ماذا ستفعل الآن حفنة الاسرائيليين الذين في نظرهم النضال ضد الاحتلال هو أمر يسبق أي موضوع آخر؟ ماذا سيفعل الذين لا يوافقون على العيش في دولة ابرتهايد؟ نتائج الانتخابات لم تبق أي مكان للشك: لا يوجد في اسرائيل قوة مهمة لمعارضي الاحتلال. من يؤيدون الضم فازوا على من يؤيدون استمرار الاحتلال. هذه هي القصة. صحيح أن هناك مصوتين من ازرق ابيض وغيرهم كانوا يريدون التخلص من هذه الحدبة، ولكن هذا الامر غير ملح بالنسبة لهم. كراهية بنيامين نتنياهو والفساد والاورفزيون هي امور تسبق لديهم ذلك بكثير. وماذا بالضبط سيحدث حسب رأيهم، الذي سيؤدي الى انهاء الاحتلال؟ لا شيء. هذا امر غير فظيع.
الاقلية غير المستعدة لليأس لا يوجد لها ما تبحث عنه في ساحة النضال العام في اسرائيل. لا يوجد من يمكن الحديث معه، ولا يوجد ما يمكن التحدث عنه. لا يوجد شريك في اسرائيل. لا يوجد أحد يشتري هذه البضاعة. لا يوجد تقريبا مقاتلون، باستثناء الحفنة الشجاعة والمصممة. يمكن انتظار حدوث معجزة. وربما كارثة. ويمكن الانتقال الى الساحة الوحيدة التي يمكن أن تبعث على الأمل – الخارج. هذه هي الساحة التي حسمت في نهاية المطاف مصير النظام في جنوب افريقيا، وهذه هي الساحة التي ربما ستحسم ذات يوم ايضا مصير النظام في اسرائيل – فلسطين. لا يوجد في هذه الاثناء غيرها.
الادعاء بأن الامر يتعلق بعملية غير ديمقراطية تحاول تجاوز ارادة الشعب يعبر بالطبع عن ذروة لا توصف من الوقاحة. هو يشبه الادعاء بأن العقوبات التي فرضت على جنوب افريقيا كانت تدخلا في الشؤون الداخلية. ايضا هناك كانت انتخابات ديمقراطية للبيض فقط. واغلبية البيض حقا قالوا رأيهم وأيدوا الفصل العنصري. وماذا في ذلك؟ هل كان لذلك علاقة بالديمقراطية؟ هل المجتمع الدولي كان يمكنه أن يجلس مكتوف الأيدي؟.
الاحتلال ليس موضوع اسرائيلي داخلي. بينه وبين الديمقراطية لا توجد علاقة. يهود اسرائيليون يسيطرون بالقوة العسكرية الوحشية على فلسطينيين هم موضوع دولي. بالضبط من اجل ذلك تشكلت مؤسسات دولية وتوجد سياسة خارجية. بالضبط من اجل ذلك يوجد ايضا قضاة في لاهاي. ملايين الفلسطينيين لم يتم سؤالهم خلال 52 سنة عن رأيهم، لذلك لا يوجد الكثير من الامور الملحة التي على المجتمع الدولي التدخل فيها. هذه ليست فقط ساحة مشروعة، هذه ساحة الزامية ايضا للاسرائيليين.
هذه الساحة تبث رسائل متناقضة، يوجد فيها اشارات على عدم الاهتمام والتعب من النزاع الذي يرفض التوصل الى حل له. القومية المتطرفة، التطرف نحو اليمين، كراهية الاجانب والخوف من الاسلام، تعزز الدعم للكولونيالية الاسرائيلية. ولكن في نفس الوقت يوجد ايضا تزايد لاصوات جديدة، ثورية تقريبا، غير مستعدة لقبول ذلك. في اوروبا وفي امريكا قام جيل لم يعرف الكارثة وهو غير مستعد لقبول الاحتلال. لا يوجد الآن مصدر أمل أكبر من التغييرات المدهشة في الحزب الديمقراطي الامريكي وفي حزب العمال البريطاني. صعود هذه الاحزاب للسلطة يمكن أن يبشر بلغة دولية جديدة تجاه اسرائيل. هناك دول فيها فقط ينتظرون الاشارة للانضمام.
سقوط الاحتلال يمكن أن يكون دراماتيكي وليس تدريجي، والبرج الورقي الذي يبدو في هذه اللحظة في ذروة قوته، مع الدعم الدولي الاكبر الذي حظي به في يوم ما، من شأنه أن ينهار مرة واحدة. هذا ما حدث في جنوب افريقيا. الصيغة بسيطة: تفكيك المعادلة القائمة، التي تقول إنه يجدر باسرائيل والاسرائيليين مواصلة الاحتلال. طالما أن هذه المعادلة قائمة، وهي حاليا قائمة، فلا توجد احتمالية للتغيير. في اللحظة التي فيها أحد مركباتها يتم تفكيكه، سيبدأ الاسرائيليون بسؤال انفسهم للمرة الاولى في تاريخهم، هل كل ذلك يستحق، وهل هم مستعدون لدفع الثمن. الاجابة واضحة. هناك القليل من الاسرائيليين الذين سيكونون مستعدين للتنازل عن مستوى حياتهم من اجل عوفرا، التي لم يكونوا فيها في أي يوم ولن يكونوا.
يجب العمل في الساحة الدولية بدون أي شعور بالذنب، لأنه فيها يكمن الاحتمال الوحيد. هي تستصرخ اصوات اسرائيلية اخرى. “سنوب، هل قمت بالقاء محاضرات في اسرائيل”، يسألوني بين الفينة والاخرى. ولكن في البلاد لا يوجد أي اهتمام بالاحتلال. على الاغلب ايضا يذكرون الخيانة. الخيانة هي للصامتين في البلاد، وأكثر من ذلك في الخارج.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف