أحداث نابلس قنبلة موقوتة وتحركات جادة لنزع فتيلها
2016-09-01
يبدو أن الأوضاع الميدانية وما لحقها من تطورات سياسية داخل مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، باتت كـ"القنبلة الموقوتة" التي ستنفجر بأي لحظة، وتُفسد الأجواء الفلسطينية، التي تحتاج إلى الهدوء والتعامل معها بعقلانية وإيجابية لإنجاح الانتخابات البلدية المقبلة.
بعيداً عن الأصوات التي تدعو للثأر والرد وتصعيد خطوات الاحتجاج أو إقالة ومحاسبة المسئولين عن الأحداث "الدموية" الأخيرة التي جرت في نابلس قبل أيام وراح ضحيتها العديد من المواطنين، بدأت تحركات فلسطينية رسمية تتجه نحو تطويق الأحداث والبحث عن مخارج لها قبل تفاقم الموقف.
وقبل أيام اندلعت مواجهات بين قوى الأمن ومطلوبين لها الخميس الماضي بالبلدة القديمة في نابلس، خلال عملية مداهمة، فأدت إلى مقتل عنصرين من الأمن، ثم تتالت الأحداث في اليوم التالي وأعلن مقتل اثنين من المطلوبين واعتقال العديد منهم ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة وفق الأجهزة الأمنية، والقضية التي قلبت الرأي العام الفلسطيني قتل الأجهزة الأمنية لأحمد حلاوة بعد اعتقالها داخل سجن "جنيد".
- تحركات لتطويق الأحداث
عضو المجلس الثوري عن حركة "فتح" والنائب في المجلس التشريعي جمال الطيرواي، كشف عن وجود تحركات واتصالات فلسطينية تجري على أعلى المستويات من أجل تطويق الأحداث "المريرة" التي جرت خلال الأيام الأخيرة في محافظة نابلس.
وأكد الطيراوي، في تصريح خاص لـ"أمد"، أن التحركات تشمل نواب في المجلس التشريعي، ورجال أعمال ورجال دين، وقيادات في السلطة وباقي الفصائل الفلسطينية، بما فيهم رئيس الحكومة الدكتور رامي الحمد الله".
وأوضح، أن الكل يتحرك من أجل إعادة الهدوء لمحافظة نابلس والأوضاع إلى سابق عهدها، وعودة الاحترام والثقة بين المواطن والأجهزة الأمنية من جديد، مؤكداً أن ما جرى بنابلس "مؤسف" ولكن يجب علينا التحرك بصورة عاجلة حتى لا تتفاقم الأوضاع.
وكشف النائب الطيرواي، عن وصول وفد من اللجنة الخاصة التي تم تشكيلها برئاسة وزير العدل الفلسطيني للتحقيق بالأحداث التي جرت في مدينة نابلس، موضحاً أن اللجنة باشرت عملها بشكل فوري وبدأت بالتحقيقات الرسمية.
وأشار إلى أن المواطن الفلسطيني الآن بحاجة لإعادة الثقة بينه وبين مؤسسات الدولة بما فيهم المؤسسة الأمنية، لافتاً إلى أن دور اللجنة والفصائل والقيادة سيكون الخطوة الهامة في أعادة تلك الثقة التي اهتزت بعد الأحداث الأخيرة.
وذكر النائب الطيرواي، أن الثقة تعود من جديد عبر تطبيق القانون الواضح في التعامل مع تلك الحوادث، ومحاسبة كل يحاول العبث بالساحة الفلسطينية وتوتير أوضاعها الداخلية.
بدوره أكد المتحدث باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري، أن أجهزة الأمن قدمت رواية واضحة لشعبنا في قضية مقتل أحمد حلاوة في نابلس، وهذا دليل على شفافيتها ومصداقيتها، وهناك تحقيق في مجريات القضية.
واعتبر الضميري: أن قتل حلاوة داخل سجن جنيد في مدينة نابلس حالة شاذة ولا تدخل في سياسة ونهج وأخلاقيات الأجهزة الأمنية، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية تحمل عقيدة فلسطينية واضحة لتنفيذ القانون الفلسطيني دون التعامل في الثأر.
وأشار إلى أن لجنة التحقيق باشرت في العمل بقضية موت أحمد حلاوة، وسيتم اتخاذ قرارات من القيادة الفلسطينية بشأن ما حصل، مؤكداً أن قوى الأمن ملتزمة في قرار المستوى السياسي، موضحاً أن الأجهزة الأمنية غير مستفيدة من موت حلاوة، مشيراً إلى أنها خسرت مصدرا للمعلومات في قضية الأسلحة والذخائر التي وجدت في البلدة القديمة.
وحذر المتحدث باسم الأجهزة الأمنية من التلاعب في مجريات الأحداث وتجنيدها لمصالح وأجندات حزبية وشخصية، والاستثمار في الدم الفلسطيني من أجل فتنة داخلية، وإبقاء الشارع الفلسطيني في حالة توتر.
- خطوات إعادة الثقة
من جانبه، أكد غسان الشكعة النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، أن هناك خطوتان رئيسيتان يجب أن يُطبقا حتى نتمكن من إعادة الثقة من جديد بين المواطن والمؤسسة الأمنية الفلسطينية، وتطويق كل الأحداث المؤسفة التي جرت في محافظة نابلس وأسفرت عن قتلى وإصابات.
وقال الشكعة، في تصريح خاص لـ"أمد"،:" أن تبق العدالة على كافة الفلسطينيين مهما كانت مستوياتهم وانتماءاتهم السياسية والفصائلية، ومحاسبة كل مُخطئ ومتسبب بإثارة الفوضى والفلتان الأمني بالقانون، كما جرى في نابلس ".
وأضاف:" المواطن الفلسطيني وخاصة سكان الضفة الغربية يتابعون ما جرى في نابلس عن كثب، والغضب الشعبي لن يصمت إلا بتحقيق العدالة ومحاسبة كل مسئول تسبب بأحداث نابلس الدامية الأخيرة، وخاصة مقتل المواطن" حلاوة" داخل سجن "جنيد" التابع للسلطة الفلسطينية بعد اعتقاله.
وأوضح الشكعة، أن غياب عنصري العدالة والمحاسبة، سيصعب الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية، والأحداث التي جرت في نابلس قد تمتد لتشمل مدن وقرى أخرى، ويصبح الوضع الفلسطيني الداخلي خطير وقابل للانفجار.
وانتقدت أوساط فلسطينية طريقة قتل الأمن الفلسطيني للمطلوب لها أحمد حلاوة (أبو العز) واعتبرت الأمر سابقة، وطالبت بمحاسبة المسئولين عنه. وقد تعهد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله بالتحقيق معتبرا ما حصل حادثا "شاذا".
وكانت مصادر أمنية بمدينة نابلس قد أعلنت الثلاثاء مقتل "أبرز وأخطر" مطلوب لها على حد وصفها في الأحداث الأخيرة التي أدت إلى مقتل عنصري أمن الخميس الماضي في نابلس.
وردًّا على الحادث، قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله إن ما حصل يعد حادثا "شاذا"، وأكد أن الحكومة دعت إلى تشكيل لجنة تحقيق في ملابسات الحادث في نابلس برئاسة وزير العدل علي أبو دياك، وعضوية النيابة العسكرية والنيابة العامة، وأن نتائج التحقيق ستعلن على الملأ.