تدور في الشرق الاوسط حرب دينية. انها ليست حربا ضد اليهودية والاسلام. تحدث الحرب بتصاعد وخفوت، داخل عائلة الاسلام، بين الشيعة والسنة، انها حربا عتيقة، من اقدم الحروب الدينية في العالم، عمرها 1336 عام، بدأت عام 680، يمكن تشبيهها بجبل بركاني ناشط، ينجر بقوة متفاوتة ويتسبب بسقوط ضحايا.
الاندلاع الاخطر حصل في العصر المتطور: حرب ايران والعراق (1980 – 1988) والتي قتل فيها مليون شخص. السبب المباشر كان جغرافيا – صراع حدودي حول السيطرة على شط العرب – لكن في العمق، في الجوهر، كان الدافع، والخوف، ديني. روح الله خامينئي، كان سنة في السلطة، اعتبر نفسه رسول الله، وملزما بصنع العدل التاريخي وانقاذ الاقلية الشيعية المقموعة في العراق (ليس فقط فيها) لم يسلم صدام حسين مع تصدير الثورة الخمينية في بلاده. وهذا أجج الشيعة في العراق وهدد نظامه. شط العرب كان الشرارة التي أشعلت هذه الحرب الدينية، والتي قتل فيها الاف الشيعة وهم يصرخون "الله أكبر".
تمت مهاجمة السفارة السعودية في طهران هذا الاسبوع – هذا يذكر الهجوم في حينه وبمبادرة النظام – على السفارة الامريكية عام 1979. بعد صعود الخميني للسلطة. السعودية السنية قطعت فورا العلاقات الدبلوماسية مع ايران الشيعية، وفي اعقابها السودان والبحرين. انه استعراض عضلات، وليس حربا، ولكن طالما ان الدين دافع يحرك الصراعات السياسية والذاكرة التاريخية المرة بين هذين التيارين مستمران في الاشتعال، فان الهدوء بالمفهوم الغربي لن يكون هنا.
من المشكوك فيه أن ما لم يحل خلال الف عام واكثر ان يحل في المستقبل القريب، فالمشاعر الدينية آخذ بالازدياد، واي تدخل خارجي حتى وان جلس في البيت الابيض رئيس مصمم، فان هذا لن يقضي على العداء التاريخي الديني المتجذر.
اذا استمرت وتوسعت التحالفات السنية الحالية ضد مساعي الشيعة الايرانية، سوف تضعف الاخيرة من الناحية الاقتصادية والعسكرية. وهذا التطور من شأنه ان يكون في مصلحة اسرائيل. وتستطيع اسرائيل المساهمة في هذه التحالفات وتقويتها بالذات في المجال الامني، وخاصة منع ايران - أي الشيعة – من السيطرة على الشرق الاوسط.
جانب آخر يؤثر على التحسن الملحوظ بوضع اسرائيل الاستراتيجي في المنطقة مرتبط بزعرنة الحدود الجغرافية السياسي في الشرق الاوسط، والتي وضعت قبل مئة عام من قبل الامبريالية البريطانية والفرنسية، تسقط الحدود، وتعود المنطقة لتوزع من جديد بين السنة والشيعة.
دروس الربيع العربي تثبت: طالما أن الشيعة والسنة يعيشون في دولة واحدة، سيستمر العداء. واحيانا بكامل قوته. أي الحرب، واحيانا بقوة محدودة. اذا استطاعت اسرائيل ان تناور بشكل صحيح في هذا الصراع الديني المعقد، فانها ستقوي اكثر وتزيل بعض التهديدات، وعلى رأسها التهديد الايراني.
اليكم دليل آخر. الى أي حد كان خاطئا الاعتقاد ان عدم الاستقرار في المنطقة بل وفي العالم أجمع مصدره الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، كل حكومات اسرائيل تقريبا اخطأت وكذلك دول العالم، حيث بذلت الجهود هباء بسبب التمسك بهذه النظرة الخاطئة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف