انشغلت وسائل الاعلام الاسرائيلية والعربية والعالمية بالانتخابات الاسرائيلية التي جرت منتصف شهر اذار الماضي ، والعديد من الاطراف كانت تمني النفس بتشكيل حكومة مختلفة برئاسة "المعسكر الصهيوني"، ظنا او تمنيات باحراز تقدم في العديد من الملفات وأبرزها الصراع الفلسطيني الاسرائيلي .
ولكن جاءت نتائج الانتخابات على عكس كافة التوقعات بتحقيق فوز واضح وصريح لحزب "الليكود" بزعامة نتنياهو وحصوله على 30 مقعد في الكنيست ، ما سمح له بتشكيل الحكومة التي نالت ثقة الكنيست نهاية الأسبوع الماضي وباشرت مهماتها مطلع هذا الأسبوع، بتسلم الوزراء الجدد مقار الوزارات وبدء العمل على البرامج المختلفة، ولكن يبقى الشأن السياسي والصراع الفلسطيني هو العنوان بالرغم من محاولات الأحزاب الاسرائيلية خلال الانتخابات عدم التركيز عليه ، حيث سارع نتنياهو لتكليف نائبه في الحكومة سلفان شالوم بملف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني .
قد يكون هذا التكليف فقط لطرح العنوان والاستعداد لدى حكومة نتنياهو للمفاوضات وقد يكون استعدادا لمرحلة قادمة تفضي لمفاوضات حقيقية ، ولكن يجب توضيح طبيعة الحكومة الرابعة لنتنياهو ومواقف أحزاب هذا الائتلاف من حل الصراع والقضايا الرئيسية ، والذي يعطي تصورا لهذه الحكومة خلال السنوات الأربع القادمة في حال استمرت .
بداية تعتبر هذه الحكومة أكثر الحكومات يمينية وتطرفا نظرا لطبيعة الأحزاب المشاركة فيها ، فهي مشكلة من أحزاب المتدينين "شاس ، يهودات هتوارة" وحزبي اليمين الصهيوني المتطرف والاستيطاني "البيت اليهودي ، الليكود" ، يضاف اليها حزب "كولانو" بزعامة موشيه كحلون والذي انشق عن حزب "الليكود" ويحمل نفس أفكار هذا الحزب اليميني ، ومع ذلك فأن هذه الحكومة التي حظيت بدعم 61 عضو كنيست فقط من أصل 120 عضو قادرة على تمرير أي اتفاقية سلام في الكنيست حال كان لديها هذا التوجه والاستعداد ، كون أعضاء الكنيست من "المعسكر الصهيوني" والبالغ عددهم 24 عضوا سيصوتون لصالح هذه الاتفاقية بالاضافة الى 12 عضوا من القائمة المشتركة .
ولكن هذا مجرد حديث نظري ليس أكثر كون هذه الحكومة لديها مواقف سياسية تؤكد بأن الحل مع الفلسطينين في طريقه للتلاشي ، وهذا ما يفسر التصريحات التي صدرت عن الرئيس الأمريكي عقب تشكيل الحكومة بالقول "بأن فرص السلام في الوقت الحالي ضئيلة ، ولن يشهد عام 2015 أي تقدم في المفاوضات ، لوجود أحزاب في هذه الحكومة تعارض حل الدولتين" وعليه فانه يمكن تقسيم هذه الحكومة وفقا للمواقف السياسية الى قسمين
الأول – لا يوجد له أي تأثير يذكر في القضايا السياسية والاتفاقيات والمفاوضات والمتمثل بأحزاب المتدينين "شاس ، يهودات هتوارة" ، والتي تهتم بصرف ميزانيات للمعاهد الدينية والاطفال وعدم التجنيد في صفوف الجيش، وغيرها اما القضايا التي تحافظ على بقاء هذه الاحزاب واستمرارها، وقد يضاف لهم حزب "كولانو" كونه حزبا جديدا وطرح نفسه كمخلص للاسرائيليين في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، ولا يريد التورط في قضايا سياسية قد تهدد مستقبل الحزب.
الثاني – الأحزاب المؤثرة والتي تقرر فعليا في القضايا السياسية الجوهرية ويمثله "الليكود ، البيت اليهودي" ، بمعنى أكثر وضوحا فان نتنياهو مع حزب "الليكود" هو من سيقرر في الحكومة مع تعاون نفتالي بينت مع حزبه "البيت اليهودي" ، وعليه هل يمكن التوصل مع هذه الحكومة لحل نهائي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وللوقوف على ذلك نبرز مواقف هذه الأحزاب من قضايا الصراع الرئيسية "القدس ، الحدود ، اللاجئين ، المستوطنات" .
القدس – يوجد شبه اجماع اليوم في اسرائيل على بقائها موحدة وعاصمة أبدية لدولة اسرائيل، وحزبي "الليكود والبيت اليهودي" يؤكدان بقائها موحدة وعلى تكثيف الاستيطان في القدس الشرقية، وباقي الأحزاب في الحكومة المتدينين وكولانو لن يستطيع الخروج عن هذا الموقف .
الحدود -حزب "البيت اليهودي" اصلا لا يعترف بحل الدولتين ويرفض بشكل مطلق قيام دولة فلسطينية غربي النهر، ويجد الحل في ضم مناطق الضفة الغربية المصنفة "سي" بسكانها لاسرئيل، ومنح ما يزيد عن 50 الف فلسطيني يعيشون في هذه المناطق الجنسية الاسرائيلية الكاملة، في حين تراجع حزب "الليكود" عن موقفه الذي أعلن عنه نتنياهو عام 2009 في جامعة بار ايلان بالاعتراف بدولة فلسطينية والذي كان هو الأول من نوعه لزعيم في حزب "الليكود"، واليوم موقف الحزب التوصل لتفاهمات واتفاقيات مرحلية مع الجانب الفلسطيني وعدم الانسحاب تحت أي ظرف من غور الاردن، والحديث عن حدود عام 67 مع تبادل الأراضي اصبح في حكم الميت لهذا الحزب .
الاستيطان - سيكون الاستيطان عنوان لهذه الحكومة وسوف تكثف الاستيطان في القدس الشرقية لتعزيز موقفها من القدس كعاصمة موحدة وأبدية لاسرائيل ، كذلك تكثيف الاستيطان في التجمعات الاستيطانية الرئيسية بالاضافة لغور الاردن ، وقد تشهد مستوطنات معزولة في مناطق "سي" حركة استيطان نشطة ، فهذه الحكومة منسجمة الى حد ما في موضوع الاستيطان .
اللاجئين - يوجد اجماع في الموقف بين كافة الأحزاب الصهوينية في اسرائيل حول اللاجئين، فأحزاب الائتلاف والمعارضة باستثناء القائمة المشتركة ضد حق العودة ، وتمجع على حل مشكلة الاجئين الفلسطينيين بعيدا عن اسرائيل ، وترفض الحكومة عودة أي لاجئ حتى الى مناطق السلطة الفلسطينية .
على ضوء هذه المواقف المعلنة والتي يجاهر فيها نفتالي بينت زعيم حزب "البيت اليهودي" والذي يجد فقط بمنح الفلسطينيين حكم ذاتي فقط وفك الارتباط بشكل كامل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتطوير اقتصادي للمناطق التي يعيش فيها الفلسطينيون "مناطق الحكم الذاتي" ، هي الكفيلة بحل الصراع بعد سنوات وفقا لهذه الرؤية، ويتوافق معه العديد من القيادات الشابة في حزب "الليكود" والتي أصبحت اليوم تقود هذا الحزب من أمثال "جلعاد اردان، زاف الكيان، داني دانون" وغيرهم ، لايؤيدون حل الدولتين بشكل علني وفقط منح الفلسطينيين حكم ذاتي على السكان وليس الأرض .

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف