مكسب فلسطيني وخسارة إسرائيلية-هآرتس
2016-06-27
يعترفون في القدس أن اسرائيل خسرت، يوم الجمعة الماضي، شيئا مهما من الناحية السياسية داخل الاتحاد الاوروبي.
كدولة مركزية فيها جالية يهودية كبيرة وحكومة صديقة، كانت بريطانيا في السنوات الاخيرة لها تأثير ايجابي على اسرائيل داخل الاتحاد.
في الاسابيع الاخيرة، على ابواب الاستفتاء الشعبي في بريطانيا، تمت في وزارة الخارجية في القدس عدة نقاشات حول تأثير خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي على إسرائيل.
رغم الزوار الكثيرين الذين تم ارسالهم من سفارة اسرائيل في لندن والكثير من المعلومات من النقاشات مع المعسكرين والتحليلات السياسية والتقارير حول الاستطلاعات، لم يتجرأ أحد من المشاركين في النقاش على المراهنة على النتيجة.
الى حد كبير، الاقوال التي تحدث بها رئيس حكومة بريطانيا، دافيد كامرون، في اللقاء مع الجالية اليهودية قبل الاستفتاء ببضعة ايام، عكست جيدا ما يفكر فيه الكثيرون في وزارة الخارجية الاسرائيلية.
"هل تريدون بريطانيا الصديقة الكبرى لاسرائيل في الداخل؛ تعارض المقاطعة وتعارض حملة العقوبات وسحب الاستثمارات من اسرائيل؟"، قال كاميرون في احدى المناسبات، "أم تريدون أن تكون في خارج الغرفة دون قوة تأثير فيما يحدث في الداخل".
يعترفون في القدس بأن اسرائيل خسرت شيئا مهما في الاتحاد الاوروبي. موظف رفيع المستوى يعرف تفاصيل النقاشات التي تمت حول هذا الامر يقول إن الخط المركزي في التفكير الاسرائيلي قبل الاستفتاء الشعبي كان أن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي لن يخدم مصلحة اسرائيل، خصوصا فيما يتعلق باهتمام الاتحاد الاوروبي بالموضوع الفلسطيني.
سبب ذلك هو أن بريطانيا دولة مركزية في الاتحاد الاوروبي، وفيها جالية يهودية كبيرة وحكومة صديقة، وكان لها في السنوات الاخيرة تأثير ايجابي في صالح اسرائيل داخل الاتحاد الاوروبي.
وأكثر من مرة ساعد البريطانيون في تخفيف وتوازن قرارات الاتحاد الاوروبي بخصوص عملية السلام، والتخفيف من الانتقادات، بل تجنيد دول في اوروبا من اجل مقاومة أي خطوات ضد اسرائيل في مؤسسات الامم المتحدة.
"دون بريطانيا، اصوات الدول التي تؤيد الجانب الفلسطيني اكثر مثل مالطا وايرلندا والسويد وسلوفانيا، ستتحول الى أكثر فاعلية"، قال الموظف رفيع المستوى.
رغم أن الموقف الاكثر فعالية في النقاشات التي تمت في وزارة الداخلية في القدس كان تفضيل بقاء بريطانيا في الاتحاد، إلا أن كثيرين من المشاركين في النقاشات طرحوا اعتبارات لها وزن تقضي بأن خروج بريطانيا من الاتحاد سيخدم مصالح حكومة اسرائيل.
حسب اقوال الموظف رفيع المستوى، فان أحد الادعاءات التي طرحت في النقاشات كانت أن خروج بريطانيا سيضعف الاتحاد ومؤسساته ويضر بتأثيرها الدولي وقراراته في الموضوع الاسرائيلي- الفلسطيني.
ادعاء آخر تم طرحه في النقاشات التي تمت في وزارة الخارجية كان أن حروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي سيعزز العلاقات بين بريطانيا واسرائيل ويعطيها مجالا اكبر للمناورة السياسية دون الارتباط بالاتحاد الاوروبي ومواقفه. وقيل ايضا إن خروج بريطانيا سيزعزع الاستقرار في الاتحاد الاوروبي، ويدفع الدول الاعضاء فيه ومؤسساته الى بذل الجهد في رص الصفوف على حساب الاهتمام بالصراع الاسرائيلي- الفلسطيني.
إلا أنه يحتمل أن يحدث العكس تماما: قد يبحث الاتحاد الاوروبي عن مواضيع عليها اجماع في اوساط اعضائه من اجل توحيد الصفوف – الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو بالضبط أحد هذه المواضيع.
في يوم الجمعة، وبعد اتضاح نتائج الاستفتاء الشعبي، تم اعداد مسودة رد من قبل حكومة اسرائيل. لم يشمل الرد موقفا قاطعا تجاه الاستطلاع الشعبي، وتحدث بشكل عام عن أن اسرائيل تحترم رغبة الشعب البريطاني وتأمل في استمرار التعاون بين الدول في اليوم التالي. وتقرر في نهاية المطاف الغاء هذا الاعلان.
وبدلا منه نشر إعلان باسم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، اهتم بكلمات الانفصال الدافئة عن دافيد كاميرون الذي استقال دون قول كلمة واحدة عن الاستفتاء الشعبي. "أُقدر جدا رئيس حكومة بريطانيا دافيد كاميرون. إنه قائد بمستوى عال وصديق حقيقي لاسرائيل وللشعب اليهودي"، قال نتنياهو، "التعاون بين بريطانيا واسرائيل تعزز جدا في ولايته في مجال الامن والاقتصاد والتكنولوجيا، ومعا وضعنا الأسس القوية لاستمرار هذا التعاون".
الامتناع عن الرد لا يشير الى أن اسرائيل لامبالية تجاه نتائج الاستفتاء الشعبي. ولكن في هذه المرحلة ليس لها سياسة مبلورة لليوم التالي. موظف رفيع المستوى في القدس قال إن تقديرات وزارة الخارجية هي أن العلاقة مع بريطانيا لن تتضرر، لكن احدى المهمات في الفترة القريبة ستكون وضع جميع الاتفاقات التي يجب على اسرائيل توقيعها مع بريطانيا لضمان حدوث ذلك. وعلى رأس هذه الاتفاقات اتفاق التجارة الحرة.
تفضل إسرائيل في هذه المرحلة السير بين النقط في ردها على الاستفتاء العام. في القدس لا يريدون اغضاب البريطانيين الذين أيدوا الخروج، حيث إن أحد رؤسائهم، وهو رئيس بلدية لندن، بوريس جونسون، قد يكون رئيس الحكومة القادم.
لكنهم ايضا يمتنعون عن إغضاب رؤساء الاتحاد الاوروبي الغاضبين من بريطانيا والبيت الابيض الذي بذل جهدا كبيرا من اجل مساعدة مؤيدي البقاء، لكنه فشل.
بعد مرور ساعات على نشر نتائج الاستفتاء الشعبي، وجد سفير إسرائيل الجديد في لندن، مارك ريغف، نفسه ذاهبا لتقديم كتاب اعتماده للمملكة الانجليزية. ومنذ نهاية الاسبوع، وجع الرأس هذا يخصه ايضا.