لا حاجة للاعتراف الفلسطيني بـ «الدولة اليهودية»-يديعوت
2016-08-31
لماذا توقفت عن مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف باسرائيل كدولة يهودية؟ أساسا لان هذا تلاعب بالعينين. فأنا على وعي بان الكثيرين في اسرائيل ينشغلون بهذه المطالبة – من بنيامين نتنياهو وبوغي يعلون وحتى آري شبيط وزميلي في الصحيفة بن – درور يميني. أما أنا فلم أعد انشغل بها، لانه بعد كل هذا القدر من السنين يخيل لي ان هذه لا تغير في الأمر من شيء. لا حاجة لاقناعي بفكرة الدولة اليهودية. فبدونها لا تكون صهيونية. ليست كلمة الديمقراطية هي التي مرت كالخيط الثاني في وثيقة الاستقلال بل فكرة الوطن القومي للشعب اليهودي. اما الديمقراطية فجاءت بعد ذلك. وقيمها أصبحت مقدسة لاننا نحن، اليهود، لا نعرف كيف نتدبر أمرنا الواحد مع الاخر، فقط مع هويتنا القومية والدينية. في نظرة الى الوراء لا يهم من اخترع مطلب الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية او لماذا فعل هذا. في السطر الاخير هذه المطالبة هي شرط أولي أساسي لمن يؤمن باتفاقات السلام. وهنا يكمن تحفظي على مطالبة الفلسطينيين بان يعترفوا بنا: فانا لا اؤمن باتفاق محتمل. ليس انطلاقا من روح النبوءة ولا بسبب الوعد من الكتب المقدسة، بل انطلاقا من تحليل بارد للوضع في منطقتنا. وانطلاقا من هذه النظرة أصبحت شكاكا بالنسبة للقدرة على التوقيع مع الفلسطينيين على أي اتفاق يصمد. وهنا من المناسب الاعتراف: لم يسبق لي ان كنت متفائلا بالنسبة للفلسطينيين، غير اني لم أعد الان متشائما. كباحث أو كمراقب أنظر الى الجثة التي بردت منذ زمن بعيد بينما يتحدث المؤبنون عن مزاياها كانسان حي ونشط. هنا يأتي القسم الذي يشغل بالي في المطالبة من تلك الجثة التي تسمى «الاتفاق مع الفلسطينيين»: بينما يطالب هؤلاء بالاعتراف باسرائيل كدولة يهودية، فاننا نحن أنفسنا نتملص من الاعتراف بها كذلك. فتعريف اسرائيل كدولة يهودية هو عملة تنتقل الى التاجر، غير انها تنتقل في كيس مغلق ولا يوجد من يتجرأ على اخراجها وفحصها. القانون الاساس «الدولة القومية للشعب اليهودي» لا يجاز في كنيست اسرائيل رغم أنه توجد هنا في هذه الايام حكومة يمينية ووطنية. فبعد جدالات سياسية واعلانات ولاء لا حصر لها لا احد يجتهد، ولا حتى تظاهرا، ليري بانه ينشغل بهذا القانون المهم. لماذا هذا جيد؟ سألوني في الماضي. وبالفعل، من أجل التعريف والاجابة على الاسئلة التي نتجرأ على الانشغال بها. اعطاء جواب لماذا يوجد قانون العودة، لماذا نحن نعارض جمع شمل عائلات اللاجئين (وليس فقط لاسباب أمنية)، ولماذا هناك حاجة لمؤسسات وطنية تعنى بحيازة اراضي الشعب اليهودي ولماذا الكنيست والمحاكم تدار بالعبرية فقط (فيما ظاهرا توجد هنا لغتان رسميتان). كل هذه الاسئلة يفترض أن تكون مستوضحة في اطار دستور، وعندما لا يكون دستور ففي اطار قانون أساس. ليس هذا فقط، بل أيضا مسألة ما هي مسؤولية الدولة اليهودية أو دولة اليهود تجاه الشتات في العالم؟ لما كانت الاحزاب الاصولية تنبذ الاصلاحيين والمحافظين – ممن ينتمي اليهم معظم يهود الولايات المتحدة – لا مفر من ان تقرر الدولة مكان هذه التيارات. فلا يمكن الاعتماد على مساهمتهم في «الاعلام» واقصاؤهم «من الحياة نفسها». وماذا بالنسبة للسبت – كيفب يفترض أن يبدو في المجال العام؟ في اسرائيل يوجد المزيد فالمزيد من المصالح التجارية، التجمعات التجارية، بل المواصلات العامة التي تعمل في السبت. والازمة الوهمية حول تشغيل القطار في تل أيب تجسد فقط العبث الكامن في التفرغ الديني: ذاك الذي يغمض عينيه امام المظالم والخطايا، ولكن يحشد الجهد السياسي للقيام بجولة عندما يكون هناك حدث موضعي ما مغطى اعلاميا. لماذا لا نسأل انفسنا مرة واحدة والى الابد ماذا يعني «السبت وطابعه» (برأيي يجيب على ذلك ميثاق غبيزون – ميدان) بدلا من الاستناد الى «الوضع الراهن» غير الواضح لاحد. ممن حقا أحتاج الى الاعتراف بدولة يهودية – من الفلسطينيين أم من حكومة اسرائيل؟ ممَ يخاف اولئك الذين يؤمنون باتفاقات السلام واولئك الذين مثلي الذين لا يؤمنون بها؟ ان المطالبة بالاعتراف باسرائيل كدولة يهودية محظور ان تختفي، حتى اذا كانت مطلوبة منا نحن أنفسنا فقط.