وهي معصوبة العينين وأيديها مكبلة للخلف، وقفت أول أمس المحامية عيدي لوستغمان في غرفة 301 في المحكمة اللوائية في القدس، وشرحت لماذا يجب اطلاق سراح المصور الصحافي مصطفى الخاروف من سجن المرشحين للطرد الذي يعتقل فيه دون محاكمة منذ سبعين يوما. وشرحت ايضا لماذا طرده الى الاردن غير ممكن لأنه ليس مواطن أو حتى مقيم فيه. وليس لديه أي صلة به مثلما ليست له علاقة ومكانة في أي دولة اخرى في العالم.
القاضي ايلي افربنال اصغى بأدب، وبتهذيب اشار الى أن بكاء آسيا، إبنة مصطفى وعمرها سنة ونصف مزعج. العمة اخرجتها من الغرفة وهي تبكي. الأم تمام بقيت لسماع النقاش الذي لم تفهمه لأنه جرى باللغة العبرية. القاعة الصغيرة كانت مليئة بعائلة مصطفى، ومصورون وصحافيون من زملائه. فقط مصطفى (31 سنة) لم يكن حاضرا. فالمحكمة نسيت استدعاءه من سجن جفعون.
القاضي افربنال لم يرفع القيود والعصبة التي لا ترى. لأنه كان منشغلا بتصفح المادة السرية، التي بسببها تبرر وزارة الداخلية رفض طلب الخاروف لجمع شمل العائلة مع زوجته المقدسية وابنته، وقرار طرده الى أي دولة. صلاحية الشباك تلغي قوانين القضاء والبراءة، وحتى عندما لا يكون متهم بأي شيء. هكذا، على مقعد من يجب عليه الرد، جلست ليس فقط المحامية رحيل ابراهام التي تجيب باسم وزارة الداخلية على الاستئناف الاداري ضد قرار الطرد ورفض طلب جمع شمل العائلة. لقد جلس هناك ايضا المحامي المجهول من قبل الشباك، وبعد قليل سينضم اليهم ممثل آخر من الشباك، الذي احتراما للسرية المخصصة له وللمعلومات التي في يده على ما يبدو في يده، طلب من جميع الحاضرين من جانب الملتمس مغادرة الغرفة بمن فيهم المحامية لوستغمان.
ومثلما في الاعتقال الاداري، لوستغمان كان مطلوب منها الدفاع عن موكلها بدون أن تقدم لها بينات، كما يبدو. ومثلما في الاعتقال الاداري، العقوبة التي تفرضها اسرائيل على الخاروف هي الانفصال غير المحدد بزمن عن أبناء عائلته، والطرد من البلاد ومن مدينته التي يعيش فيها منذ جيل الـ 12 سنة، وأنه بسبب المماطلة المشهورة لوزارة الداخلية لم يحصل على مكانة مقيم في اسرائيل عندما جاء الى البلاد مع والده المقدسي.
وأيديها مكبلة اكملت لوستغمان اقتباساتها من الاحكام ومن العقل السوي، حتى أنها فصلت الاخطاء الغريبة التي قامت بها وزارة الداخلية (الادعاء بأن الخاروف هو مواطن اردني، أو اعتقاله لأنه مقيم غير قانوني رغم الالتماس ضد الطرد أو الابعاد). السفير الاردني قال لها إنه منذ اعتقال المصور الشاب أي جهة في اسرائيل لم تتوجه لبلاده من اجل تسوية موضوع الابعاد. أصلا المملكة لن تقبله، قال، لأنه ليس مواطنا فيها. صحافي من التلفزيون الاردني قال في الرواق إن الملك عبد الله اشار في خطابه الى أن الاردن يعارض طرد المقدسيين من مدينتهم، وهو بالتأكيد قصد مصطفى الخاروف، هكذا خمن.
بعد ساعة ونصف، عندما الشخص المجهول من الشباك غادر، والغرفة 301 تم اخلاءها، قال القاضي للوستغمان والعائلة إنه في المواد الاستخبارية التي عرضت عليه توجد مادة متنوعة من السنوات الخمسة – الستة الاخيرة، تؤكد الادعاء أن الملتمس شارك في نشاطات مؤيدة للتنظيمات الارهابية ومنها حماس. هذا غريب، في البداية اتهمته وزارة الداخلية بعلاقة فقط مع حماس، والآن لسبب ما اضيف المزيد من التنظيمات. “أنا اصدق مصطفى”، قالت لوستغمان، “عندما يدور الحديث عن لقاءات ومحادثات مع اناس مختلفين في اطار عمله كمصور، لم يتم استدعاءه للتحقيق على هذه الاتهامات، وهو لم يعتقل أو يحكم عليه. كيف سمحوا له بالتجول بحرية لسنوات كثيرة اذا كان يشكل خطرا كهذا على الجمهور؟”.
عندما تكون الكلمة الاولى والاخيرة للشباك فهل مسموح لنا الأمل مع ذلك بأن اقوال الدفاع والقانون التي اسمعتها المحامية لوستغمان ستتغلب على عصبة العينين والقيود؟.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف