أهلا بالقادمين الى الواقع. في فترة الاحداث الصعبة والعنيفة – السياسية، القومية، القومية المتطرفة أو الجنائية – لها صلة ببنات وأبناء الشعب العربي الفلسطيني (في اسرائيل وفلسطين) وبنات وأبناء الشعب اليهودي الاسرائيلي، نشعر جميعنا بأن واقعنا يتغير، وأن الروتين يتشوش. لكن بشكل فعلي حياتنا جميعنا مشوشة منذ فترة طويلة. وقد تعلمنا مع الوقت أن نعيش في حالة انكار ورفض، واعتدنا على كل ما يحيط بنا – العنف، العداء، الاحتلال والصراع – والقسم الأكبر منا ولد في داخله. في هذه الاثناء بالذات، المتوترة والمشتعلة، نحن نضطر الى وقف الانكار والرفض وفتح العيون على الواقع القائم الذي يتكشف مرة تلو الاخرى:
العنصرية التي تجد تعبيرات صعبة، والمسؤولية الشخصية الملقاة على عاتق كل عربي وعربية بعد كل عمل لعربي أو عربية. التوقع هو أن نعتذر مرة تلو الاخرى على كل السوء في داخلنا، والتوقع هو أن نقدم الشكر مرة تلو الاخرى للسيد القوي الذي يسيطر والمملوء بالرحمة على كل ما هو جيد فيه وعلى كل ما منحه لنا نحن "أعداءه"، بأن سمح لنا في الاستمرار بالعيش في وطننا.
تصنيف العربي على أنه مشبوه بشكل تلقائي، ومطاردة العرب بسبب انتماءهم القومي والبحث في منازل الشباب العرب بطريقة فظة واستعراضية، وعدم شرعنة الآخر لكونه آخر، وعدم أنسنة العدو، والعقاب الجماعي ومقاطعة الاعمال (هم ليسوا أكثر من مصدر للطعام الجيد والتسلية والسياحة)، والضرر المتواصل بحق المواطنين والتملص من المسؤولية على كل المآسي: عقود كثيرة من الاحتلال وسنوات من التمييز الممأسس والمخطط واهمال جمهور كامل في جميع مجالات الحياة، واغماض العيون في موضوع علاج العنف "الفلسطيني الداخلي" ضد النساء، الاولاد، الجيران وأبناء القرية الواحدة، والصحوة فقط عندما يتوجه هذا العنف باتجاه الاغلبية المصوتة – الاغلبية المؤثرة. لا، هذه ليست مساواة ولا ديمقراطية.
الفلسطينيون في دولة اسرائيل هم مواطنون عن حق وليس منّة، شعب أصيل يعيش على ارضه في دولة تتدعي الديمقراطية. وكمن يعيش في الدولة التي تعتبر نفسها ديمقراطية، فان لنا الحق في الاحترام والحق في المساواة في التعليم والصحة والبنى التحتية والثقافة وجميع مجالات الحياة. الاغلبية في الدولة تنسى ذلك بسهولة في الايام العادية وبسهولة أكبر في الايام المتوترة. لا، هذه ليست دولة تهتم بجميع مواطنيها وبالتأكيد هي ليست ديمقراطية.
إن استبعاد جمهور كامل عن اتخاذ القرارات التي تؤثر ايضا عليه هو نفسه، وعن الحياة السياسية في الدولة، ليست أمور ديمقراطية. معاملة مختلفة لمتساوين – بشكل انساني ومدني – ليست ديمقراطية. استخدام الانتخاب الديمقراطي للمواطنين من اجل الحاق الضرر بالمكونات الواضحة لأي نظام ديمقراطي: حرية التعبير وحرية التنظيم وكم أفواه الأقليات القومية السياسية والاجتماعية – هذه ليست ديمقراطية. تحريض ممثلو المدنيين والنظام ضد اجزاء كبيرة من المواطنين في كل فرصة ومن فوق كل منصة – هذه ليست ديمقراطية. وضع الشروط لتطبيق الحقوق ومنحها – هذه ليست ديمقراطية.
هذه ليست ديمقراطية، هذا ليس واقعا مؤقتا. هذا هو الواقع.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف