تراجعت في الآونة الأخيرة مكانة اللاجئ الفلسطيني فلسطينيا وعربيا وعالميا، لم يعد اللاجئ يحظى بتلك الأهمية التي جعلت قضيته الأولى، وحلها بإعادته إلى أرضه وممتلكاته التي هجر منها في العام 1948، هي المحور الأساس في جدول أعمال الشعوب وحتى أصحاب القرار.
أصبح اللاجئ الفلسطيني، خاصة بعد أزمة سوريا وما يحدث في لبنان هو المتهم الأول في أي مشكلة تحدث بالرغم من أنها حالات فردية لا تخلو من أي مجتمع، فلسطينيا كان أم حتى أوروبيا.
وما يحدث في مخيم اليرموك ومخيمات سوريا وصمت المجتمع الدولي عنها ما هو إلا دليل واضح على هذه المسألة، فاليرموك الذي يعاني من حصار منذ أكثر من عام اشتد من سبعة شهور، والمأساة الإنسانية المستمرة في حصد أرواح اللاجئين الفلسطينيين جوعا يوما بعد يوم، وارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين إلى ما يفوق 1800 شهيد منذ بداية أزمة سوريا، لم تحرك الأونروا، المعني الأول بقضية اللاجئين الفلسطينيين، أو حتى المؤسسات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ساكنا لحلها، سوى محاولات خجولة لا ترقى إلى مستوى وسمعة تلك المؤسسات. بل تقوم الأونروا بتخفيض وتقليص حجم مساعداتها الممنوحة للاجئين الفلسطينيين سواء في الداخل أم في مخيمات اللجوء بحجة العجز في الموازنة. وما حدث من حركات تضامنية وصلت متأخرة كانت دليلا إضافيا على تراجع وهج اللاجئ الفلسطيني وحجم دعم العالم له.
وما يعامل به الفلسطيني من تمييز في الدول العربية، وعدم تمكنه من مزاولة أعمال يبرع فيها او حتى أن يحصل على دعوة لزيارة إحدى الدول، فقط لأنه يحمل وثيقة سفر من البلد المقيم فيه ولا يسمح له بأخذ جنسية هذه الدول إلا إذا تخلى عن هويته الفلسطينية، فيقع هذا الفلسطيني حائرا بين وثيقة سفر لا تغني ولا تسمن من جوع وبين جنسية قد تفتح له مجالات عمل وسفر وغيرها بشرط تخليه عن فلسطينيته.
ليأتي جون كيري حاملا اقتراحاته بتوطين اللاجئين الفلسطينيين ليقدم الحل الأمثل، برأيه، لمشكلة اللاجئين التي توقفت عندها المفاوضات الحالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين بما يرضي الطرفين، فيصب زيته على النار المشتعلة أصلا في نفوس اللاجئين حول مصيرهم وما سيحدث لهم.
كل هذه عوامل دعت جل اللاجئين الفلسطينيين في البلاد العربية وخاصة في سوريا، للتفكير بمصيرهم وما هو قادم، هل سيتم ترحيلهم، هل سيحملون جنسية البلد الذي يقيمون فيه، هل سيعودون إلى أرضهم أم هل سيجرؤون على التفكير بأرضهم الأم.
وهج اللجوء الفلسطيني يخفت يوما بعد يوم، لم يعد اللاجئ يحظى بمكانة مهمة على جدول أعمال المؤسسات والوكالات وأصحاب القرار وحتى الشعوب. حلم العودة إلى فلسطين وبلداتها يختفي شيئا فشيئا، ليحل محله حلم الهجرة والإقامة والجنسية ثم الحياة والعيش الكريمين. ليبقى اللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم مشكلة حلها مفتوح على جميع الاحتمالات، ويبقى السؤال المطروح على كل طاولة تفتح للحديث عنهم: «كيف نتخلص منهم؟».

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف