أزمة خفية بين البلاط الملكي الاردني والرئيس عباس بسبب تصريحاته الأخيرة
2016-09-07
توسعت حدة الخلاف والتجاذب خلال الساعات القليلة الماضية بين الحكومة الأردنية والسلطة الفلسطينية اثر التصريحات المباغتة التي اطلقها الرئيس محمود عباس يوم السبت الماضي وتحدث فيها عن عواصم عربية تتدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي.
رسالة عتاب وانزعاج وصلت فورا الرئيس عباس من خلال احدى قنوات الديوان الملكي الأردني بالتزامن مع اتصالات عن بعد اجراها وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بعد حالة طوارئ سياسية نسبية مع نظيره المصري وعلى اساس التدخل مجددا لتخفيف حدة التوتر بين السلطة الفلسطينية والعواصم العربية التي يقصدها الرئيس عباس.
القناة الأردنية بهذا المعنى سعت وخلال ساعات قليلة من مساء الاثنين إلى احتواء ما نتج عن تصريحات عباس على امل التمكن من اقناعه بالعودة مجددًا للنقاش والتفاوض على ملفات وقضايا سبق الاتفاق معه عليها بواسطة مصر والأردن.
وعمان كما فهمت «القدس العربي» تسعى للتداخل المباشر مع عباس على امل انجاح اجندتها المشتركة مع مصر بعنوان ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي قبل الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع، الامر الذي برر ايضا اتصالات في السياق نفسه بين القاهرة ومكتب رئيس وزراء الأردن الدكتور هاني الملقي.
على ضوء التفاعلات بعنوان ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي فتحت السلطات المصرية معبر رفح خصيصاً امام القيادي البارز في حركة حماس اسماعيل هنية للمغادرة تحت ستار موسم الحج في الوقت الذي يبدو فيه ان الهدف الابعد هو تمكين اسماعيل هنية من بحث قضية واجبه الجديد المقترح كرئيس للمكتب السياسي للحركة خلفا لخالد مشعل.
بالتزامن سمحت سلطات الأردن لخالد مشعل نفسه بدخول عمان لأربعة ايام ولأسباب عائلية وانسانية بعد وفاة والدته الحاجة فاطمة مشعل.
زار مقر العزاء بوالدة مشعل عدد كبير من السياسيين الأردنيين بينهم رئيس مجلس الاعيان الاسبق طاهر المصري وتردد ان مشعل تلقى تعزية خاصة وانسانية عبر الهاتف من مدير المخابرات الأردنية الجنرال فيصل الشوبكي.
هذا الانفتاح الضيق والمحدود من مصر والأردن وحتى السعودية التي تستقبل الحاج اسماعيل هنية بترتيبات خاصة ايضاً له علاقة بمطالب قدمتها اربع دول عربية هي (مصر والسعودية والامارات والأردن) تحت يافطة ما يسمى بـ «ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني ومناخ المصالحة الفتحاوية تحديداً.»
وأجرت عمان والقاهرة في الاثناء خلف الكواليس اتصالات ومشاورات خاصة مع سبعة على الاقل من اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح وبعضهم زار عمان والبعض الاخر زار القاهرة.
هذا الحراك الرباعي أقلق فيما يبدو الرئيس عباس ودفعه السبت الماضي لتحذير العواصم التي تحاول التدخل في الشأن الفلسطيني كما قال مهدداً بلغة صلبة «بقطع الايدي التي تحاول التدخل لمصالحها في مؤسسات وارادة الشعب الفلسطيني».
موقف عباس الأخير أعاد انتاج مشهد الاتصالات والمفاوضات بشأن الملفات المطروحة على طاولة عربية اليوم مثل المصالحة الفتحاوية وقطع خطوات محدودة وضيقة باتجاه ادماج حركة حماس والحديث عن أوراق البيت الفلسطيني الداخلي وهو ما يعتبره عباس والمقربون منه شكل من اشكال التدخل والضغط خصوصا ًوان اطرافاً عربية عدة هذه المرة تظهر اهتماماً كبيراً بما يسمى عودة المفصولين من حركة فتح إلى بلادهم.
الجهد برمته انطلق بعد القمة المصرية ـ الأردنية الاخيرة قبل اسبوعين وكانت «القدس العربي» قد اشارت إلى البيان الختامي للقمة اياها الذي تحدث لأول مرة عن المصالحات الفتحاوية وشكر الرئيس عباس على جهده في وحدة الصف الفلسطيني.
بالتزامن وعلى مائدة رجل الأعمال الأردني محمد البشير وبحضور نحو 25 شخصية بارزة تجنب الرئيس عباس التلميحات والاسئلة المباشرة التي وجهت له تحت عنوان توقع فوز مميز لحركة حماس في الانتخابات البلدية في الضفة الغربية.
هنا شعر المراقبون بان الرئيس عباس لا يريد السماح بتدخل عربي في المعادلة الداخلية تحت ستار الخوف من حركة حماس وهو ما المح له القيادي الفتحاوي جبريل الرجوب على هامش زيارة لعمان قبل عشرة ايام تحدث فيها عن صعوبة فلسطينية في فكرة تدخل الشقيق الاكبر مقترحاً بان ما ينطبق على خوف السلطات الأردنية من جماعة الإخوان المسلمين عشية انتخابات البرلمان ينبغي ان لا ينسحب على خوف السلطة وحركة فتح من اكتساح حماس للبلديات.
الخلاف يبدو واضحاً للعيان اليوم بين عدة اطراف عربية والسلطة الفلسطينية بسبب قرب استحقاق انتخابات البلديات والخوف من الدعم التركي الخلفي لحركة حماس في معادلة الداخل الفلسطيني.
لذلك ابلغ مسؤول أردني بارز جداً عباس وجها لوجه في لقاء مغلق بان وحدة حركة فتح اليوم من الخطوط الحمراء والاستراتيجية بالنسبة للمملكة الأردنية الهاشمية وهو ابلاغ يؤشر إلى حجم الحساسية عند عمان تجاه سيناريوهات ما بعد تقدم حركة حماس في الانتخابات في الوقت الذي يؤشر فيه بالمقابل إلى ارتفاع حساسية الرئيس عباس من الضغط عليه لصالح خصوم له تحت ستار «فوبيا» الإخوان المسلمين وحماس.
عن القدس العربي