الحقيقة هي أنني لم أتفاجأ. فأنا أعرف هذه الصور والاشخاص ايضا، ليس بالوجوه بالطبع ولا بالأسماء، لكن النفوس التي ترقص على أنغام هذه الموسيقى، أعرفها. صحيح أنه ليس في كل زفاف وحدث للمتدينين القوميين يرفعون البنادق والسكاكين. هذا أمر هامشي لا يمثل الجميع، مجموعة من الهستيريين. لكن الاغنية هي اغنية فظيعة، وهي معروفة ومشهورة. وليس هناك ديني قومي لا يعرفها وهي تُغنى في العادة في حفلات الطهور لأنها تجر الجميع معها. وكذلك في حفلات الزفاف لا سيما عند اولئك الذين لا يبعد عمر زواجهم عن عمر الطهور. ليس فقط في المناسبات الخاصة يتم إسماعها. أذكر عندما كنت طالبا ومرشدا في "بني عكيفا" تم عزف هذه الاغنية الفظيعة مرة تلو الاخرى في خيمة المعسكر السنوي، حيث كان الطلاب يرقصون على أنغامها كمن تخبطهم الشيطان.

"تذكرني وامسك بي يا الله وانتقم من الفلسطينيين". هذه هي كلمات شمشون الجبار. أو كما أسميه شمشون المخرب الانتحاري الاول. وقد قيلت هذه الكلمات في العملية التي نفذها "البطل" في هيكل الله البالستي دغون في غزة. لا تخطئوا. هذا نموذج اولئك الشبان. ومن هنا يأتي الهام البنادق والسكاكين. إلا أنه في هذه المرة وبسبب اختلاف الازمان، استبدل الفلسطينيون البالسطيين.

هذا هو الاطار الوحيد الذي يحاكم فيه مستوطنو التلال المجموعة المسماة فلسطينيين. فمن ناحيتهم هناك خط مستقيم وواضح يربط بين شمشون وبين مُحرقي الطفل وبين البالسطينيين وعائلة دوابشة وبين اولئك الذين عادوا الى هنا ألفي عام في الشتات وبين "من أخذوا أرضنا". خط يجب العمل بناءً عليه. ولا شك أن لهم هدف واحد هو الحفاظ على "الاحترام" اليهودي. ليس استمرار الوجود اليهودي والاسرائيلي، وليس تأدية التوراة والفرائض، فقط الحفاظ على الاحترام، وعند الحاجة "الانتقام"، حتى لو كان الثمن هو الانتحار الاخلاقي والجسدي. إنهم يقتبسون كلمات "كي يُشاهِدوا ويُشاهَدوا". لكنهم ينسون جوهر هذه الجملة وهو شعب اسرائيل.

"تذكرني" ليست النشيد الوطني لشبيبة التلال ولا من ينفذون "شارة الثمن". بل يُغنيها الصهاينة المتدينين البرجوازيين، السبعة، سكان بيتح تكفا، رعنانا وجفعات شموئيل. يُغنون ويضيفون عن قصد "الانتقام من الفلسطينيين". دون خجل أو مواربة. يُغنون ويضيفون بعد ذلك الاغنية المعروفة "باروخ الرجل". لكن بدل الكلمات الاصلية التي هي "باروخ الرجل الذي آمن بالله ووثق به" يقولون "باروخ الرجل الذي دخل الى الحرم الابراهيمي وحمل رشاش إم 16 وأطلق النار". ويضيفون حركات اطلاق النار في جميع الاتجاهات.

يمكن تسميتهم بأسماء مللنا من سماعها: "يودو نازيين"، "مستوطنون مخربون". أو كما أحب تسميتهم "جماعة". لكن لشدة الأسف والخجل هم ليسوا كذلك. فليس هناك حاخام أو شخصية عامة لا تعترف بذلك، لكن هؤلاء الشبان ليسوا اعشابا ضارة، ليس أنهم ترعرعوا في اوساط الصهيونية بل هم ثمرة التعليم الذي تلقوه في المدارس الدينية.

حينما جاء أبناء قبيلة يهودا الى شمشون وتوسلوا اليه أن أن يتوقف عن الاستفزاز لأن البالسطينيين يطاردونهم، حدّثهم عن قصة بطولة اخرى وقتل ألف بالسطي بواسطة ذيل حمار. وقد بقي الأمل أن ينجح من يواصلون هذا النهج الحاليين، رؤساء قبيلة يهودا، في صراعهم ضد "الابطال" الجدد.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف