حسب المنشورات في وسائل الاعلام أمس، لم يسبق أن كانت هناك فجوة كبيرة بهذا القدر بين القيادة السياسية والقيادة الامنية التابعة لها في فهم الواقع المتحقق بين اسرائيل والفلسطينيين، وان لم يكن بالفهم، فبالتأكيد بالوسائل التي ينبغي اتخاذها من اجل احلال الهدوء.
منذ شهرين، حتى قبل ان تبدأ موجة الارهاب الحالية، بل سنة ونيف منذ الجرف الصامد، شددت اوساط القيادة الامنية – المخابرات وبالاساس الجيش – على العلاقة بين السياقات السياسية والخطوات التي تسهل على السلطة الفلسطينية والسكان المحليين، وبين ما يجري في الضفة الغربية. وتحدث قادة كبار في الجيش الاسرائيلي، بمن فيهم رئيس الاركان عن ذلك. أما القيادة السياسية فسمعت – ولكنها تجاهلت ما قيل أو رفضت.
يدور الحديث عن موضوع حساس على نحو خاص، حقل الغام لا يريدون في الجيش الاسرائيلي الدخول اليه. في الدولة الديمقراطية، تكون القيادة العسكرية تابعة للسياسية وعليها أن تقبل إمرتها بلا تحفظ. ولكن القيادة الامنية هي ايضا قيادة مهنية، يفترض بها أن ترفع الاقتراحات والتوصيات للقيادة السياسية، وفي الجيش الاسرائيلي ايضا يعرفون انه في وقت الازمة – فان القيادة السياسية ستتنكر لمسؤوليتها وتلقي بها اليها.
المنشورات في وسائل الاعلام امس، والتي نسبت لمصدر امني، تعدد فقط الانطباع بالقطيعة القائمة بين القيادتين. وحسب اقواله، ففي جهاز الامن اوصوا قبل ان تبدأ موجة الارهاب، التي جبت حتى الان 23 ضحية اسرائيلية ونحو 90 فلسطينيا، بمنح التسهيلات.
وهذه تتضمن زيادة عدد الاسلحة والذخيرة لافراد الشرطة ولرجال اجهزة امن السلطة. تزويدهم بمركبات محصنة، تحرير سجناء فلسطينيين (ولا سيما من رجال فتح ممن يقضون حتى الان عشرات السنين في السجون وسبق أن اوصي بتحريرهم)، وتسهيلات في مجال البناء، مثل زيادة عدد تصاريح العمل للفلسطينيين في نطاق دولة اسرائيل. وهذه الاخيرة هي خطوات تحسن اقتصاد الضفة.
اما القيادة السياسية، غير الملزمة بالطبع بقبول توصيات القيادة الامنية، فقد تلبثت في تطبيقها. وفي هذه الاثناء تسارعت موجة الارهاب، وواضح اليوم – في القيادة العسكرية ايضا – بانه سيكون من الصعب على القيادة السياسية ان تطبق التوصيات طالما استمر الارهاب ولم يعد الهدوء.
حكومة بنيامين نتنياهو المتعلقة بكل نزوة لاورن حزان او يانون مجيل وزعيم البيت اليهودي يتحدث فيها بتعابير "اطلقت رصاصة على رئيس الوزراء بين العينين"، لن تتجرأ الان على قبول حتى ولو توصية واحدة من القيادة الامنية.
وهكذا، في قشرة جوز، وجدت تعبيرها السياسة الاسرائيلية تجاه المناطق، سياسة عالقة في فخ هو نتاج مباشر لمذهب فكري. عندما يكون الوضع هادئا، لا يسارعون الى تسهيل وضع الفلسطينيين، وعندما يكون عنف وارهاب، واضح للحكومة بانه محظور عمل ذلك خشية أن يفسر الامر كـ "استسلام للارهاب".
وحسب تلك المنشورات، ففي الجيش الاسرائيلي يعرفون الوضع الحالي بانه "انتفاضة محدودة". ويحذر المحللون والخبراء منذ أشهر من حالة التفجر في الوضع في المناطق، والتي في نهايتها ستصل الى العصيان او الانتفاضة. ان شئتم، انتفاضة رقم 3. والان، في الجيش الاسرائيلي ايضا يؤكدون بان هذا التعريف يعكس الواقع الذي يسعى الفلسطينيون الى تغييره، وبتقدير الجيش الاسرائيلي من شأنه ان يستمر لاشهر طويلة اخرى.
ولكن يحتمل أن يكون الحال اسوأ من ذلك. فالضابط الكبير لم يستبعد امكانية أنه اذا استمر التصعيد فمن شأنه أن ينتقل الى "الفوضى"، اي فقدان السيطرة التام من السلطة الفلسطينية وفقدان صلاحيتها في نظر السكان. ومن هنا الطريق قصير لمرحلة نرى فيها افكار داعش تنال التأييد المتزايد في أوساط الجمهور الفلسطيني.

Rain - UJH2kXGqx
2016-05-18 08:50
I'm impressed by your writing. Are you a professional or just very knedwelgoable?

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف