وصف رئيس مركز الأمن القومي الإسرائيلي اللواء احتياط " عاموس يدلين " تقديمه لملخص التقرير الاستراتيجي السنوي الصادر عن المركز عام 2014 الأمن القومي الإسرائيلية عام 2013 بالمتوازن ايجابيا متوقعا بعض الإشكاليات الإستراتيجية والجوهرية المتعلقة بضرورات مواجهة المشروع النووي الإيراني ومتطلبات تسوية القضية الفلسطينية خلال النصف الثاني من العام الجاري .
ورصد التقرير الاستراتيجي في باب تعداده للعناصر" الايجابية" من وجهة نظر الأمن القومي الإسرائيلية ما اسماه بانشغال الجيش السوري في المواجهة الدموية الدائرة في سوريا ما أضعفه بدرجة كبيرة وافقده الكثير من تجهيزاته والوسائل القتالية التي كان يمتلكها إضافة لإجباره تحت الضغط على تفكيك برنامجه الكيماوي وتسليم مخزونه من الأسلحة الكيماوي كما نوه التقرير إلى انشغال حزب الله بما يجري في سوريا وانغماسه في الحرب الدائرة هناك ما يفسر عدم قيامه بأي رد على سلسلة من الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت ما قيل بانها قوافل أسلحة وصواريخ من سوريا إلى لبنان.
واعتبر التقرير الضرر الكبير الذي لحق بالاقتصاد الإيراني من العوامل الايجابية التي أثرت على توجهات القيادة الإيرانية الخاصة بالمشروع النووي الإيراني واستمرار تقدمها نحو إنتاج أسلحة نووية كما نوه التقرير إلى ما اسماه بإسقاط حكم الإخوان في مصر وعودة المؤسسة العسكرية المصرية إلى صدارة المشهد المصري متوقعا ان تؤدي هذه التحركات إلى بروز ما اسماه بالدكتاتوريات العسكرية الجديدة .
وتحدث التقرير عما اسماه بتداخل واسع للمصالح بين إسرائيل وبعض الدول العربية التي تنتمي إلى" المحور السني المعتدل"خاصة دولا خليجية وذلك انطلاقا من " رؤى مشتركة ومواقف متجانسة متعلقة بالموقف من إيران وسوريا ومصر وبالتالي ظهور أولويات متماثلة وتوقعات متشابهة تتعلق بالتغييرات التي يمر بها العالم العربي .
وأشار التقرير في باب الايجابيات وبركات " الربيع العربي" إلى تمتع إسرائيل بالهدوء شبه المطلق مع ارتفاع فعالية قوة الردع الإسرائيلية مقابل دول " الجوار" وكذلك مقابل ما أطلق عليه بمنظمات " الإرهاب" التي تسيطر على قطاع غزة ولبنان إضافة إلى استمرار العمل باتفاقيات السلام مع مصر والأردن والحفاظ عليها بالرغم من الإحداث والهزات التي يعيشها العالم العربي .
وانتقل التقرير من باب الايجابيات إلى باب الإشكاليات المتوقعة فرصد على المستوى السياسي – الأمني أربعة قضايا مفصلية أو مفتاحيه تشكل خلال الفترة القادمة تحديا للفكر والتخطيط الاستراتيجي الإسرائيلي وهي ، المشروع النووي الإيراني ، تسوية القضية الفلسطينية ، السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ، تداعيات ما اسماه بضعف السلطة المركزية في سوريا ومصر والأردن ولبنان على الأمن القومي الإسرائيلي .
وحذر التقرير فيما يتعلق بالجزئية الإيرانية من مخاطر ومغبة تبلور اتفاق " إشكالي" بين إيران والقوى الدولية العظمى يكرس إيران كدولة تقف على الحافة النووية عبر استمرار امتلاكها إمكانيات حقيقية وواقعية تسمح لها بمواصلة برنامجها النووي والدفع به قدما وذلك على خلفية ضعف خيارات الضغط على إيران والمتمثلة بالعقوبات الاقتصادية وغياب صدقية الخيار العسكري .
وفيما يتعلق بالمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية أشار التقرير إلى الأبعاد السياسية والأمنية المترتبة على عدم نجاح المفاوضات ما قد يؤدي إلى حملة دبلوماسية وقانونية تلاحق إسرائيل على الساحة الدولية بمختلف تفاصيلها إضافة إلى تعميق وزيادة مدى المقاطعة الاقتصادية مع احتمالية تطور ونشوء مواجهة عنيفة في الضفة الغربية وأخرى في قطاع غزة مع حماس والفصائل المسلحة .
ولفت التقرير إلى إمكانية أن تشكل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تحديا لإسرائيل في ظل التغيرات على طابع هذه السياسة على قاعدة الاهتمام الأمريكي المتزايد بما يجري في أسيا وكذلك ضعف النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط ما يفسر ارتداع الولايات المتحدة عن استخدام القوة في عدة مواضع وأماكن للتوتر في المنطقة " سوريا وإيران " والتركيز بدلا من ذلك على المسارات الدبلوماسية التي يمكن وصف بعض تفاصيلها أو أجزائها بالإشكالية من وجهة نظر إسرائيل التي تتابع نوع ومصادر التهديدات الناجمة عن استمرار " الهزة العربية " وتأثير هذه " الهزة " على الدول " المجاورة " مصر والأردن ولبنان ما قد يخلق حالة من عدم الاستقرار في هذه الدول مثلا قد يؤدي ضعف السلطة المركزية فيها إلى نشوء ظروف ومؤثرات تهدد الأمن القومي الإسرائيلي .
وحاول المركز في مؤتمره السنوي وتقريره الإستراتيجي الإجابة على السؤال الأساسي المتعلق بطبيعة البديل الذي قد يسود في العالم العربي بفعل استمرار " الهزة " خاصة بعد سقوط الإخوان في مصر واضعا الإجابة إلى هذا السؤال في باب الفرص عارضا عدة سيناريوهات تتراوح بين خطر انهيار دول وصولا إلى تعزيز القوى الإسلامية المتطرفة مثل القاعدة والسلفية الجهادية مرورا بتحول بعض الدول إلى "دول فاشلة "مشيرا إلى دمج ما يجري في سوريا بين الخيارين أي تحولها إلى دولة فاشلة وتنامي وجود القوى الإسلامية المتطرفة ما سينعكس على موازين القوى الإقليمية.
ويرى التقرير في هذه الإخطار بأنها أخطارا تنطوي على الفرص والتهديد بالنسبة لإسرائيل فمن ناحية تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في دول" الجوار" و إفساح المجال أمام قوى عسكرية وشبه عسكرية غير مرتبطة بالدولة للتمركز قرب الحدود الإسرائيلية ما يفاق من مخاطر الأمن اليومي الإسرائيلي كما يحدث حاليا في سيناء وما بدأ بالتطور قرب الحدود مع سوريا لكن والحديث للتقرير جميع هذه القوى لا تشكل تهديدا استراتيجيا لإسرائيل وينحصر تهديها بقضية الأمن اليومي أو كما تصفه المؤسسة الأمنية الإسرائيلي بالأمن " الجاري" .
" على إسرائيل إن تبلور عقيدة جديدة لمواجهة التطورات مع الأخذ بالحسبان خطا الاعتقاد بان هذه التنظيمات تمثل تسونامي يشكل تهديدا مركزيا لإسرائيل " خلص تقرير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في هذه الباب مشيرا إلى أن الفرص الإستراتيجية الإسرائيلية الكامنة فيما يشهد العالم العربي تفوق في عددها ونوعها وحجمها المخاطر وتتمثل هذه الفرص او بعضها في تفاقم الصراع بين ما يسمى بالمحور السني بقيادة السعودية والمحور الشيعي بقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية .
يمثل تفاقم الأوضاع وضعف المحور الشيعي في هذه المعادلة خاصة بعد ما حدث في سوريا فرصة وسعت هامش المناورة الإسرائيلية في الشرق الأوسط وافراز فرصا للتعاون بينها وبين دول المحور السني " جاء في التقرير الاستراتيجي .
وأكد التقرير الاستراتيجي على تفوق الفرص الكامنة في الربيع العربي على المخاطر والتهديدات التي تخوفت منها القيادة الإسرائيلية حين اندلاع الأحداث العربية قبل ثلاثة سنوات وهذا ما يفسر وصف التقرير للعام الماضي بأنه عام الفرص التي حققت ذاتها وعام تجسد العديد من المصالح الإسرائيلية وفي مقدمتها مصلحة استنزاف أعدائها وتحطيمهم خاصة ما يحدث على الجبهة السورية تحديدا.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف