كان هذا قتلا. كان هذا قتل من النوع الاكثر فظاعة لشخص لا حول له ولا قوة. كان هذا قتل نفذه جندي ليس له قلب، بطل ضد مصابين. كان اصدقاءه شركاء في القتل، والذين قالوا له "لا بأس" والضباط الذين تحدثوا بالهاتف واولئك الذين كانوا مشغولين، في الوقت الذي استلقى فيه المصاب وهو محيدا، أطلق عليه الجندي على رأسه وبقي ينزف على الشارع. لو أطلق الجندي على كلب لكان الجنود والمستوطنين الموجودين اهتموا أكثر. لقد بدا عليهم الملل: ما الذي حدث أصلا؟ جندي قتل فلسطيني. كان لنا الكثير من هذه الاحداث. هكذا وصلت العنصرية الاسرائيلية الى أكثر مستويات الانحطاط. اللامبالاة تجاه قتل انسان أمام أعين الآخرين، هذا أمر لم يسبق لنا أن شاهدناه هنا. مصاب ملقى على الشارع – لا أحد يفكر في مساعدته. جندي يطلق النار على رأسه والجنود الآخرين والمستوطنين مشغولين في توجيه سيارة الاسعاف كي لا تُخدش لا سمح الله.
حسب رأي كل من يعتقد أن هذا "استثناء" ومن يحبون "ادارة الصراع" والذين يقتنعون أنه في وقت ما يجب انهاء الاحتلال، لكن ليس الآن: هذا القتل الروتين الذي لا يمكن منعه. إنه الحاضر والمسقبل. لا يمكن الاستمرار في صيانة الاحتلال بدون قتل كهذا، الذي سيزداد أكثر فأكثر. في الخليل يمكن استمرار السيطرة فقط من خلال الاعدام اليومي. وفي الضفة يمكن الاستمرار فقط من خلال المزيد المزيد من جرائم الحرب.
الضجة اللحظية التي حدثت في اسرائيل هي ضجة المتصدقين: هكذا بالضبط بدت عمليات الاعدام في الاشهر الاخيرة – لكن الفرق هنا وجود كاميرا "بتسيلم"، وكان الكثير من الأدلة والشهادات، لكن الاسرائيليين فضلوا غض النظر. مثلما في الحالات السابقة لم يكن هناك خطر من المصاب الملقى على الشارع ولن ينجح أي محامي في اقناع قاضي نزيه بأن الجندي أطلق النار لأنه شعر بالتهديد على حياته. شاهدوا الفيلم: هكذا لا يتم التصرف عند وجود الخطر، هكذا يتم التصرف بصبابا.
ايضا تصوير الجندي كضحية هو حرف للانظار. صحيح أن السياسيين قد حرفوا اهتمامنا والجيش لم يفعل أي شيء حتى لا يتصرف هكذا، لكن الجندي اطلق النار بدم بارد على ضحيته وهو المسؤول عن افعاله. لكنه لم يعرف بوجود الكاميرا، وهذا أمر مخجل. جنود الجيش الاسرائيلي، احذروا من الكاميرات فهي العدو. بعضهم يعرفون ذلك: الاحاديث في الخلفية حول أن "المخرب مفخخ" هي تهيئة للكاميرا. ايضا تحويل القاتل الى ضحية هو أمر مستفز. الضحية هي عبد الفتاح الشريف، رغم أنه حاول طعن جندي.
كالعادة، تعزف جوفة المشجعين في الخلفية، المتصدقون مثل رئيس الحكومة ووزير الدفاع الذين يتنصلون من العمل ويقولون إنه "يعارض مباديء الجيش الاسرائيلي واخلاقه"، هذا كذب. هذه هي اخلاق الجيش الاسرائيلي، اسألوا من كتبها. هذه هي اخلاق الجيش الاسرائيلي: حقيقة أنه لم تتم محاكمة أي جندي حتى الآن بسبب الاعدام هي العاكس الحقيقي لاخلاقه. بعدهم يأتي مشجعو القتل من وزير التربية والتعليم ومن دونه: بالنسبة لهم فان قتل أي فلسطيني هو أمر مبارك. إنهم فخورون به. ولم يخطر ببالهم الاعتذار الآن على حملة التشهير ضد جمعيات اليسار: لولا هذه الجمعيات لما كنا سنعرف.
الايام القادمة ستشكل صورة الجيش الاسرائيلي، ليس أقل من هذا. إن أي تملص من المحاكمة بسبب القتل وعدم محاكمة من شاركوا وصمتوا أمام القتل، سيكونان اخفاء وكنسا للحقيقة وسيثبتان أن الجيش الاسرائيلي لا يريد أن يتغير. قد يكون رئيس الاركان يريد جيشا آخر، ولكن يمكن أن هذا متأخر جدا. "القيم" تغلغلت عميقا. انظروا للجنود الذين يتحركون حول المصاب على الشارع بصبابا وستجدون الجيش الاسرائيلي نموذج 2016. إسمعوا الاصوات التي تعتبر القاتل بطلا قوميا، وسترون اسرائيل 2016.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف