هآرتس:

الضحية تحولت الى متهمة، والامر الذي شغل الرأي العام هو المخرج التلفزيوني لشركة "كودا للاعلام" وليس مصير سكان العيسوية
*

ما يجري في العيسوية الآن يوجد فيه كل شيء. اطار مشهد وطننا، هناك حرف انظار عن الاساس والانشغال بالامور الهامشية؛ تنكيل وجرائم احتلال بقناع الحفاظ على الامن؛ الايمان بأنه يمكن حل كل شيء بالقوة؛ وبالطبع رؤية اخرى للابرتهايد في بنتوستان آخر.

العيسوية هي هونغ كونغ الاحتلال الاسرائيلي، بدون أن تشمل النمو الاقتصادي بالطبع. ومثلما أن هونغ كونغ هي "منطقة ادارية خاصة" للجمهورية الشعبية الصينية، فان العيسوية هي منطقة ادارية خاصة للاحتلال. هنا توجد حرية نسبية. فقط سكان الدولة الاستبدادية يمكنهم الحلم بها، بما في ذلك حرية الحركة، التأمين الوطني والاقامة، في حدود تقررها الدولة الاستبدادية.

عندما يجتاز السكان الحدود، في نظر الدولة الاستبدادية، فان الدولة في "هونغ كونغ" تهدد بالعمل وهي تعمل في العيسوية. قريبا ستأتي بعثات من الخبراء الصينيين الى العيسوية للتعلم من الاسرائيليين كيف يقمعون شعب بطريقة تمثل نبراسا للغرباء.

العيسوية وصلت للحظة الى الوعي الاسرائيلي فقط بفضل مسلسل تلفزيوني فيه تم عرضها بصورة كاذبة على أنها اقليم مليء بالكراهية والأخطار، وايضا بفضل النبأ الذي نشره نير حسون عن غرس السلاح. ما حدث بعد ذلك هو أمر طبيعي: قوافل الضمير الاسرائيلي استيقظت للحظة من سباتها، لكنها فعلت ذلك بطريقتها، باجراءات فارغة وقلب الوظائف وادانات وخطوات واستنتاجات وطرد وسرعان ما اصبحت الصورة باهتة: الضحية تحولت الى متهمة، أحد المتهمين تحول الى ضحية والمتهم الاساسي يواصل حياته الطبيعية وكأن شيئا لم يحدث.

التهمة القيت على "كودا للاعلام"، ورام لندس تم الاعلان عنه كمحتل للعيسوية. هو من ناحيته اعتذر عن الخطأ وتجاهل ضحيته المباشرة، سامر سليمان. عندها جاءت صحوة الضمير الكبرى والمثيرة للحدث الاعلامي، الذي لم يكن مستعدا للصمت أكثر. على ماذا؟ على وقف الاتصال مع "كودا". ليس بسبب التنكيل في العيسوية أو تصرف رجال الوحدة السرية الخاصة، فقط "كودا" هي التي تهمهم. من لم يوقعوا في أي يوم على عريضة بشأن أي موضوع تجندوا لصالح لندس. احتلال العيسوية واصل التسبب في مللهم واثارة تثاؤبهم. مصير "كودا" هو الذي أيقظهم من سباتهم. حقيقة أن المتهمة الاساسية، شرطة لواء القدس والمسؤولين عنها، تواصل حياتها العادية بدون ازعاج، لم تهم أي أحد.

أمس نشر نير حسون في الصحيفة أن تنكيل رجال الشرطة في القدس بسكان العيسوية تواصل ايضا في ايام العيد. اقتحامات عنيفة للبيوت اثناء مآدب العيد بدون أي سبب، بما في ذلك اطلاق الرصاص المطاطي واعتقال بسبب حيازة مسدس لعبة. العيسوية وجدت في حالة حظر تجول في فترة العيد، من يزرعون الدلائل، من يزرع دلائل في التلفزيون يفعل ذلك ايضا بعيدا عن العدسات كعمل روتيني – يواصلون اعمال الزعرنة، والعملية التي أعلنوا عنها والتي هي ليست سوى تنكيل من اجل التنكيل، وربما ايضا من اجل التدريبات ورفع قائد اللواء الجديد، تواصلت رغم كل ما نشر عنها.

من اعتقد أن المنشورات ستوقف الشرطة ولو للحظة خاب أمله. لقد انتهى خجل الاحتلال منذ زمن. في السابق كانت قضية كهذه ستخفف عمل الشرطة ولو لفترة ما. لم تعد حاجة لذلك. الاحتجاج الوحيد هو على اقصاء المخرج التلفزيوني. "كودا للاعلام" تمت معاقبتها بشدة، لكن حتى الآن لم يتم التحقيق مع أي شرطي زرع أدلة.

القرية التي تقع على سفح الجامعة العبرية، منارة العلم والاكاديميا في اسرائيل، التي لم تهتم في أي يوم بما يجري تحتها وكأنها برج عاجي، تواصل كونها ضحية لعنف الشرطة ومصيرها لا يهم أي أحد.

ما يريدونه في هونغ كونغ يريدونه في العيسوية: الحرية والهوية القومية. استبداد الصين واستبداد اسرائيل لن يسمحا بحدوث ذلك. والفرق بينهما هو أنه لا يوجد أحد في العالم يقول إن الصين ديمقراطية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف