رسالة مفتوحة لأيمن عودة.
السلام عليكم، “صح بدنك”. المثل العربي واسع الانتشار في اوساط الفلاحين والعمال في وادي عارة يقول “لا تخلف النار إلا الرماد”. الامر لا يحتاج الى دكتور في الكيمياء، يا سيدي، من اجل أن يفهم أن الرماد لا يمكن أن يشتعل مرة اخرى. فليست فيه حرارة ولا طاقة ولا حياة.
حتى الآن كنت رماد. قلت لك ذلك شخصيا، ووبختك على صفحات صحيفة “هآرتس”. حذرتك. لقد صعدت من مقعد جماعة مفتخرة، على جدران ناديها معلقة صور لعظماء: اميل توما، توفيق زياد، توفيق طوبي، مئير فلنر، محمود حصري، تمار غوجنسكي. بعد ذلك كان حجم خيبة الأمل بالطبع، كم هذا عادي، بقدر حجم الأمل.
لقد اعتقدت أنه أخيرا جاء شاب مثقف، ولد وترعرع داخل النظام السياسي الاسرائيلي، محامي، إبن مدينة حيفا التي فيها يوجد تعايش حقيقي، كما يبدو سيتحدث “بلغتهم”، بعبرية طليقة. لقد تسلمت القلعة، الحاجز، الرصاصة الاخيرة، اقوال الشاعر محمود درويش في سياق آخر، اللبنة الاخيرة التي كانت للعرب (أنت بيقين تريد القول “للفلسطينيين”، ليكن ذلك) ضد مؤامرات الصهيونية، ضد نية تطبيق حلمهم – وطن بلا شعب اعطي لشعب بلا وطن. لقد تسلمت في يديك الحركة الوحيدة التي منعت الصهيونية من شطب ذكر العرب في فلسطين.
زعماء هذه الحركة دفعوا ثمن شخصي باهظ. تمت مطاردتهم وتعذيبهم ونفيهم داخل وطنهم، لكنهم حاربوا ايضا بأسنان لم تكن لهم، لأن “اذرع الامن” قامت بقلعها. حربهم لم تنجح ولم تصل حتى الآن الى نتائج تقترب من النصر. حقا، نحن العرب مواطني اسرائيل، نعيش في نظام يوجد على شفا الابرتهايد. الاحتلال مدمر، قتل المستوطنين يعربد، ويد اليمين الفاشي القديم والجديد تتحول اكثر فأكثر الى وسيلة للتدمير وهي تتفاخر بذلك.
ولكن لهؤلاء القادة كانت توجد ايديولوجيا. ماذا يقول أبناء عمومتنا؟ كان لهم عمود فقري. لقد تمسكوا بمبادئهم ولم يخضعوا في أي يوم لضغط الصهيونية والشباك، لكن من المهم اكثر أنهم لم يخضعوا في أي يوم للشعبويين والديماغوجيين والخونة من ابناء شعبهم، شعبنا. دولة اسرائيل حاولت اخضاعهم بألف طريقة ابداعية ومحكمة، حيث أن “الرأس اليهودي يخترع اختراعات”. ما الذي لم يفعلوه من اجل انهيار القلعة التي ورثتها؟ كل بضع سنوات هناك خدعة جديدة، مرة حزب يتجاوز من اليمين ومرات كثيرة وكأنه يتجاوز من اليسار، وبالطبع السلاح المدمر هو الدين. لقد قاموا بالتحريض عليكم وعلينا الحركة الاسلامية التي اقاموها، ولم ينجحوا.
لقد دمرت كل شيء، في عهد مملكة الظلام خاصتك، اثبت أن من جاء كما يبدو من موقع مناسب ممتاز لهذا المنصب هو في الحقيقة ظل شاحب وبائس، الى جانب تصميم هؤلاء الزعماء، الذين تقريبا كلهم كانوا بدون درجة اكاديمية. ولكن النضال اليومي حصنهم ورفعهم الى درجة زعماء الجيل.
لقد استسلمت لـ “كل ما يتحرك”. بلد والزعبيون فعلوا بك العجائب مع عروضهم. الحركة الاسلامية قامت بتضليلك وايهامك. كيف تحولت الى حليفة لك؟ هؤلاء اعداؤك، اعداؤنا، اعداء الاشتراكية والعدالة، كيف تحولوا الى حلفاء لك؟ احمد الطيبي استخف بك على طول الطريق، وكأنه حليف، لكنه فعل كل ما يشاء وكما يريد، بما في ذلك التحالف مع الخائنة للامة العربية قطر. ملف الطيبي سميك على القراءة أمامك هنا. ولكن هنا يوجد احتمال غير قليل في أن يتجاوزك في الانتخابات القادمة. يا للعار ويا للخجل.
لقد حولت حداش الى نادي للاثرياء الجدد الحضريين، بدلا من حركة عمال وفلاحين مقاتلة، لم يبق من ايديولوجيتها سوى المطرقة والمنجل. معظم تماثيل لينين تم تدميرها، واذا اقتبست كارل ماركس فان الناس سيبتسمون اظهارا للشفقة. ليبتسم من يؤيدون ترامب والاخبار الكاذبة، ليبتسم من يؤيدون ميرتس الشماليين، البيض، الشبعى والمترفين. ولا تصدق الشعارات الفارغة لتمار زندبرغ، الزعيمة مثلك التي تسلمت حزب يسار فاخر وخانت مبادئه ودمرته.
دور حزبك، يا سيدي، لم ينته من العالم. واذا سألتني فهو لن ينتهي أبدا. ورغم التغييرات التي مر بها ويمر بها المجتمع العربي في اسرائيل، إلا أنه ما زال مجتمع لناس عاملين وفلاحين بحاجة الى حركة اشتراكية حقيقية تحميه. حيث أن الهستدروت الصهيونية خانت العمال منذ زمن. هذا بسيط جدا: الذين قتلوا في حوادث عمل في مواقع البناء وفي المصانع هم إما من العرب أو من العمال الاجانب. وهذا يهم الهستدروت مثلما أهم أنا بيونسا.
لذلك، توجهت اليك لتهنئة الفلاحين أبناء الارض بمباركة جدي المتوفي التي كان يوجهها للفلاحين الفقراء الذين عملوا معه “صح بدنك” (أن يكون جسمك معافى). هكذا ببساطة، وليس هاي وليس السلام عليكم، وليس بأي عبارة مباركة اخرى. الفلاح الذي يكسب رزقه بصعوبة، المرتبط بسنابل القمح وعناقيد العنب والتراب وازهار الزيتون التي كان يخشى جدا من قدوم البرد لتدميره، وفي نفس الوقت يصلي للامطار من اجل ريه، لأن “امطار الربيع افضل من المحراث وزوج الثيران”. هذا الفلاح ايضا اذا كان الآن هو عامل بناء أو موظف في شركة هايتيك فهو ما يزال يحتاجك، للاشتراكية. لقد تخليت عنه، لقد جروك الى العروض الاستعراضية وعروض ستوديوهات الزعبي وشركائها م.ض. الطيبي والاسلامية قاموا بشلك وكأنهم اصحاب البيت وليس أنت، رغم أنهم شركاء صغار.
أنت ما زلت تمسك بقرون القائمة المشتركة. استيقظ، فالوقت ما زال غير متأخر. قم بتفكيك القائمة المشتركة اللعينة هذه وامض قدما. اثبت لنفسك أولا بأن الايديولوجيا ما زالت توجهك، ليس المنفعة ومنافع العاب المقاعد البرلمانية.
لا تجعلنا نتذكر اولئك الزعماء وفي نفس الوقت المثل العربي “بدلت غزلانها بقرودها”.
أنت ما زلت تستطيع، وعلى كتفك وضميرك هناك مسؤولية تاريخية. هل تفهم جسامة دورك؟.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف