قبل بضعة ايام التقيت مع شاب، ناشط اجتماعي وحمامة سياسية. وأراد الشاب مناقشتي في الاستنتاجات التي توصل اليها في أعقاب تواصله مع جمهور واسع.
حسب اقواله، هناك الكثير من الاشخاص المستعدين لتلقي رسائل مناقضة لمواقف السلطة. وهذا أمر مشجع. ولكن هناك مفهوم واحد يجب اخراجه من القاموس وهو كلمة "احتلال". عندما تضع ختم محتل على الاسرائيلي فانه يشعر بأنه موسوم، مما يدفعه الى التحصن في مواقف الاجماع. "الاحتلال ليس مفهوما حياديا"، قال الشاب، "إنه يشبه اتهام موضوع على ظهر كل شخص وشخص". الناس الذين هم على استعداد لسماع الانتقاد ضد اسرائيل فيما يتعلق بتعاطيها مع المفاوضات، ليسوا على استعداد للانطلاق من نظرية أنهم محتلون. وإن اعترفوا بوجود الاحتلال فانه ليس بذنبهم ولا خيار لهم سوى الاستمرار فيه.
دعائيو اليمين الذين يجلس بعضهم في الحكومة يستحقون الوسام. بمساعدة العودة المتكررة الى تشهيرهم نجحوا في تحويل اليسار الى يصار، والآن بدأت الصحيفة الخاصة لرئيس الحكومة بالانضمام الى الاستهزاء: لا يوجد احتلال بل "حلال".
ولكن ما العمل عندما يكون الواقع أقوى من الدعاية القومية المتطرفة الاسرائيلية التي تقول إن الاحتلال لا يزعجها أبدا. كل واحد منا التقى في زياراته في العالم مع قادة الرأي العام في وسائل الاعلام أو في السياسة، يكتشف أنه اضافة الى معارضة الخطأ الكبير للاحتلال، لا توجد مواقف معادية لاسرائيل. ولكن ليسوا هم فقط من يعارض الاحتلال. فالكثيرون بكوا على موت رئيس الموساد السابق مئير دغان. وأنا أذكر أن تعيينه كان بالنسبة لي في حينه أمرا خطيرا. ولكن عندما أنهى ولايته في الموساد تحدث فقط عن موضوع سياسي واحد هو الاحتلال الغير محتمل وطرق انهاءه.
جميع الحراس – في الفيلم وفي الواقع – كشفوا عن سوء الاحتلال وتحدثوا عن الضرر الذي يسببه للمجتمع الاسرائيلي. لكن هذه الرسالة ليست لها القوة لجعل حكومات اليمين تتوقف عن اتخاذ خطوات تمنع الاتفاق المستقبلي.
لقد شاركت مؤخرا في مناسبة شارك فيها اهود باراك وشاؤول موفاز. ورغم أن المناسبة تحدثت عن الانسحاب من لبنان في 2000، إلا أنهما، كل واحد حسب طريقته، تحدثا عن استمرار الاحتلال وسيطرتنا على شعب آخر كمشكلة كبيرة وأن نتنياهو بضعفه يقوم بكنسها تحت البساط.
فكرت في ذلك عندما رفضت المشاركة في مؤتمر مقاومة مقاطعة اسرائيل الذي بادرت اليه "يديعوت احرونوت". كنت على استعداد للوقوف في وجه محاولات مقاطعة اسرائيل كتفا الى كتف مع الاشخاص المناسبين والقيام بعمل حقيقي من اجل الحاق ضربة شديدة بمنظمي المقاطعة. ولكني لست على استعداد للمشاركة في مؤتمر يكافح المقاطعة، حيث أن جزء كبير من المشاركين يؤيدون الاحتلال ويحبطون أي اتفاق ويتجاهلون معاناة شعب آخر يشعر أن حريته الاساسية قد سُلبت منه.
كلمة حلال تحولت الى شيء يشبه الفلوكلور. ولكن الاحتلال ليس فلوكلورا من حيث تأثيره على مكانة اسرائيل وحصانتها وبقاءها.
أقوال الناشط الاجتماعي تعكس بشكل صحيح المزاج العام في اوساط جزء من الجمهور، لكنها لا توفر الاجابة على الازمة التي تعيش فيها دولة اسرائيل. الحكومة على استعداد للاضرار بالديمقراطية من اجل الابقاء على الاحتلال. إن الحملة ضد "نحطم الصمت" تظهر أن الحكومة ستفعل كل شيء من اجل الدفاع عن الاحتلال في وجه معارضيه. حتى لو كان الحديث عن حلال.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف