:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/10224

الأسبوع الأسود .. تل أبيب تُقّر

2016-07-03

نهاية الأسبوع الأسود، هذا هو اللقب الذي أطلقه الإعلام الإسرائيليّ على نهاية الأسبوع الماضي، بسبب العمليات الفدائيّة الناجحة، التي قام بتنفيذها مُقاومون فلسطينيون في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وفي مدينة نتانيا الساحليّة، القريبة من تل أبيب. وزير الأمن الجديد، أفيغدور ليبرمان، قال الإعلام العبريّ يُواجه هذه العمليات من منصبه الجديد، وبالتالي لا يقدر عل مُهاجمة الجيش وباقي الأجهزة الأمنيّة ويتهمها بالتقاعس.
ولكن، بحسب المصادر السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب، فإنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّ فرضت طوقًا على مدينة الخليل وعلى القرى المُجاورة لها، بأمرٍ من ليبرمان نفسه، أيْ أنّه وضع أكثر من 700 ألف فلسطينيّ في سجنٍ كبيرٍ، فيما تُواصل قوات الأمن الإسرائيليّة عمليات الدهم والاعتقال في منطقة الخليل بدون توقّف.
ولفت مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أليكس فيشمان، نقلاً عن مصادر عسكريّة وأمنيّة موثوقة، لفت إلى أنّ ليبرمان اتخذّ قرارًا بمعاقبة قرية بني نعيم بالكامل، بالإضافة إلى بلدة يطّا، المتاخمة للخليل، وبحسب المصادر عينها، فإنّ سياسة ليبرمان الجديدة تقوم على مُعاقبة القرية أوْ المدينة الفلسطينيّة، التي يُعتقد أنّ الـ”مُخربين” خرجوا منها، وذلك يتمثل في سحب تراخيص العمل، التي مُنحت للآلاف منهم للعمل في إسرائيل.
فيشمان قال في معرض تحليله إنّ هذه السياسة هي سيف ذو حدّين، فمن ناحية تُعاقب من أسماهم بالمُتورطين بالأعمال الإرهابيّة، ولكن بالمُقابل تُعاقب السواد الأعظم من الفلسطينيين الذي وقفوا حتى اليوم على الحياد، وبالتالي، أضاف المُحلل الإسرائيليّ، فإنّ هذه السياسة الجديدة لليبرمان، ستجعل الكثير-الكثير من الفلسطينيين، ينضّمون إلى عمليات المُقاومة ضدّ إسرائيل، لأنّ ما كانوا يملكونه، رخصة عمل داخل ما يُطلق عليه بالخّط الأخضر فُقد، وبالتالي لم يبقَ شيئًا يخسرونه، على حدّ تعبيره.
علاوة على ذلك، قال المُحلل العسكريّ فيشمان إنّ السؤال الذي يقُضّ مضاجع صنّاع القرار في تل أبيب هو هل العقاب الجامعيّ الذي فرضه ليبرمان، بعد شهرٍ من تولّيه حقيبة الأمن، سيمُرّ مرّ الكرام في المحكمة العليا الإسرائيليّة، أمّا السؤال الثاني والأهّم، فهو هل إسرائيل قادرة على تحمّل الضغوطات الدوليّة، القضائيّة والأمنيّة، التي ستقوم الدول الغربيّة تحديدًا باستخدامها نتيجة العقاب الجامعيّ؟
وكان لافتًا للغاية، أنّ فيشمان، المُقرّب جدًا من دوائر صنع القرار في المُستوى الأمنيّ الإسرائيليّ، نقل عن المصادر الرفيعة في تل أبيب قولها إنّ العمليات الفدائيّة خلال الأيّام الماضيّة تميزّت بالجرأة غير المحدودة، بالتخطيط الكامل والمُتكامل، الأمر الذي أدّى إلى نجاحها، وتابع قائلاً، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ عملية قتل الحاخام بالقرب من مُستوطنة “عوتنيئيل”، نُفذّت من قبل حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) أوْ من قبل حركة الجهاد الإسلاميّ، لأنّ الفدائيين استعملوا خلالها أسلحة تقنيّة للغاية، كما أنّهم، تحلّوا بالجرأة والتخطيط كان ممتازًا، الأمر الذي أدّى إلى نجاح العملية.
مع ذلك، أشارت المصادر ذاتها، إلى أنّ كلّ محاولةٍ للحديث عن الانتقال إلى مرحلةٍ جديدةٍ في العمليات الـ”إرهابيّة” في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، ما زال سابقًا لأوانه، مع أنّه بدأت الأجهزة الأمنيّة في دولة الاحتلال تُلاحظ بداية تحوّل في العمليات، والانتقال لاستعمال السلاح الأوتوماتيكيّ التقنيّ، الذي لا يُبشّر خيرًا، كما قال.
علاوة على ذلك، فإنّ رزمة العقوبات التي تشملها خطّة وزير الأمن الإسرائيليّ، تتضّمن أيضًا عدم إعادة جثث الفدائيين الفلسطينيين إلى ذويهم.
وكشفت المصادر النقاب عن أنّ ليبرمان أصدر أوامره لقادة الأجهزة الأمنيّة بإجراء جلسات مع نظرائهم من السلطة الفلسطينيّة، دون إبلاغ رئيس السلطة، محمود عبّاس، ومع ذلك، شدّدّت المصادر الإسرائيليّة على أنّ ليبرمان، كما باقي الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، يؤمن إيمانًا قاطعًا بأنّ تدمير السلطة الفلسطينيّة سيؤدّي إلى حالة من الفتان الأمنيّ والفوضى العارمة في الضفّة الغربيّة، وبالتالي فإنّ العقوبات لا تهدف إلى زعزعة السلطة الفلسطينيّة، على حدّ تعبير المصادر. كما أنّ ليبرمان، كباقي الوزراء الذين سبقوه في وزارة الأمن، أصدر أوامره بهدم بيوت مُنفذّي العمليات فورًا بعد العمليّة.
وكشفت المصادر عينها النقاب عن أنّ ما يُطلق عليها بالإدارة المدنيّة، التابعة لجيش الاحتلال في الضفّة الغربيّة، أعدّت خطةً واسعة وشاملة لهدم البيوت الفلسطينيّة غير المُرخصّة، وستبدأ عمليات الهدم واسعة النطاق بعد انتهاء عيد الفطر، على حدّ قول المصادر.
من ناحيته، رأى مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، أنّ إعادة العقوبات الجامعيّة على الفلسطينيين، والتي لم تُفعّل منذ اندلاع الانتفاضة الثالثة، في أيلول (سبتمبر) الماضي، تؤكّد على الفجوة الكبيرة بين القيادة العليا للجيش الإسرائيليّ وبين المُستوى السياسيّ، الذي أمر بتفعيل العقوبات الجامعيّة لأوّل مرّةٍ منذ أسر وقتل طلاب المهد الدينيّ في حزيران (يونيو) من العام 2014 بالقرب من نابلس، وهي العملية التي اتخذّتها إسرائيل ذريعة لشنّ العدوان البربريّ والهمجيّ على قطاع غزّة، في الحرب التي استمرّت بين الطرفين 51 يومًا، والتي سُميّت في تل أبيب بعملية “الجرف الصامد”.