أضاءت نتائج انتخابات مجلس الطلاب في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، والتي فازت فيها حركة «حماس»، ضوءاً أحمر في أروقة حركة «فتح» التي بذلت كل جهد مستطاع كي لا تخسر انتخابات هذه الجامعة التي يعتبرها الفلسطينيون «باروميتر» لقياس المزاج السياسي للجمهور.
وحصلت «حماس» في الانتخابات التي أجريت أول من أمس، على 25 مقعداً من مقاعد الجمعية العمومية لمجلس الطلاب، فيما حصلت «فتح» على 21 مقعداً، و «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» على 5 مقاعد، في حين أخفقت كتل عدة تمثل القوى الصغيرة في اجتياز نسبة الحسم والحصول على أي مقعد. وظل مجلس الطلاب في هذه الجامعة لفترة طويلة من الوقت في يد «فتح»، لكنه انتقل في العامين الأخيرين ليكون في يد «حماس» وهو ما اعتبره المراقبون مؤشراً إلى تراجع شعبية «فتح» نتيجة تطوريْن مهمين، الأول فشل المشروع السياسي للحركة القائم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة عبر المفاوضات السياسية مع إسرائيل، والثاني تراجع الحريات والديموقراطية والشفافية في السلطة وتنامي الفساد وسوء الإدارة.
وكانت «فتح» فازت في انتخابات عدد من جامعات الضفة أخيراً، لكن خسارتها انتخابات جامعة بيرزيت بدت موجعة بسبب دلالتها السياسية، فالجامعة تقع قرب مدينة رام الله التي تعد العاصمة الإدارية والسياسية والثقافية للفلسطينيين منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1994.
وكانت أهمية انتخابات الجامعات تراجعت بعد قيام السلطة وحلول الانتخابات العامة، الرئاسية والبرلمانية، مكانها. لكن بعد توقف الانتخابات العامة إثر الانقسام بين «فتح» و «حماس» عام 2007، عادت الانتخابات الجامعية لتحتل أهمية خاصة في قياس مزاج الشارع الفلسطيني إزاء القوى السياسية والقضايا المطروحة على جدول السياسة الفلسطينية.
وقال عميد شؤون الطلاب في بيرزيت الدكتور محمد الأحمد أن الجامعة متمسكة بإجراء انتخابات دورية لمجلس الطلاب لأهمية ذلك في تكريس الانتخابات وتداول السلطة في قيم النخب الفلسطينية الجديدة.
وشهدت انتخابات بيرزيت نقاشاً سياسياً حاداً بين الحركتيْن الكبريين في الشارع الفلسطيني. وركزت «حماس» حملتها الانتخابية على انتقاد التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، وعلى قمع الحريات والفساد، وعلى دورها في المقاومة ضد إسرائيل، في حين انتقدت «فتح» ارتباط «حماس» بتنظيم «الإخوان المسلمين» وقمع الحريات في قطاع غزة وإجراء اتصالات مع إسرائيل في شأن الهدنة في القطاع. وتحدت «فتح» خصمها «حماس» في السماح بإجراء انتخابات لمجالس الطلاب في جامعات قطاع غزة، متهمة الحركة بقمع الحريات في القطاع.
ويرى كثر من المراقبين أن التصويت لـ «حماس» يأخذ طابعاً احتجاجياً على ممارسات السلطة، خصوصاً في حقل الحريات العامة والفساد وسوء الإدارة. وبيّنت نتائج استطلاعات الرأي العام الأخيرة أن مرشح «حماس» يتفوّق على الرئيس محمود عباس في أي انتخابات عامة مقبلة. وطالب ثلثا الجمهور الرئيس عباس بالاستقالة على خلفية إدارته الملف السياسي وملف الحريات العامة.
في الوقت ذاته، بيّنت الاستطلاعات أن غالبية الجمهور في قطاع غزة الواقع تحت حكم «حماس» ستصوت لـ «فتح» في أي انتخابات مقبلة بسبب الطابع الاستبدادي لحكم الحركة وسياساتها التي جرّت القطاع إلى حصار خانق من الجانبين المصري والإسرائيلي.
مشعل: الفوز رد على الضعف والتنسيق الأمني
الحياة...غزة - فتحي صبّاح
أثار فوز الكتلة الطالبية لحركة «حماس» في انتخابات مجلس طلاب جامعة بير زيت في الضفة الغربية، ردود فعل كثيرة ومتباينة وتفسيرات وتأويلات مختلفة في قطاع غزة حيث عبر ناشطو «حماس» عن فرحتهم، فيما عبر ناشطو حركة «فتح» عن سخطهم وغضبهم، علماً أن «حماس» فازت بـ 25 مقعداً متقدمة على «فتح» بأربعة مقاعد.
واعتبر رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» خالد مشعل أن فوز الكتلة «يأتي رداً على سياسة التنسيق الأمني ومرحلة الضعف والاستجداء، وإشارة إلى أن شعبنا الفلسطيني الواعي لا يقبل إلا خط المقاومة والخط السياسي القوي». وحض الكتلة على «تشكيل مجلس طالبي يشارك فيه الجميع على قاعدة الشراكة».
ولن تتمكن كتلة «حماس» أو «فتح» من تشكيل مجلس للطلاب من دون شراكة أي منهما مع «القطب الطالبي» التابع لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، والذي يشكل «بيضة القبان» في هذه الانتخابات بفوزه بخمسة مقاعد.
ووصف عضو المكتب السياسي لـ «الشعبية»، مسؤول فرعها في قطاع غزة جميل مزهر الانتخابات بـ «العرس الديموقراطي»، مشدداً على أن «احداً لا يستطيع تشكيل مجلس الطلاب وحده وفق النتائج». وعبر عن أمله في أن تطبق هذه التجربة على الوضع السياسي الراهن «حتى لا نبقى أسرى حال الاستقطاب والتفرد والهيمنة من فريق بعينه».
لكنه استدرك قائلاً إن «الواقع السياسي الراهن مرتبط بأجندات إقليمية وخارجية وحسابات فئوية تمنع وتحول دون الاتفاق على برنامج ورؤية وطنية خاصة في موضوع إجراء انتخابات المجلس الوطني والرئاسية والتشريعية».
واعتبر النائب في المجلس التشريعي عن «حماس» مروان أبو راس أن فوز الكتلة «يؤكد أن حماس أكثر قبولاً لدى الشعب الفلسطيني، ولا تخشى الانتخابات». واعتبر أن «رهانات» الرئيس محمود عباس و «فتح» في الانتخابات العامة ما هي إلا إشاعات وأضاليل، مشدداً على أن «حماس تدعو دائماً الى عقد انتخابات شاملة للمجلس التشريعي والوطني والرئاسة».
واعتبرت «حماس» فوز كتلتها «مبايعة جديدة لخيار المقاومة ورسالة دعم وإسناد لانتفاضة القدس، ودليلاً على قوة الحركة رغم كل التحديات التي تتعرض لها». وأشادت «بدور إدارة جامعة بيرزيت وحرصها على إنجاز الانتخابات دورياً وإنجاحها، رغم كل محاولات التأثير التي تعرضت اليها العملية الانتخابية من جهات خارج الجامعة».
ويرى بعض الفلسطينيين أن «حماس» بمثابة «ضحية» في الضفة لغريمتها «فتح»، فيما يراها آخرون «جلاداً» في قطاع غزة حيث لا ترغب في تنظيم أي انتخابات وتعطل العملية الديموقراطية.
وبعدما هنأ «الفتحاوي» محمد بدر على حسابه على «فايسبوك» كتلة «حماس» بالفوز، كتب: «اتمنى أن تسمح «حماس» بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وديموقراطية في جامعات قطاع ‏غزة، وأن يمارس الطلاب حقهم الديموقراطي كما في الضفة».
وكتب علاء عسقول أيضاً: «أظن أن مجلس طلاب الجامعة الإسلامية في غزة الذي تحتله الكتلة الإسلامية كل سنة بالتزكية، مع إدارة الجامعة وطلابها وهيئاتها التدريسية، يتابع انتخابات جامعة بير زيت باهتمام كبير، مع أنه في المقابل فإن مجلس طلاب جامعة بير زيت وإدارتها وطلابها وهيئاتها لا يتابعون تزكية الكتلة الإسلامية في الجامعة الاسلامية».
واتهم «فتحاويون» قيادة الحركة بأنها المتسبب في تراجع شعبيتها لممارستها الفساد والانشغال بالخلافات التنظيمية الداخلية. ووصف الوزير السابق، عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» سفيان أبو زايدة على حسابه على «فايسبوك»، ما حصل بـ «الهزيمة». وقال: «الهزيمة ليست لكم، أنتم لا تتحملون مسؤوليتها. الهزيمة لمن يصر على أن يُجلس فتح على خازوق من أخمص القدم حتى جلدة الرأس»، في اشارة الى الرئيس عباس. وتساءل: «كم هزيمة متبقية كي تنتفض فتح على ذاتها».

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف