:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/10161

فقط الوحدة مع الخيار الكفاحي -حمادة فراعنة

2016-06-26

بعيداً عن دعوات السلام والتعايش والشراكة وهي متواضعة قليلة وضعيفة، في مواجهة قوى غالبة لدى المجتمع الاسرائيلي، تملك التاثير والاغلبية لدى البرلمان والاحزاب وتشكل العمود الفقري الحزبي والبرلماني لحكومة نتنياهو، تعمل على زيادة الاستيطان الاستعماري التوسعي على ارض الفلسطينيين نقيضاً لمصالحهم وتدميراً لحياتهم ومصدر عيشهم، وما قرارات حكومة نتنياهو الاخيرة بتوفير الدعم المالي للاستيطان والمستوطنين سوى تجسيداً لنظرة هذه الاتجاهات الفاعلة والمؤثرة داخل المجتمع الاسرائيلي مثلما تعكس اسلوب علمهم في التوجه لاستثمار الوقت، وخلق حقائق مادية بشرية اسرائيلية على الارض الفلسطينية تهدف الى تغيير المعالم والسكان وتوطين مجموعات اجنبية يهودية قادمة تُعتبر الاكثر عنصرية، ولديها عقيدة استعمارية، وجموحاً توسعياً، وتوظيف عامل الزمن وسرعة تعديل موازين العامل الديمغرافي عليها وفيها، وجعلها طاردة لسكانها الفلسطينيين واضعافهم وتشتيتهم، وفرض نتائج اسرائيلية تحول دون تماسك العامل الديمغرافي مع العامل الجغرافي في الضفة والقدس والقطاع، لتمنع اقامة دولة فلسطينية مستقلة .
زئيف جابوتنسكي كتب في “ اسرائيل اليوم “ الصحيفة المقربة من نتنياهو والمدافعة الدائمة عن سياساته كتب مقالاً يوم 21/6/2016 فسر فيه فهمه لشعار حل الدولتين بقوله “ ان الدولتين تعني، دولة عربية واحدة نقية من اليهود، اي في اطار اتفاق كهذا يتم تهجير كل اليهود من داخلها، والدولة الثانية ستكون دولة يعيش فيها اليهود والعرب معاً وتحويلها من دولة اليهود الى دولة جميع مواطنيها “ .
وهو يعني ان الدولة الفلسطينية في مناطق 67 اي في الضفة والقدس والقطاع، ستكون دولة فلسطينية فقط بعد ازالة المستوطنات ورحيل المستوطنين عنها، كما سبق وحصل في قطاع غزة عام 2005، وان الدولة الاخرى في مناطق 48 ستكون دولة ثنائية يعيش فيها الفلسطينيون ابناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة مع اليهود الاسرائيليين، وبذلك فهو يستكثر على الفلسطينيين ان يبقوا حيث هُم في بلدهم، في القرى والمدن التي ولدوا فيها وتربوا وعاشوا وورثوها عن ابائهم واجدادهم، ولم ياتوا لها هاربين او مستعمرين او لاجئين!! .
ويرى جابوتنسكي ان “ حل الدولتين لم يعد قابلاً للتحقق لان المستوطنات انشات وضعاً جديداً في يهودا والسامرة “ لا يستطيع احد تغييره، ومن هنا خطورة استمرار الاستيطان والسكوت عليه فلسطينياً وعربياً ودولياً، فالاستيطان يعني التوسع للمشروع الاستعماري الاسرائيلي، والاستيطان يعني تدمير حياة الفلسطينيين ويعني اعاقة اقامة دولة فلسطينية، ولهذا فالدعم المقدم للاستيطان والمستوطنين كسياسة منهجية اسرائيلية منظمة، تعكس برنامج حكومة نتنياهو والتزاماتها امام المستوطنين واحزابهم، واستجابة لتوجهات المجتمع الاسرائيلي المتطرف، ولهذا وتاكيداً لهذه السياسة يرى زئيف جابوتنسكي ضرورة السعي الى حل اخر وهو “ الفرض التدريجي للقانون الاسرائيلي على الارض، لان هذا هو الحل الوحيد الذي سيعزز مكانتها ويخلق الاستقرار، وهو الذي لا يعرض الاغلبية اليهودية للخطر “ .
الفرض التدريجي للقانون الاسرائيلي على الضفة الفلسطينية هو ما يعمل له نتنياهو وحكومته على تنفيذه وهو يوفر للمستوطنين وللمستوطنات كامل احتياجاتهم، وتلبية برامجهم، وتعزيز فرص بقائهم على الارض الفلسطينية، وتوفير الحماية الكاملة السياسية والمالية والامنية لاستدامة حياتهم على الارض الفلسطينية المنهوبة .
محاولات اوروبا وفي طليعتها فرنسا، ونصائح الولايات المتحدة الدافئة، وجهود الاردن والمبادرة المصرية، ومن قبلهم مبادرة السلام السعودية التي تم تعريبها في قمة بيروت 2002، لم تجد نفعاً، ولن تجدي لان عوامل جعل الاحتلال مكلفاً مادياً واخلاقياً وسياسياً، وتطويق مشروع الاحتلال على المستوى العربي والاسلامي والمسيحي والدولي وعزله لم يكن مؤثراً واخفقت كل المبادرات وتبددت كل الجهود، واستفاد المشروع الاستعماري التوسعي من عامل الزمن، لفرض برنامجه التوسعي، ولذلك لن يكون الرد الفلسطيني مناسباً وفاعلاً اذا لم تتوفر الارادة الفلسطينية لدى حركتي فتح وحماس ومعهما باقي الفصائل وجماهير الشعب الفلسطيني، لتحقيق ثلاثة شروط : 1- برنامج سياسي مشترك، و2- مؤسسة تمثيلية موحدة، و3- ادوات كفاحية متفق عليها، تشكل الارضية التي تُلزم العالم العربي بالوقوف مع الفلسطينيين ودعمهم، مما يوفر مظلة للفلسطينيين ورافعة لهم لتغيير المناخ الدولي المهيا لمصلحة عدالة المطالب الفلسطينية والعمل على تحقيقها واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة، حقه في المساواة في مناطق 48، وحقه في الاستقلال في مناطق 67، وحق العودة للاجئين، فالبداية هي الخطوة الفلسطينية الاولى لتكون مثل كرة الثلج المتدحرجة، والفلسطينيون في محطات نضالهم الثلاث لم يحققوا ما حققوه دون نضالهم وتضحياتهم، واولها كانت في المنفى في تحقيق هدفين اولهما استعادة الهوية الوطنية الفلسطينية الممزقة، وثانيهما التمثيل المستقل عبر المؤسسة الموحدة وهي منظمة التحرير، وثاني محطاتهم الكفاحية تمثلت في انفجار الانتفاضة الشعبية داخل الوطن عام 1987 وادت الى دفع اسحق رابين وحكومة الاحتلال وارغامهم على الاعتراف بالعناوين الثلاثة : الشعب الفلسطيني + منظمة التحرير + الحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى قاعدة هذا الاعتراف جرى الانسحاب الاسرائيلي التدريجي المتعدد المراحل بدءاً من غزة واريحا عامي 1993 و 1994 وعودة اكثر من ثلاثمائة الف فلسطيي مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، وولادة السلطة الوطنية كمقدمة لبناء وقيام الدولة الفلسطينية المنشودة .
اما ثالث محطاتهم فكانت عبر الانتفاضة المسلحة والاستشهادية التي انفجرت قبل نهاية عام 2000 بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد في شهر تموز عام 2000، وادت الى تسليم شارون ورضوخه بالانسحاب من قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات، وازالة قواعد جيش الاحتلال منذ آيار حتى آب 2005 .
هذا هو الطريق، هذا هو الفعل، هذا هو الرد على نتنياهو وعلى كاتبه زئيف جابوتنسكي وهذا هو الخيار الذي لا خيار بديلاً عنه .