، الذي ليس من المعروف اسمه الكامل، هو مواطن عزيز على الدولة، عزيز على قلبها وعزيز على جيبنا، والعديد من رجال الجيش ينشغلون بالأمر الذي وُقع من أجله: العقيد المذكور أعلاه، ورجل القضاء العسكري المجهول الذي صادق نظرياً أو فعلياً على الأمر، ومن طبع بصيغة معيارية كلمات “مزرعة أوري“، ورئيس مكتب التنسيق، الجندي الذي أخذ من المطبعة نسخ الأمر، والسائق العسكري الذي أحضر الحبر للمطبعة، ومن اهتم بوضع الأمر بأيدي الثلاث مجندات والجندي المقنع، من أجل أن يستخدمونه للهدف المحدد له: أن يلوحون به في وجه نشطاء حقوق الانسان الاسرائيليين الذين وقفوا على شارع في غور الأردن، وإبلاغهم بانهم موجودون في منطقة عسكرية مغلقة، بالمناسبة هذا كان كذباً، كذباً فظاً، وذلك لأن النشطاء كانوا بعيدين عن المنطقة التي حُددت في الخارطة كمنطقة مغلقة.
مزرعة أوري هي بؤرة استيطانية غير مرخصة وغير قانونية، وحتى بالمفاهيم المتساهلة لقوانين اسرائيل الكولونالية، وأقيمت قبل حوالي سنتين داخل المحمية الطبيعية أم زوكا، بالقرب من معسكر كتيبة “أسود الأردن“. وكما هو مقبولفي “يشعستان” (كنتون الضفة وغزة)، فإنه بالرغم من أوامر وقف العمل التي أصدرت ضدها، فإن البؤرة الاستيطانية توسعت وازدهرت. يوجد لديها قطيع من الأبقار، ومؤخراً بدأ سكانها يزرعون على أراضي فلسطينية واقعة في المحمية.
ساكنو البؤرة الاستيطانية، مثل زملائهم في عشرات البؤر والمستوطنات الأخرى في الضفة الغربية، يحرصون أيضاً على وصية “خوِّف واطرد” فهم يهددون الرعاة الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة ويبعدونهم عن أراضي رعيهم. وحتى ظهور هذه البؤرة الاستيطانية، فإن الفلسطينيين في شمال الغور كانوا يرعون في المنطقة وفي المحمية الطبيعية دون ازعاج. هدف التخويف والطرد واضح: إذا مسست بمصدر رزق شخص فسوف يضطر للمغادرة.
في يوم الثلاثاء صباحاً رافق النشطاء الراعيين أيمن وذياب من القرية الصغيرة سمرا، والذين رعوا أغنامهم في الجانب الغربي من شارع 5788. أحد رجال البؤرة الاستيطانية مرّ بسيارته التندر عن النشيطين، والذان كان من بينهما جاي هيرشفلد، واللذان وقفا على الشارع بالقرب من مدخل المحمية، توقف ذلك الشخص، صوّر ما صوّره، وشوهد وهو يتلفن لشخص ما، وبعد ذلك واصل سفره. في هذه الأثناء انضمت أيضاً نشيطتان من منظمة “مراقبةالحواجز” (محسوم ووتش)، من بينهما دفنة بناي.
“سيارة هَمِر عسكرية مرّت من امامنا ،قالت بناي لهآرتس، “وذهبَت لاتجاه “مزرعة أوري، في الطريق الترابي المرصوفة بالبسكورس ذو النوعية العالية والذي شُقت هذه من أجلها. بعد حوالي 10 دقائق عاد الهَمر وتوقفت بالقريب منا، نزل منها جندي ملثم ومجندة، وداخلها بقيت مجندتان، المجندة لوّحت بعدد من الأوراق وقالت: ممنوع عليكم التواجد هنا، هذه “منطقة أوري” ويحظر الدخول إليها بدون إذن منه“. بناي قالت أن المجندتين كانتا لطيفتين ومهذبتين، ولكن الجندي “كان فظاً وعنيفاً. لقد خطف بالقوة الأمر من أيدي أحد النشطاء، عندما أراد هذا النظر فيه، وطرد بتهديدات بالعربية ( من نوع سأفعل الفاحشة بك) الرعاة الفلسطينين الذين رعوا أغنامهم وأوشك على ضرب غاي.
الجندي، والذي كانت لغته الأم العربية، استدعى أيضاً الشرطة لطرد “مخالفي الأمر “كما يبدو“، ولكن الشرطة أبلغته بعد حوالي ساعة انها لن تحضر. تهديدات الجندي للرعاة أجبرتهم على العودة مبكراً للبيت مع الضأن والأغنام.
لقد ورد من المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي رداً على ذلك: “في يوم الثلاثاء الماضي 18 كانون أول 2018، وردنا تقرير عن خرق أمر منطقة عسكرية مغلقة في منطقة أم زوكا الواقعة في غور الأردن. قوة عسكرية أرسلت إلى النقطة، من أجل فحص التقرير وذلك كجزء من النشاط المعتاد للجيش الاسرائيلي للحفاظ على النظام العام، ومنعا لاحتكاك في المنطقة. طبقاً لأمر الإغلاق، فقد طلب من النشطاء عدم الدخول، راعي الأغنام طلب منه مغادرة المنطقة المغلقة. على خلفية الادعاءات بشأن سلوك غير سليم من قبل القوة أثناء عرض الأمر أجري معهم استجواب، وتم تجديد وتوضيح الاجراءات بهذا الشأن.
رداً على ذلك أكد هرتشفلد لهآرتس، ان الأمر الذي عُرض عليهم كان يسري فقط على منطقة البؤرة غير القانونية، في حين أن الرعاة والنشطاء كانوا بعيدين عنها. ” محاولات مشابهة لطرنا وطرد الرعاة بذريعة غير صحيحة، حدثت أكثر من مرة في الماضي، وحتى الشرطة تفهم ذلك“، وأضاف “منذ سنتين ونحن نراقب التجمعات في ذلك المكان بسبب مضايقات متكررة من جانب الجماعة الموجودة في البؤرة الاستيطانية وقوات الجيش الخاضعة لها، من المؤسف رؤية استخدام “أفضل أبنائنا” لهذا الهدف من خلال تشويه الواقع وإطلاق الأكاذيب.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف