في عيد الفصح لسنة 2015 تقف إسرائيل أمام اربع مشاكل رئيسية في مجال سياسة الخارجية والأمن: اتفاق التفاهمات بين الدول العظمى وايران حول الموضوع النووي؛ شبكة العلاقات مع إدارة اوباما وفي مركزها سؤال هل سنستمر في الحرب ضد الاتفاق أو سنحاول التوصل الى تفاهم؛ التقلبات في المنطقة والتهديدات النابعة منها؛ والمسألة الفلسطينية.
أريد التوقف عند المسألة الأخيرة. الحديث عن موضوع معالجة مستمرة يقتضي موقفاً من جانب إسرائيل، كما أن موجود طوال الوقت في ذهن الإدارة الأميركية. «اذا لم يكن هناك اتفاق فستدخل المنطقة في فوضى»، قال براك اوباما. هذه حماقة واضحة، في الوقت الذي تشتعل فيه المنطقة كلها وتتفكك الدول.
نحن الآن موجودون تحت تهديد انتفاضة سياسية فلسطينية، حيث المبادرة في أيديهم. في مجلس الامن يخطط الفرنسيون لطرح مشروع قرار يعترف بالدولة الفلسطينية، لكن من يعرف هل سيفرض الأميركيون الفيتو أم لا؟ كما أنه توجد في قطاع غزة امكانية للاشتعال، وسيف تهديدات المقاطعة من جانب الاتحاد الاوروبي مسلط فوق رقابنا.
على اسرائيل أن تقرر اذا ما كانت ستواصل الرد والدفاع أو أن تبادر. الجو مليء بالدعوات للمبادرة المصحوبة بالشعارات الفارغة عن مبادرة عربية. ولكن كل مبادرة للحل الشامل للصراع في الوقت الحالي ليست عملية، وذلك من حقيقة أن قطاع غزة، الذي يعيش فيه نصف السكان الفلسطينيين، موجود خارج اطار الحل السياسي. بكلمات اخرى، كل من يرغب بدولة فلسطينية عليه أن يُبين كيف ستسيطر السلطة الفلسطينية هناك. ليس المقصود أبو مازن – سواء كان شريكا أم لا، واذا كان يريد اتفاقا مع اسرائيل مطلقا. الحقيقة الواضحة هي أنه لا يسيطر على قطاع غزة وليس له تأثير هناك. الكثيرون- ومن بينهم البرلمانيون الاوروبيون الذين اعترفوا بصورة رمزية بالدولة الفلسطينية- يفضلون اغلاق الأعين ازاء هذا الواقع.
الوضع الاقتصادي في قطاع غزة خطير، ومليارات الدولارات التي تم التعهد بها للاعمار بعد «الجرف الصامد» لم تصل. قبل وقت قصير طُرح على «حماس» اقتراح يبدو أنه بوساطة الاتحاد الاوروبي، وحسب هذا الاقتراح تتعهد المنظمة بهدنة طويلة المدى لا تقل عن خمس سنوات. وفي المقابل يتم إعمار القطاع ويُرفع عنه الحصار. لم ترد «حماس» بعد رسمياً على ذلك، وفي كل الاحوال لم ترفض الاقتراح تماما. وفي المقابل أبو مازن لا يؤيد ذلك.
توجد أمام اسرائيل فرصة للخروج بمبادرة ستُسمى «غزة أولا برعاية إقليمية» وأساسها يكون: مؤتمر دولي برئاسة الولايات المتحدة ومشاركة اسرائيل في موضوع غزة: استعداد اسرائيلي لرفع الحصار تدريجيا، اعمار القطاع، وتنفيذ مشاريع اقتصادية، رعاية من قبل كل الدول العربية التي تحارب ضد ايران، وتعهد «حماس» بهدنة لمدة عشر سنوات.
الأولويات هي، أولاً وقبل كل شيء في المجال السياسي والاعلامي أمام الادارة الأميركية. ولكن الأكثر أهمية هو أن قطاع غزة مثله مثل دُمل لا يمكن تجاهله: إما أن نقرر تفجيره (كما ينصح بعضنا ممن ما زالوا يبكون على عدم تدمير «حماس»)، أو معالجته عن طريق اخراج الصديد منه تدريجيا. وكما في كل مبادرة هناك نواقص، أبو مازن سيحاول ربما اعاقته، وهناك علامة سؤال كبيرة بشأن موقف مصر. ولكن ما هو السيئ للحكومة القديمة – الجديدة للخروج ولو مرة واحدة بمبادرة سياسية؟

عن «معاريف»

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف