من حظ بنيامين نتنياهو، أن غابي اشكنازي لم يكن في حينه في استديو أخبار 12 حين دخل بيبي اليه، بعد قليل من التاسعة مساء من يوم أمس. فقد قال اشكنازي أمس انه كان سيبقى فقط كي ينظر لنتنياهو في العينين ويفعل له “ايتسيك مردخاي”. انظر لي في العينين، يا بيبي، كان اشكنازي سيقول لنتنياهو، أجبني لماذا اجبرتني على شراء غواصة سادسة؟ لماذا نفيت انك صادقت للالمان بيع غواصات للمصريين والان انت تؤكد؟ أي سر رهيب محظور كشفه لوزير الدفاع ولرئيس الاركان؟ كيف يحتمل أن يكون المستشار القانوني يعرف الان هذا السر، ولكن وزير الدفاع ورئيس الاركان لا يعرفانه؟
ما الذي دفع رئيس وزراء اسرائيل لان يقع على نحو مفاجيء في داخل استديو اخبار 12 في مقابلة بالبث الحي والمباشر، لم يشهد لها مثيل هنا منذ سنوات جيل؟ ما الذي حفز بنيامين نتنياهو لان يودع منطقته المريحة، من مكتبه المحصن والمتزين باعلام اسرائيل ورمز الدولة، من “بلفور” الاسطوري، من استديو “الليكود TV“؟ ما الذي لاذعه ودفعه لان يودع (بأسى) الاسئلة الصعبة من اليراز سديه أو من المحققين المتشددين للقناة 20 والسير نحو ميدان اطلاق نار ملغوم يجلس فيه صحافيون مهنيون (نعم، عميت سيغال ايضا) يفترض بهم أن يسألوه اسئلة قاسية؟
تقدير:
التقدير هو أن استطلاعات عميقة لدى نتنياهو، وكذا نهاية الاسبوع غير السهلة مع العائلة النووية، بكل معنى الكلمة. لقد وقعت لنتنياهو مصيبة استراتيجية في الاسبوع الماضي: قضية الغواصات عادت، معه أو بدونه، وهو مشبوه أو فقط ابن عم، ليس جيدا لنتنياهو أن تطفو الغواصات على سطح الماء، ليس جيدا له ان يتبين انه بالتوازي عقد صفقات بالملايين بأسهم تلامس، بشكل غير مباشر، تيسنكروف، ليس جيدا له ان ميكي غانور يتقلب والجمهور يبدأ بالفهم بانه يحتمل أن تدفن قضية الغواصات دفنة حمار. لقد فهم نتنياهو بان له مصلحة استراتيجية فورية: أن يشطب قضية الغواصات من جدول الاعمال. وعندها سارع الى الاستديو، ولكنه بدلا من أن ينزل الغواصات عائدة الى تحت سطح الماء، فانه أعطى اكسجينا للقضية، منحها بضع لحظات مجد اخرى وبث به الحياة. برأيي هذا خطأ جسيم.
قبل ساعة من نتنياهو جلس في الاستديو اياه رئيس الاركان الاسبق غابي اشكنازي. وضرب بيبي في نقطتين ضعيفتين: الغواصات، وبالاساس الاذن لالمانيا ببيع غواصات هجومية متطورة لمصر، والاقوال التي اقتبست من مقابلة اعطاها قبل عشرات السنين للكاتب البريطاني سيرمكس هستينغز عن جنود غولاني. اشكنازي يتحدث كرجل غولاني. مصوتو نتنياهو يحبونه ويصدقونه. ونتنياهو يعرف هذا. فسارع الى الاستديو كي يعطل الضرر الذي الحقه به اشكنازي. ما كان ليركض الى الاستديو لو كان هذا بوغي او لبيد أو غانتس. وكان من الافضل له لو لم يركض على الاطلاق.
في موضوع المضمون، كانت لنتنياهو لحظات سيئة ولحظات طيبة. السيئة كانت اكثر من الطيبة. كالمعتاد، لم تكن الدقة جانبه الاقوى. فهو يسقط مرة اخرى في تفاصيل غريبة. هكذا مثلا حين روى انه عين جدعون ساعر في منصب وزير الامن الداخلي (حاول ان يشرح لماذا أبعد اردان عن وزارة الاتصالات). ساعر لم يكن وزيرا للامن الداخلي. لعله سيكون. هكذا كان حين شرح بانه باع اسهمه قبل سنة ونصف من شراء الغواصات. ليس صحيحا. الغواصة السادسة التي دفع نتنياهو باتجاه شرائها بخلاف موقف جهاز الامن، اشترتها اسرائيل بينما كان يحوز الاسهم اياها. الغواصة السادسة هامة لموضوعنا حتى اكثر من الغواصات الثلاثة التالية بعدها. فأحد ما سيتعين عليه، بما في ذلك المستشار القانوني للحكومة، ان يفهم هذا.
نقطة الضعف الاكثر دراماتيكية لنتنياهو هي المصادقة للالمان ببيع ثلاث غواصات هجومية لمصر. واعترف امس، لاول مرة بانه اعطى المصادقة. الامر الذي كان نفاه في الماضي. والتفسير؟ هذا ما لا يمكن كشفه. فقد قال نتنياهو: “هذا سر”. سر لا يعرفه وزير دفاع دولة اسرائيل، رئيس الاركان لا يعرف، جهاز الامن لا يعرف. جهاز الامن الذي نشر الاسبوع الماضي فقط بيانا قال فيه ان بيع الغواصات لمصر الحق ضررا استراتيجيا لاسرائيل.
لقد جاء ليتباكى: اعطوني وقتا، طلب، مثلما اعطيتم لغانتس: فتلقى ضعفا. وقال بعض من مؤيديه بعد ذلك ان كيرن مرتسيانو لم تتعامل معه بلطف. فقد اعتادوا على ما يبدو على شمعون ريكلين واليراز سديه. لقد قامت مرتسيانو امس بعمل رائع. عميت سغال الى جانبها، في وضعية غير بسيطة، اضاف اسئلة هامة. وبالتوازي، بث في القناة 13 مقدمة لتحقيق دروكر عن غانتس (في هذه الصحيفة ايضا نشر تحقيق عن غانتس، زائد عدة منشورات غير مثنية). ولكن نتنياهو لا تهمه الحقائق. فهو دوما سيتباكى، سيشتكي، الكل ضده ومع خصومه. حتى عندما يكون يسيطر على قسم هام من وسائل الاعلام الاسرائيلية فانه لا يزال هو المظلوم. وهناك من يشترون هذا.
كذبة اخرى وردت امس: الدولة أنفقت مئات الملايين على تحقيقه. لم يكن وليس له أي اساس. ليس للشرطة مئات الملايين للتحقيقات على مدى سنة كاملة في كل المجالات، وبالتالي هل ذهب كل هذا على بيبي؟ قال هذا ردا على سؤال اولي، بسيط، اساسي، سأله عميت سيغال. وها هو بكلماتي: انت تتباهى بانك تفهم في الاقتصاد، انت تتباهى بصفقة كسبت فيها في غضون ثلاث سنوات قرابة 4 ملايين دولار، فكيف حصل أنك غير مستعد لان تدفع لمحاميك من جيبك؟

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف