الخدعة شفافة الى درجة الاضحاك: بدايتها أن بيبي لا يدفع لمحامييه، الاسباب كثيرة. السبب الاول هو أنه يجد وراثيا وجينيا صعوبة في الدفع. الثاني هو أنه لا يتذكر أين وضع ملايين الشواقل التي حصل عليها/ ربحها/ جمعها. الثالث هو أن هدف بخله هذه المرة ليس فقط أن يجمع المال، بل أن يبدد الوقت. لأنه في الظروف الحالية “الوقت” لبيبي هو ليس فقط المال، بل هو ايضا الحرية. لذلك هو لا يقوم بالدفع. محاموه غاضبون (أو يظهرون أنهم غاضبون). وكانتقام هم يقررون أن لا يأخذوا مواد التحقيق ولا يستعدوا لجلسة الاستماع. هذه عقوبة يصعب تحملها. بيبي ينجح فيها ببطولة، وفقط ضحك هستيري يزعج احيانا عمق ألمه.
من لا يوجد في أيديهم مواد تحقيق ولا يحصلون على أتعابهم، يطالب محامو نتنياهو بالتأجيل. المستشار القانون لا يوافق. الزملاء المخضرمون يقولون إنهم سيتوجهون الى المحكمة العليا. لماذا المحكمة العليا؟ ضد من؟ وما هو موضوع التوجه للمحكمة العليا؟ كل ذلك غير واضح.
في هذه الاثناء ستمر اشهر.
بيبي يواصل عدم الدفع. المحامون يقدمون التماس للمحكمة العليا، وهي بدورها لا تعرف ماذا يريدون مما تبقى من حياته. ولماذا ستتدخل في النزاع بين صاحب بيت بخيل وبين عماله الذين لم يدفع لهم أجور؟ ليقدموا دعوى ضده. ليذهبوا الى التحكيم. ليذهبوا الى محكمة دينية. ما شأنهم والمحكمة العليا. ثلاثة اشهر اخرى تمر.
بالاساس، لوائح الاتهام تتباطأ. وفي المقابل، سن القوانين السموتريتشية يتقدم. حصانة، تبرئة، استقواء، قوة لا تعرف الحدود. ولكن يجب الاسراع. اذا سبق لوائح الاتهام تشريع المعفي فلن يكون لها مبرر. حتى المحكمة العليا التي اجتازت فترة صعبة لن تسارع الى المصادقة على قوانين بأثر رجعي. هذا مسموح فقط في قضية النازيين ومن ساعدوهم.
الزمن يمر ويمر. وعلى هذه الخدعة يمكن العودة مرة تلو الاخرى. وسنحظى برؤية محامي بيبي يريدون اغلاق الملفات بسبب التقادم.
لقد حان الوقت لأن نذكر نقطة واحدة منسية تتعلق بجوهر وظيفة المحامي. في القانون الانجليزي، أبو القانون الاسرائيلي، يعتبر المحامي أمين المحكمة. وبهذه الصفة، حتى في القانون الاسرائيلي فان التزامه للمحكمة والادارة السليمة والمنطقية للاجراءات القانونية لا تقل عن التزامه بموكله. مثلا، المحامي الذي يتم ارساله من قبل موكله من اجل الكذب عن وعي في المحكمة، يجب عليه رفض ذلك، حتى لو كان هذا الكذب سيفيد موكله. ولكن المسألة تبدأ بالتعقد عندما يحاولون تحديد أين بالضبط يمر الخط الاحمر الذي يفصل بين التزامه تجاه المحكمة والتزامه تجاه موكله.
هل ارسال محامين من اجل ممارسة اكاذيب عبثية، ومضايقة قانونية لا اساس لها هدفها تبطيء بدرجة كبيرة اجراءات القضاء، ليس سحق كبير لالتزام المحامي كأمين للمحكمة؟ هو ملزم بمساعدة المحكمة، لا أن يضع العصي في دواليبها. وبالنسبة لبيبي وجيبه الفارغ، يجدر بالمستشار القانوني أن يرسل الى مقره جميع صناديق ملفات التحقيق ومعها عبارة صغيرة معروفة لكل من يشاهدون الافلام البوليسية “اذا لم تتمكن من استئجار محامي فسيتم تعيين محامي لك من قبل النيابة العامة”، حيث أنه من اجل هذا الهدف تم تشكيل هذا الجسم: توفير محامين للفقراء مثل بيبي.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف