يستحق معهد ابحاث السياسات الاقتصادية (ماس)،كل التقدير والاحترام على دور يقوم به في خدمة عمال فلسطين واحتياجاتهم الملحة لسياسات عماليه ترفع الظلم قليلا عن كواهلهم .لاسيما في ظرف تعطلت فيه لجنة السياسات العمالية وتخلت عن دورها في مجالات الحوار الاجتماعي والأجور والضمان الاجتماعي وتعديل التشريعات العمالية وتحديثها .
الثناء والاعتراف بالجميل لماس بعد ان نظم ودعى لعدد من اللقاءات والاجتماعات والورش لمناقشة قضايا عماليه واقتصاديه واجتماعيه رئيسيه وهامه كالضمان الاجتماعي الشامل والأجور وغيرها من قضايا السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعمول فيها في فلسطين .
اتت ورشة ماس الاخيره بعنوان ،تقييم مدى الامتثال لقرار الحد الادنى للاجور في المحافظات الشماليه (الضفه الغربيه )، لتفتح الباب على ضرورة واهمية شمول التقييم والحوار الموضوعي الهادئ من قبل المعنيين واولي الامر من الحركة العمالية والاقتصاديين والقيادة الفلسطينية ومن قبل جميع الغيورين والحريصين عل ىالوطن وكرامة ابناءه لاسيما العمال والمهمشين والفقراء منهم ...التقييم لجميع الجوانب والبرامج المتعلقة بالسياسات العمالية وعلاقتها بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية وبواقع التنمية والنمو وما يترتب على فشلهما من تحديات الفقر والبطالة والهشاشة الاجتماعية وضعف الصمود الوطني . كما دللت بوضوح على ان العامل الذاتي وعدم توفر الارادة لدى الاطراف المعنية بالسياسات هي العامل الحاسم والاساسي في عد الامتثال للحد الادنى للاجور . العامل الذاتي للحكومة بشان الاجور يتعلق بغياب وضعف التفتيش وبشكلية اللجان المتخصصة وبضعف القضاء وبعدم تطبيق القوانين والتشريعات ذات الصله، والعامل الذاتي للقطاع الخاص وللمشغلين واصحاب العمل المتعلق بضعف التمثيل والتنظيم من جهه ،وبالخوف من الخسارة والمخاطر عموما ...وبالتالي لا تتوفر ارادة التطبيق والامتثال لدى الطرفين الحاسمين في تشريع الحد الادنى للاجور وياتلفان بشكل معلن او مبطن ويعطلان الامتثال والتنفيذ ويتبادلان اختراع الحجج والمبررات الواهية لا لتعطيل القرار فحسب بل ولتعميق وزيادة معاناة العامل بمزيد من الاستغلال والافقار .
ويتجلى العامل الذاتي السلبي في الامتثال لقانون الاجور في ضعف الحركه النقابية بل في غيابها .. وسيعكس هذا العامل نفسه سلبا على ما سيأتي من قوانين وسياسات كالضمان الاجتماعي وتعديل قانون العمل وقانون النقابات وغيرها من احتياجات وأولويات عمالية ضرورية ولازمة . فبالرغم من حشد المناء العامين للاتحادين الرسميين وتسليمهما تقاليد الامور من بعدهما لنابيهما ،وبالرغم من حشد ممثلي القطاع الخاص ودهاقنة وزارة العمل المخضرمين في عوالم العمل والعمال ...الا ان هذا لم ينتج عنه الا حوارا ضعيفا وتفاوضا ذاتيا ومن لون واحد ولم يعط الا الحدود التشريعية الدنيا في الاجور ولم يساعد على الامتثال والتطبيق .
فضعف الحركة العمالية الناجم عن عدم الاستقلالية عن الحكومة وعن اصحاب العمل ،وبسبب الانعزال عن القاعدة العمالية والابتعاد عن مصالح العمال وحقوقهم ،ونظرا لبيروقراطية القيادات العمالية وغياب الديمقراطية الداخلية والبرنامجية وتغييب القاعدة عن الرقابة وعن المشاركة وبسبب كون الاتحادات العمالية اتحادات بالاسم وبالقول وليست اتحادات بالفعل وبالعمل ...اعطى كل هذا ،تمثيلا ضعيفا في اللجان المشكلة للاجور ولغيرها ،لا يقدر على اقناع الطرفين الاخرين بعدالة وصحة مطالبه ،ولا على صياغة مطالبه بواقعية وموضوعيه .كما لا يقدر على التوحد على المطالب بفعل الشرذمة والانقسام الذاتي وغلبة المصالح الانانية والفئوية والشخصية على المصالح الوطنية والطبقيه .
كما عبر ضعف التمثيل العمالي عن نفسه في لجنة الاجور بالتطرف الفاضح والمزايدة التي مثلها الاتحاد العام لنقابات العمال بتمسكه بحد لا يستطاع الايفاء به ،وبالموقف السلبي الذي عبر عنه امينه العام الاخ شاهر سعد بوسائل الاعلام بان القانون الصادر يمثل يوما اسود في تاريخ الحركة العمالية الفلسطينيه ،وعاد بعدها ليدعي انه المكافح من اجل تطبيقه والامتثال الكامل له ،الامر الذي اربك التنفيذ وهز الثقة بين الاطراف الثلاثة واعاق الامتثال على حد تعبير ممثلي القطاع الخاص في الورشه .
لقد اضاعت القياده الحالية فرصة التوصل الى قانون اجور يعتمد خط الفقر المدقع حدا ادنى له وبزيادة سنوية تعادل التغير والارتفاع في الاسعار سنويا وكما تحتسبه الاجهزه الاحصائية المتخصصه ..ذلك الاقتراح المقدم من كتلة الوحده العمالية للكتل العمالية والمتوافقة عليه ،والذي لم يحمل من قبل ممثلي الاتحادات التلاته الرسمية الممثلة في اللجنه .الامر الذي ادى الى رفض الحكومة للاقتراحات المتطرفة (حوالي 2500 و 2200) من العمال و(حوالي 700) شيكل من اصحاب العمل نوفرضت قرارها ب1450 وهو خطوة بالاتجاه الصحيح كما اعلن ممثل اصحاب العمل في الورشة اعلاه .
وعلى ضوء التقييم الذي قدمه الدكتور بلال الفلاح استاذ الاقتصاد في جامعة البولتكنيك في الخليل ومفاده ضعف التطبيق وعدم الامتثال للقانون .وعلى ضوء مداخلات ممثلي الثلاثية الاجتماعية التي تمثلت بتقاذف الكرات وتبادل الادوار والمسؤوليات ،علينا التمسك الحازم بالقانون والسعي الحثيث والمسؤول من اجل الامتثال له .واول واجباتنا هو ضمان وحدة الموقف العمالي وضمان النشاط العمالي الموحد وفي الشارع للضغط على الحكومة والقطاع الخاص للامتثال وضمان مستلزماته وموجباته .والعمل على انهاء ظاهرة الانقسام والتوصل الى قانون للنقابات يشرع التعددية وينظمها بديلا لما هو قائم من شرذمه ....ولا حل امام الحركة العمالية من اجل نيل حقوقها وانتزاع مصالحا الا الوحدة الكاملة او التعددية بالقانون والوحدة البرنامجية كما هو الحال في العديد من بلدان العالم المتحضر ونقاباته العمالية العصرية والديمقراطيه .

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف