ما حدث في القدس حتى الآن، رسم صورة الحالة السياسية الإقليمية والدولية، بوضوح. صحيح أن حالة الصراع الدامي في القدس لم تنته بعد. وصحيح أن هنالك احتمالات دراماتيكية قد تحصل. لكن ما حدث رسم أبرز ملامح الوضع السياسي التي تعيشه حالة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. حاول نتنياهو وحكومته، وبمساعدة أعتى أطراف التطرف الإسرائيلي، الوصول إلى حرب ولو كانت حرباً دينية، لحرف الأنظار عما سيحدث في مجلس الأمن، ولخلق حالة من الضغط الدولي والإقليمي على الفلسطينيين، وثنيهم عن التوجه لمجلس الأمن. عاشت أجهزة الأمن الإسرائيلية، والمستوى السياسي الإسرائيلي الرسمي، حالة من السباق مع الزمن، وجرى ما جرى في القدس، وباحات المسجد الأقصى. وخلال ذلك؛ برز موقف أوروبي واضح، يقول إن استمرار الاستيطان هو سبب التوترات كافة، بما فيه السويد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
كما وبرزت مواقف داخل إسرائيل، متشددة جداً، إلى جانب أصوات تقول بالتهدئة، وعدم الوصول إلى درجة الحرب الدينية.
إلى جانب هذا وذاك، جاء الموقف الأردني الواضح، للغاية وعلى لسان الملك عبد الله الثاني.
الموقف الرسمي الفلسطيني، لم يهتز قيد أنملة، وبقي هو هو ومفاده التوجه إلى مجلس الأمن بمشروع قرار لإنهاء الاحتلال وفق جدول زمني... امتازت السياسة الرسمية الفلسطينية بالحزم والهدوء، في آن وهذا ما ساعد على بروز مواقف إقليمية ودولية واضحة ومؤيدة وداعمة للسياسة الرسمية الفلسطينية الداعية للتوجه إلى مجلس الأمن، بمشروع قرار لإنهاء الاحتلال.
عندما وصلت الضغوط، خاصة الأوروبية منها، على حكومة نتنياهو، إلى حد بدايات التراجع الإسرائيلي، واتخاذ إجراءات ميدانية بالحد من المزيد من التدهور، باءت تقديرات غزة، وكأنها تقول، لا للتلاقي، لا لوحدة شطري الوطن. جاءت هذه التفجيرات في وقت بدأت ملامح التراجع الإسرائيلي في الظهور، وفي وقت اقترب فيه، توجه الفلسطينيين لمجلس الأمن. جاءت التفجيرات مكملة للجهد الإسرائيلي المتطرف في القدس. حماس قالت إنها غير مسؤولة عن تلك التفجيرات، وهنالك جهات متطرفة قامت بذلك. وكان هنالك إشارات، بأن "داعش" من قام بها.
الآن هنالك اتفاق وطني، وإصرار من الفصائل كافة بالتحقيق، وتحديد جهة التفجير، ومحاسبتها... أياً تكن الجهة التي قامت بالتفجيرات، فهنالك حاجة ماسة للمزيد من التلاقي الوطني، وهنالك حاجة ماسة كي يكون الأمن في غزة والضفة، موحداً وقادراً على وقف عمليات التفجيرات الإرهابية. وحدة الموقف، ووحدة التوجه السياسي باتت تقتضي وحدة الأداة الأمنية، وبمشاركة الجميع. ما حدث في غزة، خطير على الجميع، ليس على فتح فحسب، بل على الوطن برمته.
جوهر الصراع، هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، للأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة. ما حصل في القدس، وما حصل في غزة، هو محاولة جر الأمور إلى مستنقعات لا تحمد عقباها. التوجه الفلسطيني، الشجاع والهادئ، لا يزال قائماً ولا يزال مستعداً ومتأهباً.
عن الايام الفلسطينية

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف