لا يزال في اليسار الإسرائيلي مَن لا يعرفون أين يعيشون، ومن أجلهم من المفيد أن نوضح لهم النقاط التالية:
هذه الولاية ليست الأخيرة لبنيامين نتنياهو: العديد من مؤيّدي الديمقراطية، وسلطة القانون والقيم الليبرالية في إسرائيل ما يزالون يعتقدون أن نتنياهو سيضطر إلى الاستقالة من رئاسة الحكومة قريباً، وسيحاكَم. هم لم يروا أن أغلبية الناخبين اليهود في إسرائيل (حق الانتخاب للعرب هو رسمي وتقني فقط، ويرفض اليهود إعطاءهم أي تأثير في بلورة ملامح الدولة) صوتوا مع نتنياهو أو مع أحزاب موالية له شخصياً أو لنهجه، على الرغم من الشكوك الجنائية ضده، وأحياناً بسببها.
من المحتمل أن هؤلاء لا يهمهم، أو أنهم اقتنعوا بالحجج المشوهة بأن ما يجري هو مؤامرة يسارية - تآمرية من الشرطة والنيابة العامة. في الحالتين، فإن أغلبية الجمهور تقف وراء كتلة اليمين - الحريديم التي تساوي 65 عضو كنيست، وهي لن ترفع صوتها إذا حصل نتنياهو على الحصانة ولم يحاكَم، ما دام يشغل منصب رئاسة الحكومة. اليساريون، الذين ينتظرون قرار المستشار الحكومي بعد جلسة الاستماع له والمقتنعون بأن نتنياهو سيجلس على مقاعد المتهمين بعد صدوره، وحتى سيُرسَل إلى السجن، هم ساذجون ويعيشون بحسب سلم قيم قديم يعود إلى النخبة القديمة، ولم يعد يتلاءم مع المجتمع الإسرائيلي الحالي.
نقول بوضوح إن أغلبية صلبة من اليهود وضعت نتنياهو فوق القانون. يمكن أن نسمي ذلك ديمقراطية، ويمكن أن نغضب ونصرخ، لكن من فضلكم وفروا علينا صراخكم ومفاجآتكم عندما سيتبين أن نتنياهو لن يحاكَم. هذا متوقع، استفيقوا. بعد الولاية الخامسة ستأتي أيضاً الولاية السادسة.
كتلة الوسط - اليسار لا تتألف من 55 عضو كنيست، هذا قول وقح. بعد تصرُّف رئيس «أزرق أبيض» العنصري، وإقصائه أعضاء الكنيست العرب وإعلانه عدم التعاون معهم، لا يحق لجمهور ناخبي «أزرق أبيض» أن يعتبروا أعضاء الكنيست العرب ضمن كتلتهم، المؤلفة فقط من «أزرق أبيض» ومن حزب العمل و»ميريتس». أي 45 عضو كنيست فقط. هذا كل شيء. أقل بـ20 عضو كنيست من كتلة اليمين - الحريديم. وهذا أمر بائس، لا يشكل أساساً للأمل بالتغيير. في جميع الأحوال، لا يشكل أملاً واقعياً بعكس أمنيات وأوهام أشخاص ليس لديهم فكرة أين يعيشون. كذلك اعتبار زعماء في «أزرق أبيض» - أشخاص مثل موشيه يعالون، وبوعاز هاندل وتسفيكا هاوزر - كأنهم ينتمون إلى «وسط - يسار» هو خطأ حقيقي. هؤلاء أشخاص يمينيون واضحون. صحيح أنهم يؤمنون بسلطة القانون، لكن فقط لليهود. وليس لديهم أي مشكلة في تطبيق سياسة أبرتهايد في المناطق. وهذا يقودنا إلى البند التالي.
نتنياهو سيضم. إسرائيل هي دولة أبرتهايد ثنائية القومية: يساريون رصينون (لا أقصد الذين كتبوا برنامج «ميرتس» الانتخابي) يعرفون منذ سنوات أن حل الدولتين مات. وأيضاً أنه لن يتم إخلاء أي مستوطن في الضفة الغربية حتى خارج كتل المستوطنات. سيصبح الضم في الولاية القريبة لنتنياهو (وليس الأخيرة) رسمياً. ليست هذه نبوءة غاضبة مريرة تنبع من مزاج يائس، بل هي انعكاس حقيقي للواقع. وليس لدى أي من أحزاب كتلة الوسط - اليسار الوسائل لمواجهة هذا الواقع. وهذا يقودنا إلى البند الأخير.
من المؤسف أن «ميرتس» اجتازت نسبة الحسم: يتعين على اليسار أن يستوعب حقيقة أن على «ميرتس» وحزب العمل أن يختفيا، لأنهما استنفدا دورهما التاريخي. وكذلك أيضاً الأحزاب العربية. إن السبيل الوحيد للتغلب على دولة الأبرتهايد الثنائية القومية هو من خلال إقامة حزب يهودي - عربي جديد، حقيقي، يناضل من أجل أن تقوم هنا دولة جميع مواطنيها متساوون.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف