أين السلطة الفلسطينيه من المواطنة وحقوق الانسان؟- رائف حسين
2016-09-03
شرقنا العربي ملئ بامور نفتخر ونعتز بها. في هذه البقعه الصغيرة من المعموره ولدت وترعرعت الحضارةالإنسانيه وهنا وضع حامورابي قوانينه الإنسانيه التي نُقِلت الى كل بقاع الارض وأصبحت العمود الفقريلكل المجتمعات البشرية من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب. الشرق هو مهد الأديان السماويه، الروحالاخلاقية لبني البشر. هنا بدأ سيدنا المسيح بنشر رسالته؛ عنوان المحبة والاخوة بين البشر وهنا جاء الرسولالأعظم محمد برسالة الرب الحدودية التي كانت وما زالت القاعدة الاساسية للشرع في كل قوانين البشرية.الشرق العربي رمز الضيافة والكرم. وشرقنا العربي ملئ ايضاً بالتناقضات والسلبيات التي تعيبنا وتجرحكرامتنا من فقر داقع وثراء فاحش، من سلفية فاشية واستبداد وبطش سلطوي، من عبودية جديدة وانتهاكللحريات وحقوق الانسان. في شرقنا العربي تأسست كيانات سياسية لم تستطع ان تتحول الى دول ولم تقتربحتى يومنا هذا لان تكون اوطان يعيش بها مواطنون بمعنى الكلمة وعمقها. عندنا نصف دول يقيم بها بشرعنوة دون مستقبل ودون امل، وهمهم الوحيد اصبح الهجرة الى بقاع الارض التي تحولت من كياناتمتناحرة الى دول واوطان لاهلها الذين يعيشون بها برخاء وحريه.
الشعب الفلسطيني، الذي هُجِر من بلده ودفع وما زال يدفع يوماً بعد يوم الغالي والرخيص ليعيد ارضهوكرامته، تتوق لان تكون بلده صورة اخرى مخالفة لخواتها البلدان العربيه. شعب فلسطين وضع جل امالهبان تكون " نواة الدولة" اللتي بشرهم بها اهل اوسلو، بلد رخاء وازدهار.. بلد القانون والمواطنة.. بلدالحريات والتعددية واحترام الاخر وخصوصيته.. بلد تخدم قيادته الشعب وتدير اموره اليوميه على احسنوجه.
نعم الفلسطيني حلم بوطن.. لكن الحلم الجميل سرعان ما ولى وطار واستيقظ الفلسطيني ليجد نفسه امامالحقيقة المرة : بانه لم يحصل حتى على "نصف دولة". وهذا الكيان، رغم نعومة أنامله، الا انه سبقاخوته، الكيانات العربية، بالفوضى وانتشار قانون الغاب. هنالك فقر داقع يزداد يوم بعد يوم وثراء فاحش لقلةيزداد ساعة بعد ساعه مع تغييب مقصود ومدروس لقانون " من أين لك هذا؟". في فلسطين اليوم عشرةعائلات تملك اكثر من ٦٨٪ من الدخل القومي وهنالك أشخاص من ازلام السلطة (هذا الحال موجود ايضاًعند سلطة غزه ) تفوق ثروتهم ميزانية السلطة الفلسطينيه كاملةً وهذه الثروه تراكمت في سنوات قليله دونمحاسب ودون مراقب.
في فلسطين اليوم تحكم الرشاوى والمحسوبيه. انتمائك العائلي وهويتك الحزبيه يقرروا مصيرك. شهادتكوخبرتك لا تساوي شيء ان لم يكن مرضي عنك من فوق. الامثله على المحسوبيه واقتصاد القربه هو سيدالحال ويستطيع كل مهتم ان يسمعه من آلاف الأكاديميين والخبراء في فلسطين عن تجربتهم بهذا الحقل، واستكفي هنا بالاشارة ان اكثر من ٨٠٪ من موظفي السلطه هم من ابناء وعائلات الحزب الحاكم وان اكثرمن ٧٥٪ من المليونريين الجدد إنما تقمصوا مركز هام بالسلطه او كان لهم قريب في مركز مسؤول. إمكانيةالمنافسه لابناء الفقراء والغير تابعين لحزب السلطة ضئيلة جداً ان لم تكن معدومه.
في فلسطين اليوم يلاحقوا رجال ونساء الصحافة والعلم والبحث والمجتمع المدني لا لشيء الا لأنهم أفصحواعن رأيهم بالسلطة وايدائها المتواضع. انتقدوا الوضع الراهن وشكوا همهم من هذا الاستبداد وهذا الوضعالمزري علناً. هؤلاء زجوا بالسجون وجرجروا الى قاعات القضاء السلطوي كما حصل مع البروفسور عبدالستار قاسم وزملاء اخرون. سياسة كم الأفواه ولجم حرية التعبير عن الرأي أصبحت امر "عادي" فيفلسطين المحتله داخلياً وخارجياً.
مراراً وتكراراً حالت السلطة الفلسطينية في السنوات الاخيرة لتقزيم حرية التظاهر والاحتجاج . لهذا الهدفلم تكتفي السلطة في استعمال القوانين والمراسيم الجحفاء بحق اهلنا بل انزلت قواتها الامنيه ومخابراتهالملاحقة المتظاهرين ومعاكستهم كما حصل في مظاهرات المعلمين عندما جرأوا بالمطالبه بحقوقهم . وانتقف الأجهزه الامنيه لسلطة الشعب وتمنع الشعب من التظاهر والاحتجاج من اجل حريته من الاحتلالوالطغيان فهذا نوع جديد من اختراق حقوق الانسان الذي ابتدعته السلطه.
اليوم في فلسطين أصبحت المرأه عوراء، صورتها عوراء واسمها أعور.. لجنة الانتخابات المركزية مؤسسةحكومية تنفذ قرارات وتوجهات وزير الداخلية ومكتب الرئيس. هذه المؤسسة توافق على لوائح مرشحينللانتخابات المحليه التي تنتهك حقوق المرأة الفلسطينيه بشكل داعشي بامتياز. لوائح بعض القوائم لا تحتويصورة المرشحات ولا حتى اسمهن ويكتفوا هؤلاء الذكور باستبدال اسم المرشحة بزوجة فلان! او حرمفلان! او أبنت فلان!
في فلسطين اليوم ينعم المواطن بتأمين صحي أساسي وحق بالتعليم وهذا حق انساني أساسي، لكن هذه فقطنصف الحقيقة ونصف الحق!.. النصف الاخر هو ان العلاجات المكلفة في خارج الوطن او في مستشفياتالاحتلال تبقى بأغلبها من حصة المرضي عنهم من حزب السلطة ومن لف حولهم. عشرات الملايين منالدولارات تصرف على عمليات جراحية في الخارج على المسؤولين وابناءهم وأقاربهم ومعارفهم مع ان فيفلسطين هنالك اخصائيين بشهرة عالميه واكتفي هنا بالاشارة الى مستشفى المقاصد وبالتحديد قسم جراحةالمخ والأعصاب. السلطة تستلم سنوياً العشرات من المنح الدراسية من الدول الصديقة، هذه المنح توزع فياقبوة السلطة حسب قانون المحسوبية بعيدة عن الشفافيه والحاجة المادية والكفاءة العلمية
ويبقى حق التعليم العالي بمنح مرتبط برضاء هؤلاء المتربعين على العرش.
في فلسطين اليوم احدى عشر جهاز أمنياً بكثافة للعناصر الامنيه مقابل عدد السكان، تتجاوز تلك في المانيااو السويد، هذا لا يعني بأننا في فلسطين ننعم بأمان يفوق تلك الامان في المانيا.. الفرق ان عمل الأجهزةالامنيه في المانيا تضبطه قوانين وقواعد رسمها لها البرلمان وتسهر على تنفيذها لجان مراقبه ومحاسبةخصوصاً في مجال حقوق الانسان، وفي فلسطين تعبث وتجول الأجهزة الامنيه كما تشاء دون رقيب ودونحسيب. هذا الوضع ليس بجديد؛ احمد قريع رئيس الحكومة السابق هدد في ٢٠٠٥ بالاستقالة ان لم تتوقفكل مظاهر الانفلات الامني التي تسببت به الأجهزه الامنيه! وشهادة اللواء نصر يوسف وزير الداخليةالأسبق امام المجلس التشريعي في 19.10.2005 عندما أكد على ان قيادات بعض الأجهزة الأمنية لايستجيبون لتعليماته توضح المأزق الذي تواجدنا به.. وإذا اخذنا بعين الاعتبار ان ايداء الأجهزه الامنيهوابتعادها عن الانصياع للمراقبه والمحاسبة ازداد أضعاف منذ ذلك الوقت وخصوصاً بعد رحيل الرمز القائدابو عمار، فنصل الى نتيجة اننا أصبحنا اليوم في فلسطين في دولة يحكمها جهازين: أمني وتشريعيبالتوازي. الانفلات الامني في فلسطين له وجوه عديده؛ التعذيب والاعتقال الغير قانوني هي اقل المصائبوأقل نتائج هذا الافلات. في سجون الأجهزة الامنيه الفلسطينية يقتل ابرياء ويعذب البعض حتى الموت.. ابوالعز حلاوه ابن نابلس كان اخر من أعدمته الأجهزه الامنيه دون حكم ودون قرار قضائي، لا بل تم السكوتمن الهرم السياسي على هذه الجريمة وتم تلفيقها كما هو المعتاد. ابو العز حلاوه لم يكن الاول ممن لاقواحتفهم في معتقلات السلطة في فلسطين المحتله وهو لن يكون الأخير دون شك. كنا في الماضي نشكي اجهزةأمن الاحتلال وها نحن اليوم في فلسطين نرى ان اجهزة أمن السلطة ليس فقط تمشي على نفس الموال بلتتقنه بدقه اكبر وتتفنن في ابداع وسائل انتهاك حقوق الانسان. القضيه التي لاقت لحسن الحظ اهتمام البعضمن ابناء شعبنا وللاسف لم تنال حتى الان اهتمام مؤسسات حقوق الانسان في فلسطين ولا اهتمام القوىالسياسية هي قضية الشباب المخطوفون السته من قبل اجهزة الأمن الفلسطيني دون تهمه ودون قضاء عادل.
الحديث هنا عن الشبان هيثم سياج، وباسل الأعرج، ومحمد حرب، وسيف الإدريسي، ومحمد السلامين،وعلي دار الشيخ، الذين اعتقل ثلاثة منهم (حرب، سياج، الأعرج) في التاسع من نيسان قرب قرية عارورةقضاء رام الله، إثر 10 أيام من اختفائهم، فيما اعتقل الثلاثة الآخرون لاحقًا بتهمة التعاون معهم. اليوم يقتربالشبان المعتقلين لدى السلطة الفلسطينية من إتمام شهرهم الخامس خلف القضبان، دون أن توجه بحقهم تهمةواضحة أو يقدموا للمحاكمة، باستثناء قرارات تمديد اعتقال متلاحقة كان آخرها التمديد لـ45 يوما تنتهي فيالأول من تشرين أول المقبل. قبل ستة ايام بدأ هؤلاء المعتقلون باضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً علىتعامل اجهزة السلطة معهم واحتجاجات على وضع اعتقالهم. اجهزة الأمن الفلسطينية لم تكتفي باعتقالهم دونتهمه وتعذيبهم وهو خرق واضح لحقوقهم الإنسانيه بل عاقبتهم الان على قرارهم ببدأ إضرابات عن الطعامبمنع اتصالهم بمحاميهم وقطع زيارة ذويهم لهم.
اختراقات حقوق الانسان الفلسطيني في فلسطين المحتله من قبل السلطة الفلسطينية اصبح موضوعاً يومياوان الاوان بان تكف القوى السياسية عن لف النظر عن هذا الموضوع وان الاوان بان تتكلم مؤسسات حقوقالانسان الفلسطينيه عن انتهاكات حقوقه الانسان الفلسطيني من قبل السلطه والا أصبحت فلسطين المثلالأسوأ في الشرق لاختراق حقوق الانسان من قبل السلطة والسكوت عليه من قبل مؤسسات الشعب المدنيه.