دعا مساعد الأمين العام للأمم المتّحدة للشؤون الإنسانيّة مارتن جريفيث، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي الخميس، إلى إجلاء الأطفال المحاصرين داخل سجن غويران في الحسكة بشمال شرق سوريا.

وقال جريفيث خلال جلسة دوريّة للمجلس، مخصّصة للجانب الإنساني من الملفّ السوري: "نحن قلقون بشدّة بشأن مئات الأطفال الذين علِقوا في حصار مرعب" في هذا السجن. وأضاف: "من الأهمّية بمكان أن يتمّ إجلاء جميع الأطفال ووضعهم في أمان ودعمهم".

وتابع جريفيث: "حتّى لو غادروا السجن، فإنّ مستقبلهم غير مؤكّد"، معتبراً أنّ هؤلاء الأطفال "ليسوا في مأمن من الخطر". وأشار إلى حاجتهم إلى إعادة الاندماج في مجتمعاتهم، وإعادة بناء حياتهم.

مواصلة المطاردة

وعلى رغم أن القوّات الكرديّة أعلنت الأربعاء "السيطرة الكاملة" على السجن، إلى أنها تواصل ملاحقة عشرات المقاتلين المتحصّنين داخل السجن.

لكنّ عمليّات التفتيش عن مُتوارين أظهرت أنّ "ما بين 60 و90 من المرتزقة يتحصّنون" في قسم من مبنى السجن، بحسب "قسد" التي أكّدت في بيان أنّ نحو 3500 من المهاجمين والسجناء التابعين للتنظيم استسلموا لها حتّى الآن.

وأدّت عمليّة اقتحام السجن والاشتباكات التي تلته إلى أكثر من 200 ضحية، في هجوم شكّل "أكبر وأعنف" عمليّة للتنظيم منذ أن سقطت قبل نحو ثلاث سنوات ما أسماها التنظيم "دولة الخلافة" التي أقامها، وفقدانه مساحات واسعة كان يُسيطر عليها في سوريا.

وأضاف البيان "قوّاتنا وجّهت نداء الاستسلام الآمِن لهؤلاء، حيث ستتعامل معهم بكلّ حزم في حال عدم الاستجابة".

واندلعت اشتباكات متقطّعة الخميس مجدّداً في محيط السجن خلال عمليّات التمشيط التي تُنفّذها القوّات الكرديّة، ما أدّى إلى سقوط خمسة مسلحين على الأقلّ، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وشهدت الحسكة في غضون ذلك حظر تجوّل لليوم الرابع توالياً، وأقفلت القوّات الكرديّة كلّ منافذ المدينة بهدف الحؤول دون خروج عناصر التنظيم منها، وانتقالهم إلى مناطق أخرى.

ودفعت الاشتباكات نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، ولجأ عدد كبير منهم إلى مساجد أو صالات أفراح في المدينة.

"خاطرنا بحياتنا"

وتجمّع عدد من السكّان الخميس أمام حاجز عند مدخل حيّ غويران حيث تقع بيوتهم، محاولين إقناع قوّات الأمن بالسماح لهم بدخوله، على ما لاحظ مراسل وكالة "فرانس برس".

وقال أبو حمزة الذي كان ينتظر وسط الصقيع مع أطفاله الخمسة: "جئنا لنتفقّد بيوتنا". وأضاف: "لكنّهم أبلغونا أنّ الوضع غير جيّد، وقالوا لنا +عودوا أدراجكم الآن، وعندما يهدأ الوضع تعالوا+".

على مقربة منه، كانت امرأتان تحملان أكياس بلاستيك تحتوي على خبز، تحاولان الوصول إلى حي غويران، لإيصال ما جاءتا به إلى السكّان الذين حرِموا من المواد الغذائية الحيوية منذ أيّام.

وقالت إحداهما لوكالة "فرانس برس"، إن "الأهالي معزولون وهم بلا خبز ولا ماء، وبلا شيء". وأضافت: "جئنا وغامرنا بأنفسنا لنشتري الخبر للحارة وسنوزّعه".

وأفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الذي يتّخذ بريطانيا مقراً، بأنّ "عملية تمشيط السجن (التي تنفّذها القوات الكرديّة) تجري بحذر شديد خوفاً من وجود انتحاريّين أو ألغام وضعها عناصر التنظيم".

"أزمة أوسع"

وكان سجن الصناعة في حيّ غويران بمدينة الحسكة يضمّ نحو 3500 معتقل منتمين إلى التنظيم، بينهم نحو 700 من القصّر، قبل تعرّضه لهجوم التنظيم الذي بدأ بتفجير شاحنتين مفخختين يقودهما انتحاريّان.

وحذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأربعاء، من أنّ "استعادة القوّات التي يقودها الأكراد السجن تُنهي المحنة القاتلة الحالية، لكنّ الأزمة الأوسع التي تتعلق بهؤلاء السجناء لم تنته بعد".

وأضافت في بيان، أنّ "على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والأطراف الأخرى المعنيّة، التأكّد سريعاً من أنّ جميع السجناء بأمان، خصوصاً الجرحى والمرضى والأطفال، ومن أنّهم يحصلون على الطعام والماء والرعاية الطبية".

وأعلنت "قسد" أن السجناء يُنقلون "الى مكان آمن"، فيما عملياتها في سجن غويران ومحيطه "مستمرة وستستمر".

وتضمّ السجون الواقعة في المناطق الواسعة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا نحو 12 ألف جهادي من نحو 50 جنسية، وفق السلطات الكردية.

ومنذ إعلان القضاء على التنظيم، تُطالب الإدارة الذاتية ذات الإمكانات المحدودة، الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات، أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة المقاتلين في سوريا. لكنّ مناشداتها لا تلقى آذاناً صاغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.

"كرة نار"

ودأبت السلطات الكردية على التحذير من أنّها لا تتمتّع بالقدرة الكافية على احتجاز الآلاف من مقاتلي التنظيم، ناهيك بمحاكمتهم.

وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا غير بيدرسن الخميس أمام مجلس الأمن رداً على سؤال عن الهجوم: "أعتقد أننا يفترض ألا نكون فوجئنا، فنحن نحذّر من هذا الأمر منذ مدة طويلة".

ورأى مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية عبد الكريم عمر، أن على المجتمع الدولي محاكمة عناصر التنظيم الأجانب أو إعادتهم إلى دولهم.

وقال عمر لـ"فرانس برس"، الأربعاء، إن "هذه القضية مشكلة دولية، وليس بإمكاننا مواجهتها لوحدنا. هي أشبه بكرة نار تكبر وتزداد خطورة".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف