كل جولة قتالية بين الجيش الاسرائيلي وحماس (والجهاد) منذ حملة الرصاص المصبوب في 2008/2009 تنتهي بتعادل خاسرين. هكذا حصل ايضا في الايام الثلاثة الماضية. قتل اناس، دمرت حياة، تفاقمت صدمات – وكله عبثا. عدنا مرة اخرى، نحن وغزة، الى النقطة ذاتها. الى المأزق ذاته. لا توجد فرحة نصر لا في غزة ولا في القدس، فقط شعور الخسارة المتبادلة.
معقول إذن الافتراض بان ما حصل في نهاية الاسبوع الماضي كان الجولة القتالية الاكبر الاخيرة بين دولة اسرائيل ودولة غزة. تعالوا ألا نوهم انفسنا: لن تكون “ضربة ساحقة” اخرى ولن تكون “عودة الردع” اذ لم يعد ممكنا اعادته.
غزة لن تنتعش اقتصاديا حتى لو اقرت اسرائيل بان يدخل اليها 200 مليون دولار اخرى من دول الخليج. من اجل انعطافة حقيقية يجب استثمار العديد من مليارات الدولارات فيها، وهذه لن تأتي الى قطاع غزة قبل ان تعود السلطة الفلسطينية للحكم فيها.
يوم المصالحة بين حماس وم.ت.ف قريب إذن اكثر مما يخيل. يحتمل جدا ان يندرج في خطة التسوية لترامب التي تقوم ضمن امور اخرى على اساس اعادة توحيد غزة والسلطة الفلسطينية تحت عنوان “فلسطين الجديدة”.
عناصر محتملة اخرى في الخطة: نزع كل سلاح حماس، ضم اسرائيلي للكتل الاستيطانية زائد مستوطنات منعزلة، عدم تغيير مكانة الاماكن المقدسة ومسؤولية بلدية اسرائيلية عن كل القدس (التي ستكون ايضا، تصريحيا، عاصمة “فلسطين الجديدة”) ومسؤولية امنية اسرائيلية حصرية على غور الاردن. ويوجد ايضا تسريب يقول ان فلسطين الجديدة ستكون مجردة، تشتري خدمات الامن القومي من اسرائيل وتجري انتخابات ديمقراطية مثالية. لا يمكن للفلسطينيين ان يشتروا العقارات في البلاد وبالعكس. ولا كلمة عن اللاجئين.
الجانب الاقتصادي في التسريبات مشوق بقدر لا يقل: تأجير بعض مناطق سيناء لفلسطين الجديدة لبناء موانيء وبنى تحتية لغزة، شق طرق سريعة وجسور بين غزة والسلطة الفلسطينية، فتح الحدود بين اسرائيل وفلسطين بقسميها للعبور الحر للبضائع والاشخاص ومساعدة خارجية بحجم 25 حتى 35 مليار دولار في خمس سنوات، منها الثلثان على الاقل على حساب دول الخليج. ومن لا يوافق على الخطة لن يحصل على اي دولار من المساعدات الامريكية.
وسواء كانت هذه تسريبات جديدة أم ممجوجة لغرض افشال ترامب فان امرا واحدا واضح منها ايضا. اعادة الوحدة بين غزة ورام الله، تحت قيادة السلطة الفلسطينية هو الخيار الوحيد المعقول لانهاء المواجهات العسكرية. يبدو ان حماس ايضا، تحت قيادة جديدة مستعدة اليوم أكثر مما في الماضي لاقامة حكومة وحدة مع السلطة الفلسطينية ووضع قواتها العسكرية تحت قيادة السلطة الفلسطينية. قسما الشعب الفلسطيني، اللذان انفصلا تماما منذ 2006، سيعودان للارتباط. هذا هو التطور الذي ينبغي لاسرائيل أن تبدأ بالاستعداد له. عصر الجولات انتهى.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف