نفذت هذا الاسبوع عشر محاولات عمليات في اثناء يوم واحد. وقبل شهر أنهى لواء الكوماندو الجديد في الجيش الاسرائيلي تدريباته اللوائية الاولى. وفي الاسبوع نفسه، وبينما يتدرب مقاتلوه على الحركات المتنوعة واستخدام الوسائل القتالية الخيالية استعدادا لعمليات عاصفة في الجبهة الداخلية للعدو، اوقفت هدار كوهن الراحلة في ميدان المدينة وبجسدها ثلاثة مخربين. لا حاجة للتدقيق في تفاصيل تأهيل هدار (شهرين من تدريب الانفار)، بمستوى كم رصاصة اطلقت وكم اصبت، للاستنتاج بان قدرتها القتالية ما كانت لتجتاز "الحافة العملياتية".
واضح ان مكان جنود لواء الكوماندو هذه الايام هو اساسا في شوارع وميادين المدينة. كما انه واضح أن الدرس الوحيد لحكومة بلا وسيلة هو اكثر من ذلك. المزيد من افراد الشرطة والجنود في مفترقات الاحتكاك، مما سيؤدي بطبيعة الحال الى مزيد من التوتر ومزيد من العمليات، ومرة اخرى يطرح السؤال الخالد لماذا يطعنون، يطلقون النار، يدهسون ويُقتلون.
في هذه الاثناء نغرق نحن في تقارير التحقيقات الصحفية، بالنظريات الاكاديمية، بالبحوث العسكرية او المخابراتية، والمقطع المغيظ اكثر من أي مقطع آخر هو الوجه المتسائل. وكأن به يسأل ما هو على الاطلاق هذا اللغز الذي ينبش فيه الجميع، ماذا يوجد هنا لفهمه او لحل لغزه؟ من جهة اطفال ولدوا في ظل اليأس، ومن جهة اخرى لديهم عيون واذان. فهم يرون ويسمعون بقربهم تماما، بمجرد أن تمد يدك فاذا بك تلمس واقعا آخر. بعين واحدة يشهدون اليأس التام والمحيط المنهار في داخل نفسه. بعين اخرى يرون كيف أن ابناء جيلهم، هنا وفي العالم، يكبرون بشكل كل ما يرونه في الشارع او في التلفزيون ممنوع عنهم. مراسلا القناة 10 اور هيلر وحزاي سمنتوف خرجا الى عرين الاسد ليفحصا قصة عن فتاة ابنة 16 خرجت ذات صباح مع سكين كي تقتل يهوديا فقتلت هي نفسها. حالة طبيعية. يتبين ان الفتاة كانت تسكن في خيمة ليس ثمة شيء هزيل أكثر منها، ومنها حتى الافق امتدت موجات القمامة. حلمي، قال لهم احد الاطفال، هو ان انهض في الصباح واذهب الى البحر. آخر قال ان حلمه هو أن يكون شهيدا. والخلاصة المحتمة للوضع هي أن الجميع يريدون ان يذهبوا الى البحر والجميع يريدون ان يقتلوا يهودا، وليس ثمة من ناحيتهم تناقض بين الامرين. على التناقض مسؤول الكبار.
البروفيسور زهافا سلومون تشرح بان "الشبيبة محوطة بالتحريض وبالعواصف الهرمونية". عواصف هرمونية كتفسير للكاميكازا (الانتحار) اليومي هذا هو تفسير اكاديمي اكثر مما ينبغي. ما هو اكثر صلة هو العلاقات بين العمليات وسيطرتنا على شعب آخر. يدور الحديث عن ادوات متداخلة. في يوم الثلاثاء صباحا من الاسبوع الماضي، هدمت قوات الادارة المدنية 23 منزلا سكنيا وثلاثة مراحيض في القريتين الفلسطينيتين جنبة وحلوة في جنوب شرق الضفة. صادرت هناك خمس لوحات شمسية تبرع بها الاتحاد الاوروبي وركبها متطوعون اسرائيليون لقريتين غير مربوطتين بالكهرباء. كان يسكن هناك عشرات السكان، معظمهم اطفال. عندما يأتي احدهم لا سمح الله مع سكين الى باب العمود، فالسبب لن يكون هرمونات. من يصر على أن يبحث عن التحريض، يجب أن يتطلع الى الجبال، الى جبال القدس، الى حكومة اسرائيل.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف