ثلاث ضربات إسرائيلية للفلسطينيين خلال أسبوع شغلت الرأي العام
2016-06-19
رغم أن الدبلوماسية الفلسطينية كانت حاضرة بقوة خلال الأعوام الماضية بعد اتخاذ القيادة الفلسطينية لقرارات تدويل القضية الفلسطينية والانضمام إلى مزيد من المنظمات والهيئات الأممية، وصولاً إلى رفع علم فلسطين في الأمم المتحدة والانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية والمبادرة الفرنسية التي انطلقت في المؤتمر التحضيري في باريس، إلا أن الدبلوماسية الإسرائيلية حققت نجاحات هي الأخرى وكانت بمثابة ضـــربات متـــتالية للدبلــوماسية الفلسطينية وللقيادة السياسية وللفلسطينيين عامة.
المفاجأة أو المفارقة الأولى تمثلت في فوز دولة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة اللجنة القانونية في الأمم المتحدة وهي المتعلقة بتطبيق القانون الدولي الإنساني واتفاقات حقوق الإنسان. ورغم الكشف عن دول عربية صوتت لصالح إسرائيل لترأس اللجنة إلا أن ذلك لم يفاجئ الفلسطينيين لكثرة التصريحات الإسرائيلية عن علاقات سرية باتت تجمع دولة الاحتلال الإسرائيلي ببعض الدول العربية.
وأصدرت منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الفلسطينية ووزارة الخارجية والإعلام بيانات شجب واستنكار وإدانة لكافة الدول التي سمحت لدولة الاحتلال لتولي مثل هذه اللجنة. كون فكرة تولي إسرائيل لمثل هذا المنصب يعتبره الفلسطينيون من «سخرية القدر» أو تناقش دولة تواصل ممارسة أطول احتلال في التاريخ المعاصر ما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات وتطبيق القانون الدولي الإنساني بينما هي بعيدة كل البعد عن تطبيقه.
وسخر الشارع الفلسطيني من نتيجة التصويت وتولي إسرائيل لرئاسة اللجنة القانونية. وامتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات سواء عمن صوتوا للاحتلال من «الأشقاء» العرب أو الدول التي تمارس الحريات وتنتقد إسرائيل بشكل متواصل بينما تصوت لها، ما يعني استمرار ازدواجية المعايير بالنسبة للعالم مع إسرائيل.
أما الضربة الثانية التي تلقاها الشارع الفلسطيني وانعكست سلباً على القيادة الفلسطينية وصورتها المهزوزة بالنسبة للشارع. فقد تمثلت في مشاركة «منظمة التحرير الفلسطينية» بشكل رسمي في مؤتمر هرتسيليا الإسرائيلي الذي يناقش «نحو وضع أجندة جديدة لإسرائيل في شرق أوسط مضطرب ومحاربة حركة المقاطعة الدولية لها».
ونشر موقع «حركة المقاطعة الدولية» صورة لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني خلال إلقائه كلمة في المؤتمر. كما نشرت صورة أخرى لبرنامج المؤتمر تؤكد دعوته كقيادي فلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية ما يعني أن المنظمة مشاركة في المؤتمر بشكل رسمي وهو ما أثار حفيظة الشارع الفلسطيني. ونشر أسماء عشرة من المشاركين في المؤتمر بينهم فلسطينيون آخرون بالإضافة لمجدلاني، كما السفير الأردني في إسرائيل وكذلك السفير المصري وغيرهم من الشخصيات العربية والفلسطينية من أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 والضفة الغربية والقدس.
وعلق الصحافي عبد الحفيظ جعوان على مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر هرتسيليا الإسرائيلي بالقول «طيب ما خطر في بال منظمة التحرير الفلسطينية لما قررت تشارك في مؤتمر هرتسيليا السنوي انه ليش ما نعمل مثلهم. نعمل مؤتمر سنوي نجمع فيه السياسيين والمثقفين وأساتذة الجامعات، نبحث في التحديات وندرس خياراتنا كفلسطينيين واستراتيجيتنا للسنوات القادمة؟» وختم بسخرية يقول «يا سيدي روح شارك واقعد مع عدوك بس على الأقل تعلم منه».
وجاءت الضربة الثالثة من إسرائيل بقرار من وزير الجيش الجديد والمتطرف افيغدور ليبرمان سحب تصريح الدخول إلى إسرائيل من المسؤول الفلسطيني محمد المدني رئيس لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي. وأدعى ليبرمان أن المدني «بدأ نشاطات متآمرة داخل المجتمع الإسرائيلي» شملت محاولة إقامة أحزاب في إسرائيل وكنوع من العقاب له بسبب قيامه بدعم القائمة العربية الموحدة في الانتخابات الإسرائيلية التي أصبحت ثاني أكبر حزب من أحزاب المعارضة الإسرائيلية في الكنيست.
وأصدر المدني بياناً رداً على قرار ليبرمان اعتبر فيه أن المغالطات الواردة في بيان وزارة جيش الاحتلال الإسرائيلي لتسويغ القرار الصادر بحقه، تكشف بما لا يدع مجالا للشك عن طبيعة السياسة العنصرية التي حملها الوزير الجديد افيغدور ليبرمان إلى وزارة جيش الاحتلال، إذ قال البيان إن المدني يعمل على زعزعة الاستقرار السياسي داخل إسرائيل من خلال عناصر بدوية وأخرى إسرائيلية لتشكيل حزب سياسي مشترك.
وأضاف انه إذا كانت الشراكة بين الإسرائيليين يهودا وعربا في الحياة السياسية في إسرائيل تثير مثل هذا الحنق والغضب لدى ليبرمان، فإن هذا يعكس كم هي بعيدة إسرائيل الراهنة عن أي محاولة لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، خاصة وأن هذا القرار الصادر عن ليبرمان جاء بعد يومين من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عن رفضه لمبادرة السلام العربية ليؤكد أن الحكومة الحالية في إسرائيل هي حكومة حرب بكل معنى الكلمة وليست حكومة سلام.
وسخر الشارع الفلسطيني من قرار ليبرمان كما من «لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي» كون الشارع هاجمها عدة مرات بعد تقديم وفد فلسطيني تعزية رسمية بوفاة رئيس الإدارة المدنية التابعة للاحتلال الإسرائيلي ومن مشاركة الفلسطينيين في مؤتمرات إسرائيلية عدة.
أما فيما يتعلق بالمصالحة والتي يعتبرها الشارع الفلسطيني بمثابة «مزحة» يتندر بها ولم تعد تنطلي على أحد، فقد بدأت جولة جديدة من الحوار بين طرفي الانقسام الفلسطيني «فتح وحماس» في العاصمة القطرية الدوحة بعد زيارة الوفدين إلى القاهرة للتشاور مع السلطات المصرية.
لكن الخبر في حد ذاته لم يحظَ باهتمام الفلسطينيين، إلا بعد أن انتشرت صور لوفد حركة فتح على مائدة إفطار في الدوحة وكان الإفطار عبارة عن «خاروف محشي» وبدت الصورة للقيادي في حركة فتح محمد اشتية وكذلك عزام الأحمد وهما منهمكان في الأكل وأحد المضيفين القطريين يرقب ما يجري. وهناك من قال أن وفد حركة حماس موجود على الطاولة نفسها وقد يكون أحد أفراده من قصد تسريب هذه الصورة للإيقاع بالأحمد على وجه الخصوص وإثارة الشارع الفلسطيني.