:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/10197

لا داعي له وليس معقولا-معاريف

2016-06-30

لم تمر 24 ساعة منذ رفع العلم الأبيض الإسرائيلي أمام الأتراك في روما وها هي إسرائيل ترفع، صباح أمس، علماً أبيض آخر – في الحرم. فقد استسلمت للإرهاب الفلسطيني الذي عاد إلى الحرم وأوقفت زيارات اليهود حتى نهاية رمضان على الأقل. ولمن لديه شك حول هذه الرسالة التي بعثت بها إسرائيل إلى الإرهاب التركي والفلسطيني، يجدر به أن يراجع تصريحات رئيس تركيا في المساء ما بعد الإعلان عن «اتفاق المصالحة». فقد ادعى أردوغان أن كل المطالب التي طرحتها تركيا على إسرائيل قبلت – الاعتذار، التعويضات و»تخفيف الحصار» عن غزة. وأضاف: «سنواصل الاعتراض على النشاط غير القانوني لإسرائيل في المسجد الأقصى في القدس. وسنعمل بكل سبيل لحماية إخواننا الفلسطينيين». واضح أن الاتفاق حديث العهد، الذي لم يقر بعد في الكابينت، كان أمام ناظر رئيس الوزراء عندما قرر التراجع في الحرم. ماذا نقول، أخيرا يبدي نتنياهو ثباتا في الموقف – إذا كنت تعتذر وتدفع التعويضات للمعتدين على الجنود بالسكاكين والعصي، فانت ملزم بان توزع الجوائز لراشقي الحجارة على النساء اليهوديات العجائز اللواتي يصلين في حائط المبكى. وها نحن نكون حصلنا على جانب فوري آخر للأضرار الخطيرة للاتفاق مع تركيا. أردوغان – الذي حتى لو قرر انطلاقا من ضائقة لحظية تطبيع العلاقات معنا- لم يتوقف بكل جوارحه عن أن يكون لاسامياً وعدوا حقيقيا لإسرائيل. والآن، بعد أن تلقى جائزة على إرسال الزعران للمس بسيادتنا في البحر، سينبش أيضا في قدرتنا على فرض سيادتنا في الحرم. ناهيك عن موطئ القدم الضمنية التي حصل عليها في غزة. في الأحاديث الخاصة يتباهى رئيس الوزراء في أنه فتح سككا حديدية استراتيجية بديلة من روسيا وحتى الهند، من الصين وحتى إفريقيا. ناهيك عن العلاقات الطيبة في عاصمتي الأردن ومصر. هذا صحيح بالفعل، ولكن في لحظات الحقيقة، عندما يكون بحاجة لان يتخذ قرارات صعبة، فانه لا يصمد أمام الضغط. عندما ينبغي استخدام هذه العلاقات كي يحقق السياسة التي وعد بها ناخبيه، يحصل النقيض التام. فإذا كان هناك طرف ينبغي أن يعتذر ويدفع التعويضات فهو الطرف التركي، الذي بعث بمخربي IHH مع البلطات والهراوي في مرمرة. ولكن فضلا عن الكرامة الوطنية وفقدان الردع، ما هو المنطق الكامن في اتفاق ضار كهذا، وكأننا نوجد في ضائقة وملزمون بأن نطبع العلاقات بكل ثمن؟ الدولة التي توجد اليوم في ضائقة هي بالذات تركيا: تتفجر بكل معنى الكلمة من الإرهاب ومن اللاجئين، علاقاتها شرقا سدت، توجد في مواجهة مع روسيا لن تزول بمجرد الاعتذار لبوتين، سياحتها تنهار وهناك عدم يقين حول مصادر الطاقة لديها. ناهيك عن التوتر مع ألمانيا والانتقاد الأوروبي المتزايد على خرق حرية الصحافة وحقوق الإنسان في أراضيها. وبالنسبة للغاز – فإن تركيا بحاجة إلى الغاز الإسرائيلي اكثر مما هي إسرائيل بحاجة لتركيا للتسويق. ناهيك عن الضرر المحتمل لمنظومات العلاقات المشوشة مع اليونان، قبرص ومصر أيضا، إلا إذا تفجرت الآن صداقة حميمة بين أردوغان والسيسي. بمعنى أننا دفعنا ثمنا لا داعي له وليس معقولا لقاء بضاعة يحتاجها الأتراك اكثر مما نحتاجها بكثير. وكلمة بشأن حقيقة أن الاتفاق اصبح أمرا ناجزا حتى قبل أن يطرح على الكابينت أو الحكومة لإقراره. يدور الحديث عن سلوك سلطوي يتميز به الرفيقان الجديدان لنتنياهو – أردوغان وبوتين. لو كنا نعنى بالاتفاق الذي يغيظ اليسار الإسرائيلي والصحافة، لاهتزت السماء وعن حق. هذه الخطوة مناهضة للديمقراطية وليس واضحا كيف سيكون ممكنا تجاوزها .