«نعرف جمبعاً ماذا ستكون نهاية النزاع. ستكون دولة فلسطينية، في خطوط 67 الى هذا الحد أو ذاك. سيكون نظام خاص في القدس (يبدو ان المقصود هو الحوض المقدس). في شرقي القدس ستكون الاحياء العربية للفلسطينيين واليهودية للاسرائيليين. ولا حاجة الا لاتخاذ القرار». هذا الاقتباس يعود لجابي اشكنازي، الذي يتحدث هكذا في الاحاديث المغلقة، وذلك على الاقل حسب ما يقوله رفيف دروكر. لنفترض أن اشكنازي سيترأس قائمة تنتصر في الانتخابات، ينجح في تشكيل ائتلاف مستقر يؤيد كل عناصره المواقف اعلاه، ويعلن على الملأ هذه المواقف. لا بد أن وضع اسرائيل الدولي سيتحسن، ولكن هل ستتحقق تسوية بالفعل؟ يجدر النظر الى العوائق الكثيرة القائمة اساسا في الطرف الفلسطيني، ولكن في الطرف الاسرائيل ايضا. قائمة الاسئلة حول الفلسطينيين طويلة، وقد طرحت في كل جولات المفاوضات، بما فيها المحاولة الأميركية الفاشلة لاحيائها في العام 2014. فهل يمثل ابو مازن او خليفته الشعب الفلسطيني بالفعل، بعد عشر سنوات بدون انتخابات، فيما حكم «حماس» في غزة بعيد عن التفكك؟ واذا ما اجريت انتخابات قبل المفاوضات، ماذا سيحصل اذا ما صعدت «حماس» الى الحكم؟ وفي المسائل الجوهرية: هل يستعد الطرف الفلسطيني لتنازل صريح في موضوع حق العودة الى مناطق الـ 48 ولـ «نهاية النزاع»؟ وهل يمكن لاسرائيل ان تعارض حق العودة للدولة الفلسطينية، رغم أن عودة الملايين الى 6 الاف كيلو متر مربع لمنطقة «يهودا» و»السامرة» والى 360 في القطاع ستخلق ضغطا ديمغرافيا في ارض ضيقة مما من شأنه أن يخلق تطلعات فوضوية؟ هل سيوافق الفلسطينيون على «نظام خاص» في الحرم؟ على أي ترتيبات أمنية سيوافق الفلسطينيون، حيث يمنع دخول قوات معادية للدولة الفلسطينية تهدد المراكز السكانية في اسرائيل؟ على الطرف الفلسطيني ان يكون جاهزا للتغييرات في مواقفه. عندنا ايضا سيتعين على القيادة ان تتصدى لمسائل مركبة للغاية؛ على فرض ان يتفق على وجود الكتل الاستيطانية واعطاء أرض بديلة بنسبة 1:1 – كم من المستوطنين سيتعين عليهم الاخلاء، ومن سيمول ذلك؟ وما هي الاراضي البديلة داخل خطوط 67 التي ستسلم للفلسطينيين (ينبغي الرفض التام لاقتراحات ليبرمان وغيره لتسليم المثلث للسيادة الفلسطينية – الخطوة غير العادلة وغير الحكيمة تجاه مواطنين اسرائيليين)؟ وليس اقل اهمية – كل اخلاء سيصطدم بمعارضة شعبية واسعة للغاية، بعضها بالطبع ذات طابع مسيحاني – ثيولوجي سيقزم تماما احداث «فك الارتباط»، ومن شأنه في حالة اخلاء قسري واسع ان يمزق المجتمع الاسرائيلي بشدة. كما أن الاقتراحات «من خارج العلبة» التي تنطلق من الجانب اليميني ليست واقعية على الاطلاق: ضم المنطقة ج (بينيت) او دولة واحدة مع حقوق متساوية للجميع، بما في ذلك تمثيل نسبي في الكنيست (الرئيس ريفلين، موشيه آرنس، وغيرهما) لا توجد أي خطة واقعية لتحقيق هذه الافكار، وسياسة اليمين تتبنى اساسا «صيانة النزاع»، وان كان ثمنها ليس منخفضاً على الاطلاق. أما الاوهام في أن «ينبغي فقط اتخاذ القرار» و «الكل يعرف كيف سيكون شكل الحل» فانها تسود في اوساط اليسار – الوسط، ربما حتى منذ 1993. وقد وقفت خلف توجه باراك الى كامب ديفيد 2000 خلافا لرأي الكثيرين في الساحة الامنية وخارجها. وقد اثبتت سنوات الانتفاضة الثانية بان المفاوضات غير المعدة جيدا، والتي نتائجها لا «تنضج» في معظمها في قناة سرية، تخلق توقعات عالية، وتحطمها يفاقم الوضع الامني. «الكل يعرف» يقصد به الآن بالتالي الاقلية في الجمهور الاسرائيلي وعلى ما يبدو أقلية اقل من ذلك بكثير في الجانب الفلسطيني. حتى لو كانت المواقف التي نسبت لاشكنازي بعد الانتخابات التالية هي المواقف الرسمية لاسرائيل، ينبغي الحذر من الآمال العابثة التي تؤدي الى حل سريع؛ فمحاولة تحقيقها يجب العمل عليها بعد تقويم متشدد للظروف التي تسود في حينه، ومحاولة الحوار السري؛ ولكن يجب الاستيعاب بان هذه رحلة قاسية وطويلة نتائجها ليست منوطة بنا فقط. من هذه الناحية يستحق اسحق هرتسوغ الثناء على انه صرح هذه الايام على الملأ بان حل الدولتين كما يبدو ليس قابلا للتطبيق في المدى القريب.
*رئيس دائرة في المخابرات سابقا، محاضر في دائرة العربية والاسلام في جامعة تل أبيب.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف