لا تزال مسودّة تقرير مراقب الدّولة، التي وضعها القاضي المتقاعد، يوسف شبيرا، ووزّعت الأسبوع الماضي على الوزراء الذين كانوا أعضاءً في المجلس الوزاريّ الأمنيّ الإسرائيليّ المصغّر (الكابينيت) في العدوان الإسرائيليّ الأخير على غزّة، عام 2014، والتي منحتها إسرائيل اسم 'الجرف الصّامد'، تلاقي أصداءً وتتصدّر العناوين في الصّحافة والإعلام الإسرائيليّين، وذلك لما تضمّنته مسوّدة التّقرير من كشف للعيوب والسّلوكيات المعطوبة التي اعترت نهج الثّلاثيّ الأوّل في القيادة، نتنياهو، يعالون وغانتس.
وأشارت مصادر مطّلعة على مسودّة التّقرير إلى اشتماله على انتقاد لاذع لثلاثة مسؤولين كبار في الحكومة الإسرائيليّة: رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وزير الأمن الإسرائيليّ، موشيه يعلون وقائد هيئة أركان الجيش الإسرائيليّ سابقًا، بيني غانتس. ويقول المطّلعون على المسوّدة إنّ التّقرير الأوّليّ يفيد بأنّ كلًّا من نتنياهو، يعالون وغانتس أداروا كافّة مراحل الحرب لوحدهم، بينما أقصوا أعضاء المجلس الوزاري الأمنيّ الإسرائيليّ المصغّر، ناهيك عن إخفائهم قسمًا كبيرًا من التّفاصيل الهامّة عن وزراء آخرين من الكابينيت.
وتوجّه مسوّدة التّقرير انتقادًا للحكومة الإسرائيليّة كونها لم تتطّرق، خلال الشّهور المعدودة التي سبقت العدوان الإسرائيليّ على غزّة، إلى تهديد الأنفاق التي شيّدتها حماس، إلّا بشكل مقتضب وعامّ. كما وتمّ توجيه انتقاد على غياب الجهوزيّة والاستعداد الكافيين لمجابهة تهديد الأنفاق الهجوميّة الموجّهة إلى داخل إسرائيل.
وتناول التّقرير جهوزيّة الجبهة الدّاخليّة في إسرائيل، ومواجهة المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة لتهديد الأنفاق التي شيّدتها حماس. وجدير بالذّكر أنّ مراقب الدّولة، قام خلال الأشهر الأخيرة بالاستماع لشهادات كلّ من رئيس الحكومة الإسرائيليّ، نتنياهو، وكافّة أعضاء الكابينيت، وكذلك من مسؤولين في قيادة أجهزة الأمن الإسرائيليّ. كما وفحص مراقب الدّولة كافّة مضامين جلسات الكابينيت، منذ إقامة الحكومة الإسرائيليّة، مطلع عام 2013.
وأشارت مسودّة التّقرير إلى أنّ المباحثات التي أجرتها القيادة السّياسيّة بشأن قطاع غزّة عمومًا، وتهديد الأنفاق على وجه الخصوص، خلال الأشهر التي سبقت العدوان على غزّة، انعقدت في مسارين منفصلين؛ المسار الأوّل اشتمل على لقاءات جمعت كلّا من نتنياهو، يعالون وقادة كبار من المنظومة الأمنيّة، أمّا المسار الثّاني فقد اشتمل على لقاءات جمعت أعضاء الكابينيت، بحيث أنّ المسار الأوّل والمقلّص تناول الأوضاع بشكل مفصّل ودقيق، على خلاف المسار الثّاني الذي كان التذطرّق فيه إلى العدوان على غزّة، أكثر عامًّا.
وادّعى نتنياهو أنّ الكابينت، خلال العدوان على غزّة، كان مدركًا لتهديد الأنفاق في غزّة، خلافًا لمراقب الدّولة الذي شكّك برواية نتنياهو، إذ أنّه اكتشف، على سبيل المثال لا الحصر، أنّ قضيّة الأنفاق طرحت بالفعل خلال تقييم استخباراتيّ سنويّ لشعبة الاستخبارات العسكريّة أمام الكابيتيت، شهر شباط/فبراير لعام 2014، إلّا أنّ رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة، أفيف كوخافي، تناول موضوع الأنفاق بشكل عامّ، من بين عشرات الموضوعات الأخرى التي تناولها في الجلسة ذاتها.
إلّا أنّ مسودّة التّقرير الجديد أشارت إلى أنّ الجلسات المصغّرة تعاملت مع الأنفاق على أنّها تهديي حقيقيّ لأمن إسرائيل، خلافًا للجلسات الأوسع. وعلّق سياسيّ على هذه المعلومات بقوله إنّ من شأنها أن تؤدّي لزلزال 'هذا أكثر خطورة من تقرير لجنة فينوغراد التي تلت حرب لبنان الثّانية، وذلك لأنّه، من بين الأسباب الأخرى، توجّب استخلاص العبر ولم يفعلوا ذلك'.
وجاءت آخر التّعقيبات من الضّابط المتقاعد في الجيش الإسرائيليّ، قائد جبهة الجنوب خلال عدوان 'الجرف الصّامد'، يومطوف ساميا، الذي عقّب على مسوّدة التّقرير اليوم في حوار هاتفيّ معه عبر إذاعة الجيش الإسرائيليّ (غالي تساهل): 'لم أقرأ مسوّدة التّقرير، إلّا أنها مهما كانت سيئة، فلن تكون سيئة بالقدر الكافي'.
وعقّب ساميا على الأوسمة والنّياشين التي وزّعت على الجنود الإسرائيليّين فور الانتهاء من الحرب، واصفًا إيّاها بنبرة ساخرة 'مهرجان الأوسمة الذي أعقب الحملة كان فضائحيًّا. النّياشين جاءت لتتستّر على أشياء'.
وبشأن الأنفاق التي شكّلت جزءًا لا باس به من موضوعات تقرير مراقب الدّولة، والتي شكّلت محطّ خلاف بين جهاز الأمن العامّ (الشاباك) وبين شعبة الاستخبارات العسكريّة، وكذلك في القيادة السّياسيّة، قال ساميا لإذاعة الجيش الإسرائيليّ 'لم أستدع إلى أيّ تلخيص، أيّ تحقيق بشأن الحملة بشكل عامّ وبشأن الأنفاق على وجه الخصوص، أقلقني الأمر جدًا'.
واستدرك ساميا أقواله 'أنا لا أتذمّر من عدم احترامي، هذا هراء. الأمر يعني أنّ الأشخاص خافوا من إجراء تلخيصات جادّة وعميقة، من شأن مواطن مثلي، جنديّ احتياط، ضابط، صاحب رأي، الإدلاء بما لديه بشأن الاستعدادات للحملة، ماذا جرى وماذا يتوجّب أن نفعله بعدها. لقد خافوا من هذا، والأمر أقلقني جدًا. أقلقني أكثر من احترامي المفقود'.
وحول استدعاء الجيش لساميا لمنح تقييم ميدانيّ فور انتهاء الحرب، أشار ساميا إلى وجود تصدّع في العلاقات بين الجبهات الدّاخليّة الإسرائيليّة الثّلاث أثناء الحرب، إذ تمّ استدعاؤه من قبل الضّابط يوسي بخار، 'إلّا أنّ الأمر لم يتمّ ، ففي الطّريق إلى مكان اللقاء، في كستينا، استلمت أمرًا بعدم الاشتراك. استدرت وعدت أدراجي'.
ويواصل شرحه عن الحادثة 'نعم، إلى هذا الحدّ التّوتّرات بين بئر السّبع، تل أبيب والقدس وصلت (جبهة الجنوب، هكرياه – مقرّ الجيش الإسرائيليّ والحكومة). وصلني الأمر من الجيش. لم أدخل لتفاصيل من الذي منح الأمر، لم يهمّني الأمر. ما همّني كانت النّتائج. لا أعتقد أن قائد هيئة أركان الجيش حينها، بيني غانتس، من منح الأمر، لأنّه تقييم عسكريّ، وبيني ينتمي لمقرّ قيادة الجيش'.
وعن النّياشين والأسمة التي تمّ توزيعها على كمّ كبير من الجنود الإسرائيليّين ممّن شاركوا في العدوان على غزّة، قال ساميا '72 نيشانًا برأيي هي فضيحة. أيّها الزّملاء، استفيقوا، يجري هنا أمر ما. لديّ إحساس أنّ كلّ من قام تقريبًا بما توجّب عليه القيام به، تلقّى وسامًا... لديّ شعور أنّ نمط التّلخيصات، وشكل التّحقيقات والنّياشين جاءت لتستتر على شيء، وعليه، أنا غير متفاجئ من تقرير مراقب الدّولة'.
ومنح ساميا تقييمه الخاصّ، كمن كان مسؤولًا عن الجبهة الجنوبيّة في إسرائيل، خلال العدوان على غزّة عام 2014 'جوابي (لحماس) هي عمليّة نبادر لها لتقويض حكم حماس، تغيير الواقع في فيلاديلفي، فصل القطاع عن سيناء، وحينها العودة لعمليّة سياسيّة'.
وأضاف ساميا بشأن 'الحلّ' الذي يقترحه لقطاع غزّة 'لقد تدحرجنا للعمليّات الثّلاث الأخيرة – الرّصاص المصبوب، عامود السّحاب وأيضًا للجرف الصّامد. تلعثمنا ولم نملك أهدافًا سياسيّة واضحة '.
ويوجّه التّقرير الأوّليّ، الذي نشر الأسبوع الماضي، انتقادًا للحكومة الإسرائيليّة كونها لم تتطّرق، خلال الشّهور المعدودة التي سبقت العدوان الإسرائيليّ على غزّة، إلى تهديد الأنفاق التي شيّدتها حماس، إلّا بشكل مقتضب وعامّ. كما وتمّ توجيه انتقاد على غياب الجهوزيّة والاستعداد الكافييين لمجابهة تهديد الأنفاق الهجوميّة الموجّهة إلى داخل إسرائيل.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف