أكد مصدر دبلوماسي لصحيفة العرب اللندنية أن إرجاء زيارة جون كيري وزير الخارجية الأمريكي إلى القاهرة أمس يعبر عن غضب واشنطن من طرح المبادرة المصرية للتهدئة في غزة قبيل وصوله،حيث كانت الإدارة الأمريكية تفضل طرحها بعد مغادرته، خاصة أنها علمت بتفاصيلها، وأبدت موافقة صريحة على بنودها.

وأوضح المصدر لـ”العرب” اللندنية،أن استباق طرح المبادرة قبل حضور كيرى ينطوي على رسالة مهمة،تصب في صالح استقلالية القرار المصري، الذي يحرص عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويشير إلى استمرار المناكفات بين القاهرة وواشنطن، وتتطلب الأمور وقتا حتى تعود إلى طبيعتها السابقة، خاصة أن الولايات المتحدة لا تزال لم تأخذ مواقف حاسمة من استئناف المساعدات العسكرية لمصر، وتعطل وصول طائرات الأباتشي إليها.

وأشار المصدر إلى أن طرح المبادرة المصرية في هذا التوقيت، معناه أن القاهرة قادرة على الإمساك بزمام الأمور، وأن من راهنوا على إحراجها قد فشلوا، فقد نجحت في استثمار الأجواء الضاغطة على الأطراف المباشرة، وقدمت مبادرة دعمها عربيا، ولاقت قبولا إسرائيليا، وستقبلها حماس، لأنها لا تزال حلقة ضعيفة، عكس ما تروجه عن نفسها.

وكان بدر عبدالعاطي المتحدث باسم الخارجية المصرية نفى الثلاثاء قيام كيري بزيارة القاهرة، بعد أن بثت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أمس الأول (الاثنين) خبرا أفاد بتأكيد هذه الزيارة، وبينما زعمت شبكة سي إن إن الأميركية أن الزيارة تأجلت لمنح الولايات المتحدة مصر فرصة لإعادة تأكيد نفسها باعتبارها وسيطا قويا في الشرق الأوسط.

وقال محمد مجاهد الزيات مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط إن المبادرة تعبر عن فهم واضح من القاهرة لطبيعة الصراع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ومنحت لكل طرف جزءا من طموحاته، فعلى سبيل المثال تضمنت المبادرة ضرورة وقف إسرائيل للأعمال العدائية على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا ووقف أي تهديدات للقيام بعمليات برية، وفي الوقت نفسه أشارت إلى ضرورة أن يلتزم الجانب الفلسطيني بوقف إطلاق الصواريخ.

وأشار الزيات الذي عمل سابقا في جهاز المخابرات المصرية، إلى أن المبادرة جرى التفاوض بخصوصها مع أطراف أخرى، والدليل على ذلك التصريحات الأميركية الإيجابية التى صدرت مبكرا.

يذكر أن حركة حماس أعلنت مواقف متباينة، عقب طرح المبادرة مباشرة، فهناك كلام عن قبولها وآخر عن رفضها، لكن المحصلة تصب في صالح القبول، فهي لم تعد تمتلك الكثير من الأوراق للمناورة، وفق ما يقول المراقبون.

وذهب طارق فهمي، خبير الشؤون الإسرائيلية والمقرب من دوائر صناع القرار في مصر، إلى التأكيد على أنه من المبكر الحديث عن رفض حماس للمبادرة، مشيرا إلى أنه ليست لها شروط سوى منح تسهيلات اقتصادية وفتح معبر رفح، والأمور الخاصة بإدارة القطاع.

وأضاف أن ما يقال عن أن حماس ستطلب شروطا وستتم الاستجابة لها، كلام عبثي وغير صحيح، لافتا إلى أن حماس أنهت الرسالة التي أرادت إبلاغها إلى تل أبيب من خلال صواريخها التي وصلت إلى العمق الإسرائيلي، وأصبح بأكمله مهددا من فصائل المقاومة، بعد أن وصلت الصواريخ إلى منطقة مفاعل ديمونة ونحال سورين والمدن الاستراتيجية في إسرائيل شمال نهاريا.

وأوضح اللواء مجاهد الزيات أن حماس لن تعرقل المبادرة المصرية وستقبل بها في النهاية، لأنها حركة براجماتية، وافقت قبل ذلك على شروط مماثلة لوقف النار، وهذه ليست أول مرة تتم فيها مفاوضات على هذا النحو، وإذا لم توافق ستعري موقفها أمام الداخل الفلسطيني، وستضع نفسها في موقف صعب، لأن المبادرة المصرية، توفر الحماية للمدنيين.

أما سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات فأكد أن الحركة لن تذهب بموقفها بعيدا، لأنها تعيش أزمة داخلية، ولم يعد لها ظهير شعبي في غزة، وحاولت أن تهرب إلى الأمام من أزمتها، عبر العملية العسكرية الأخيرة، وتدرك أن رفع سقف مطالبها سيؤدي إلى نكسة عسكرية لها.


لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف