:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/10022

واشنطن والاتحاد الأوروبيّ والسيسي لا يثقون بأقوال نتنياهو عن السلام

2016-06-05

تناول المُحلل السياسيّ في صحيفة (هآرتس) وجهة نظر رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، لمبادرة السلام العربيّة، ونقل عن مصادر إسرائيليّة رفيعة أنّ أحاديثه الأخيرة الـ”إيجابيّة” عنها تعود إلى رغبته في صدّ الضغوط الدبلوماسيّة الدوليّة على إسرائيل.
وأضاف إنّه في العام 2009 تطرّق رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، للمرّة الأولى لمبادرة السلام العربيّة، وقال إن جهود الدول العربية لدفع مبادرة سلام، تستحق التقدير العميق، وأضاف أنّ روح هذه المبادرات تعكس التغيير الهام التي تختلف عن روح قمة الخرطوم قبل أربعة عقود.
ولفت إلى أنّه إذا كانت هذه الاقتراحات ليست نهائية، فأنا أؤمن أن هذه الروح ستساعد على إنشاء أجواء تسمح بوجود السلام الشامل.
وفي العام 2013 قال في الكنيست: تم ذكر المبادرة العربية. نحن نستمع لكل مبادرة ومستعدون لنقاش المبادرات التي هي اقتراحات وليست املاءات، هذه الأقوال قيلت بشكل علني وهي تُقال أيضًا بشكل غير علني في القنوات الدبلوماسية. وفقي أيار (مايو) من العام الماضي قال: توجد في مبادرة السلام العربية أمور ايجابية وأمور سلبية فات أوانها، مثل مطالبة إسرائيل بإعادة الجولان أو موضوع اللاجئين. هذه المبادرة تم طرحها قبل 13 سنة، ومنذئذ تغيرت أمور كثيرة في الشرق الأوسط، لكن الفكرة العامة في محاولة التوصل إلى تفاهمات مع دول هامة في الوطن العربي، هي فكرة جيدة.
وخلال تأدية وزير الأمن الجديد، أفيغدور ليبرمان، مهّام منصبه في وزارة الأمن قال نتنياهو إنّ مبادرة السلام العربية تشمل عوامل ايجابية يمكنها المساعدة على ترميم المفاوضات مع الفلسطينيين، ونحن على استعداد لإجراء المفاوضات مع دول عربية حول تعديل المبادرة كي تعكس التغيرات الدراماتيكية التي حدثت في المنطقة منذ 2002 مع الحفاظ على الهدف المتفق عليه وهو دولتين لشعبين. وتساءل المُحلل السياسيّ في صحيفة (هآرتس): لماذا قال نتنياهو ذلك مرة أخرى، لا سيما بعد تولي ليبرمان وزارة الأمن؟
وتابع: هناك أسباب كثيرة لذلك والقاسم المشترك بينها هو الضغط على إسرائيل في الموضوع الفلسطيني في الأشهر القريبة، الأمر الذي يخشى منه نتنياهو. مؤتمر باريس، وتقرير الرباعية الذي تشرف على صياغته واشنطن، وسيُنشر قريبًا.
ولفت المُحلل إلى أنّ التقرير سيُوجّه انتقادات شديدة لإسرائيل وسيقول إنّ سياستها في الضفة الغربية ولا سيما توسيع المستوطنات، تهدد بالقضاء على حل الدولتين. ويمكن إضافة السيناريو الذي يخشى منه نتنياهو، بحسب المُحلل، وهو أنّه بعد الانتخابات الرئاسية في أمريكا، سيُبادر الرئيس براك اوباما، الذي سيكون محررًا من القيود السياسية، إلى اتخاذ قرار في الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني في مجلس الأمن الدوليّ، أو أن يمتنع عن استخدام الفيتو ضد قرار مشابه تقترحه دولة أخرى. وبحسب المصادر في تل أبيب، شدّدّ المُحلل، يُحاول نتنياهو إفشال كل هذه الخطوات من خلال خطوة بديلة أمام عدد من الدول العربية وعلى رأسها مصر. وأشار إلى أنّه قبل أسبوعين كانت هذه الخطوة الإقليمية هي المحفز لانضمام “المعسكر الصهيوني” إلى الحكومة.
وكان المطلوب من نتنياهو إصدار تصريح ايجابي حول مبادرة السلام العربية وتشكيل حكومة معتدلة أكثر والقيام بخطوات مثل تجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية والقيام بخطوات حسن نية حقيقية للفلسطينيين. وذكّر المحلل أنّ طوني بلير، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هما المبادران لهذه الخطوة، إلّا أنّ نتنياهو تملص في اللحظة الأخيرة وغير الاتجاه وفضل ضمّ ليبرمان إلى الحكومة. وقد حاول نتنياهو مؤخرًا إقناع الرئيس المصري بأنّ استبدال هرتسوغ بليبرمان لا يعني تراجعه عن التزامه.
ورأى المُحلل أنّه في كل مرة منذ تموز 2009 وحتى حزيران 2016 تغيرت النغمة قليلاً، وأضيف شيء معين وتمّ شطب كلمة وإضافة كلمة أخرى. ولكن شيئا لم يتغير في الجوهر. بلير قال قبل أيام إنّه إذا قام نتنياهو بالتصريح بأنّ مبادرة السلام العربية ستكون الأساس للمفاوضات مع الفلسطينيين وإذا نفذ إجراءات ميدانية، فإنّ الدول العربية ستقوم بخطوات تطبيع تجاه إسرائيل من اجل زيادة الثقة في عملية السلام.
ورأى المُحلل أيضًا أنّ تصريحات نتنياهو اقتربت أكثر من السابق إلى المستوى الذي وضعه بلير، لكنها لا زالت بعيدة عنه. وشدّدّ على أنّ تعاطي نتنياهو مع مبادرة السلام العربية كان وما زال مثل تعاطيه مع الحياة نفسها، فهو يحب الأخذ والربح، ويحب أقل الدفع والإعطاء، مُوضحًا أنّ الجوانب الايجابية بالنسبة له هي السلام والاعتراف بإسرائيل من قبل الدول العربية. والجوانب السلبية هي الحاجة إلى عمل شيء ودفع ثمن سياسي من اجل حدوث ذلك. وأكّد المُحلل أنّ أقوال نتنياهو وليبرمان الجميلة لن تكفي، وسبب ذلك هو أنّ جون كيري وفدريكا موغريني والسيسي لا يثقون بأقوال نتنياهو عن السلام، إنّهم يريدون رؤية الأفعال، ونتنياهو لا يسارع إلى تنفيذ ذلك. إضافة إلى الموضوع السياسي، قال المُحلل، سيكون من الصعب الهرب من السخرية السياسية التي تحيط بأقوال نتنياهو وليبرمان، فالحكومة الموسعة التي جميعها من اليمين أدت اليمين القانونية منذ وقت قصير، وعلى الفور اصدر أعضاءها تصريحات بطعم مواقف اليسار.
ولحسن حظ نتنياهو، خلُص المُحلل إلى القول، فإنّ اليمين الإسرائيلي أيضًا لا يثق به، ولو قال كل من لفني وهرتسوغ ولبيد أقوال كهذه، لكان اليمين اعتبرهم خونة سيُحضرون “داعش” إلى إسرائيل، ولكن عندما يقول نتنياهو ذلك يكون الرد غير مبالٍ ويتّم هزّ الأكتاف، بحسب تعبيره.