تحتفل اسرائيل غدا بعشية يوم الاستقلال الـ 71 فيما ستختلط البهجة بالاحتفالات بمعرفة الثمن، بالدم وباليأس، الذي جبته جولة العنف الاخيرة في غزة. أربعة مواطنين اسرائيليين و 25 فلسطينيا، قتلوا في معركة اخرى مضرجة بالدماء. مثل باقي الحروب، الحملات والجولات – تجسد احداث الايام الاخيرة المأزق السياسي.
حتى لو تحقق وقف للنار، من السهل التقدير بان قريبا سيستأنف العنف مرة اخرى، وصليات اضافية ستشل في الملاجيء قسما كبيرا من سكان اسرائيل وتؤدي الى مزيد من البؤس والقتل. أول من اعترف بهذه الحقيقة البشعة هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. نتنياهو اياه، الذي بخلاف حماسته لمصادرة وقت شاشة في كل ما يتعلق بحربه ضد سلطات القانون، امتنع عن الوقوف امام مواطني اسرائيل ليقدم لهم التفسيرات في لحظات الازمة والصافرات. امس قال في جلسة الحكومة: “المعركة لم تنتهي، نستعد لما سيأتي”.
وما هو ما سيأتي؟ ما هي خطة نتنياهو لليوم التالي؟ بعد أن ينهي مؤامرته لقطع الضفة الغربية عن غزة، لاضعاف السلطة الفلسطينية ولحفظ حكم حماس؟ ما هو الحل الذي يقترحه رئيس وزراء اسرائيل لسكان الجنوب المعذبين على مدى السنين في نمط حياة لا يطاق، وبقوة اكبر في السنة الاخيرة؟ كيف يعتزم مواجهة آثار المعادلة التي خلقها وبموجبها لا تفهم اسرائيل الا لغة القوة والعنف. وهي تعزز من يمس بمواطنيها وتضعف وتهين من ينفر من العنف والارهاب ويختار المسار السياسي؟
لشدة المفارقة، في عهد نتنياهو ليست حماس هي المردوعة بل اليسار الاسرائيلي، الذي يمكنه وينبغي له أن يشير الى خدعة الامن لنتنياهو والصراخ ضدها. في ضوء صمت سفينة العلم للمعارضة – قائمة أزرق أبيض – يجب العودة والقول ما يصر معظم الاسرائيليين على كبته: لا يمكن “ادارة النزاع”، لا يمكن اخفاء الشعب الفلسطيني ولا يمكن تجاهل مشاكله ومطالبه الشرعية – في الضفة الغربية وفي غزة – في الاستقلال وفي الحرية. الاحتلال يفسد كل قطعة طيبة في المجتمع الاسرائيلي ويلوح كالسيف المسلط من فوق رأس دولة اسرائيل، وسيواصل كونه خطرا اخلاقيا واستراتيجيا، ولا يهم ما تكون نتائج الانتخابات ومن يكون الرئيس في البيت الابيض.
ان مصيرا الشعب اليهودي والفلسطيني يرتبطان الواحد بالاخر سواء رغبا في ذلك أم لا. فسعادة ورفاهية الواحد متعلقة بالاخر، ولا يوجد اي سياسي او جنرال يمكنهما أن يشطبا هذا. اسرائيل لن تكون مستقلة حقا ابدا دون أن يحظى الفلسطينيون بمثل هذا الاستقلال. هذه الايام هي تذكير أليم بذلك.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف