موشيه ديان كان شخص كثير المواهب. سياسي له رؤية مشوشة ولكنها شجاعة، شخص مهذب. بنيامين نتنياهو ليس ديان، ليس مغروس هنا حقا، مؤهل وبليغ لكنه نتاج مستورد ضرب جمهوره.
عشية حرب الايام الستة تم طرح طلب من الجمهور لتعيين ديان وزيرا للدفاع. حزب العمل أزاح ليفي اشكول من هذا المنصب وأحضر ديان ليتقاسم مع رئيس الاركان اسحق رابين هذا النصر. ديان اصبح حبيب الشعب.
غولدا مئير وموشيه ديان فازا في انتخابات 1969 بانجاز غير مسبوق لحزبهما: 56 مقعدا. وفي انتخابات 1973 وصل المعراخ مع الشعور بأنه ليس له بديل. ديان كان درع اسرائيلي شعبي، ومعه غولدا التي سيطرت على الحكومة بقبضة حديدية. عند اندلاع حرب يوم الغفران بشكل مفاجيء تبددت اسطورة ديان وكأنها لم تكن. كثيرون شعروا بأنهم مخدوعين، كل الهالة انهارت مرة واحدة.
بعد الحرب جاء محللو الأثر الرجعي واحصوا اخطاء حكومة غولدا – ديان. لأنها لم تقرأ اشارات انور السادات. الرفض سيطر بشكل كبير، بعد اربع سنوات طرح السادات الموضوع الفلسطيني باعتباره الموضوع الرئيسي للعالم العربي، الامر الذي وجد تعبيره في اتفاق السلام.
نتنياهو ليس ديان بخيره وشره، هو أصلي أقل وطموح أكثر. خلافا لديان الذي قال احيانا امور حقيقية متشائمة، فان نتنياهو مليء بالاكاذيب. ايضا هو يتجاهل اشارات العرب ويطمح الى أن يثق الجمهور به. نتنياهو حول اسرائيل الى دولة لديها مظاهر عنصرية ومهددة للديمقراطية. من يؤيدونه على قناعة بأنه يمثل ثقافة قوة ردع.
ولكن الحقائق الرئيسية يجب عدم تجاهلها. اسرائيل هي دولة أقلية في الشرق الاوسط العربي. لن يكون لها حل وجودي حقيقي دون تغيير علاقاتها مع الفلسطينيين والعالم العربي.
هذا الامر لا يقف في مركز الحملة الانتخابية. قاعدة نتنياهو مقتنعة أن الجمهور سيثق به. من يؤيدونه يتجاهلون بالطبع التهديد المحتمل على اسرائيل – ايران وحزب الله في الشمال، وحماس المحاصرة في الجنوب، والسكان الفلسطينيين المهانين في الضفة الغربية. الحملة الانتخابية تتجاهل كل ذلك، حيث أن التحذير من اخطار حقيقية يعتبر مقاربة “يسارية” الجميع يهربون منها.
ولكن نتنياهو ليس ديان في زمن الهالة، وحتى ليس نتنياهو السابق. من بقي له ليتشاور معه، ليس هناك موشيه يعلون أو دان مريدور أو بني بيغن. هل سيتشاور مع يوآف غالنت واوفير اكونيس وميري ريغف؟.
نتنياهو هو شخص يحتضر قانونيا وليس سياسيا. في دفاعه عن نفسه هو ينزل علينا بتسلئيل سموتريتش وميخائيل بن آري، اللذان سيعملان فقط على اجتثاث أعدائنا مهما كانوا.
حزب ازرق ابيض يمكن أن يكون حزب سلطة، لكنه ايضا شريك في ابعاد النقاش السياسي لاعتبارات انتخابية. حتى لا تقف مواقفه في المستقبل الى جانب مقود الدولة.
نتنياهو لا يريد نقاش موضوعي، هو يتحدث عن الانجازات ويهرب من الاخطار الكبيرة. فقط اغبياء سيصدقون مقولة “بيبي أو طيبي”، وهي مقولة من صياغة نتنياهو.
نتنياهو ليس ديان الجديد. الدرس تم تعلمه. ولن نثق بأي نشوة كاذبة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف