استمرار الاحتلال يُعرّض ا تقرير المصير للخطر - هآرتس
2016-09-07
روغل ألفر مُحق في تشخيصه بأن "الموقف الصهيوني الوحيد الذي يؤخذ في الحسبان" من ناحية عاموس شوكن، هو الذي ينص على أنه يجب على دولة اسرائيل "فعل كل شيء من اجل القضاء على سلطة الابرتهايد اللاصهيوني في المناطق" والسعي نحو الاتفاق مع الفلسطينيين، وأن هذا الموقف ليس واقعيا ("هآرتس"، 28/8). ولكن خلافا لرأي ألفر، ليس بالضرورة الاستنتاج بأن الموقف الصهيوني غير الواقعي لشوكن غير قابل للتطبيق. إن اسباب عدم واقعية انهاء الاحتلال والاستيطان تكمن، قبل أي شيء، في حقيقة أن اغلبية الجمهور اليهودي في اسرائيل ليست شريكة، بل تحتقر صرخة بقايا اليسار الاسرائيلي، الذين يُحذرون مرة تلو الاخرى من أن استمرار استعباد الشعب الفلسطيني يحمل في ثناياه كارثة وجودية لمستقبل الشعب اليهودي السياسي. إن صهيونية شوكن غير الكولونيالية الصهيونية تُشبه الصهيونية السياسية في بداية طريقها. ومثلما أن الاصوات القليلة التي تعارض الاحتلال والمستوطنات في اسرائيل تثير ردود الفعل في اوساط الاغلبية التي تراوح بين الدهشة وبين الرفض، فان هذا ما حدث عندما توجه ثيودور هرتسل بشكل أولي الى اليهود من أبناء زمنه، وطلب الاشارة الى الاخطار التي تنتظر اليهود في العالم المتنور، طالما أنه ليس لهم حل قومي سياسي. وقد كان الجواب في معظم الاحيان هز الكتف، بل ايضا التساؤل عن وضعه النفسي. وعلى الرغم من ذلك، ورغم أن هذا كان موقف الاقلية في اوساط اليهود لسنوات طويلة، فقد حققت الصهيونية السياسية انجازات لافته. من الواضح أنه لا يمكن الاستخلاص من نجاح الصهيونية السياسية التاريخي استخلاص أي شيء حول نجاح شوكن في المستقبل. ولكن هناك على الأقل مجال لتقديم توصية للصهيونية التي تعارض الاحتلال، وهي أن تتأمل الماضي من اجل معرفة الأدوات التي ساعدت الصهيونية السياسية في حينه، ويمكنها ايضا تبني بعض هذه الأدوات من اجل تحويل موقفها غير الواقعي الى أمر يمكن تحقيقه. لا شك أن الأداة الأكثر نجاعة، والتي بمساعدتها نجحت الصهيونية السياسية في تحقيق الهدف، "اقامة دولة اليهود"، كانت العمل الدبلوماسي المنهجي مع القوى العظمى لاقناعها بالاعتراف بحق اليهود بالسيادة القومية. وكلما كان الحديث عن حيوية الجبهة الدبلوماسية، فان صهيونية شوكن موجودة على الطريق الصحيح. لأنه يعلن بشكل منهجي ومكشوف أن الضغط الدولي هو فقط الذي سيدفع اسرائيل الى التنازل عن نظام الابرتهايد المناقض للصهيونية، والذي هو مفروض في "المناطق" المحتلة. يعتقد ألفر أن شوكن يُعبر بذلك عن تناقض في موقفه الصهيوني. لأن من يراهن على تدخل جهات اجنبية في سياسة اسرائيل السيادية لا يمكن اعتباره صهيونيا. ولكن من الصعب الموافقة على هذا الادعاء. ففي الوقت الذي كان فيه الاعتراف بحق الشعب اليهودي في تقرير مصيره هو الانجاز الأهم، فان سياسة الاحتلال والمستوطنات أضرت بهذا الحق دائماً. يحدث هذا الأمر لأن إسرائيل تدوس على مبدأ تقرير المصير الذي بُنيت عليه من خلال حرمان الفلسطينيين من حقوقهم القومية السيادية. وهذا يحدث ايضا لأن المستوطنات، التي تُقام تحت السيطرة العسكرية الاسرائيلية خارج حدودها، تناقض القانون الدولي، الامر الذي يحول اسرائيل من دولة قومية اخلاقية الى كيان أسير بين دولة قانون وبين حركة قومية لا تعرف الحدود، حيث إن شرعية وجودها مشكوك فيها. لذلك فان الصراع الذي لا هوادة فيه ضد المشروع الكولونيالي الاسرائيلي في "المناطق"، الذي يسعى الى انقاذ حق تقرير المصير الغالي لاسرائيل، هو صراع صهيوني واضح. وتلك الأدوات التي كانت شرعية ومناسبة في الصراع الصهيوني في السابق من أجل تحقيق هذا الحق، أي الصراخ من أجل طلب المساعدة من أمم العالم، هي أدوات صالحة ومشروعة بالقدر ذاته في الصراع من اجل النجاح في الحاضر. هنا نصل الى المشكلة الحقيقية في صهيونية شوكن، المتعلقة بالموقف الاسرائيلي المعارض للاحتلال والمستوطنات عموما. هذه المشكلة لا تكمنفي حقيقة أن من يؤيدون الصهيونية مثل شوكن يشكلون اغلبية قليلة في اوساط المواطنين في اسرائيل، بل في أن هذه الاقلية غير مبلورة أو منظمة بما يكفي. يجب على هذا الوضع أن يتغير وبسرعة. ويبدو أن هناك فرصة، ولو ضئيلة، حيث يفحص براك اوباما، وهو على ابواب انتهاء ولايته، امكانية تبرير جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها وسحب الفيتو الأميركي الذي يستخدم بشكل تلقائي ضد كل تنديد باسرائيل المحتلة في مجلس الامن التابع للامم المتحدة. هذا الفيتو هو الذي يسمح لاسرائيل بالغرق أكثر وأكثر في الوحل الكولونيالي. ولكن من اجل تحريك خطوة أميركية كهذه مطلوب تأييد منظم من قبل الجمهور في اسرائيل، الموحد بمعارضته للاحتلال. هناك حاجة الى سياسيين متقاعدين ونشطاء جماهيريين ورجال أدب واكاديميين من اجل القول بوضوح وبوطنية، اسرائيلية وصهيونية، كيف ولماذا استمرار الاحتلال والمستوطنات يعرض حقنا في تقرير مصيرنا للخطر. حتى لو لم يؤثر ذلك على الرئيس الأميركي، حيث إنه خلال اشهر معدودة يصعب عليه القيام بالخطوات التي تحتاج الى سنوات من التحضير، وفي جميع الحالات ستكون هذه علامة فارقة في التبلور الداخلي لحركة المقاومة الاسرائيلية للاحتلال والمستوطنات. هذه مرحلة بدونها لن نصل الى انجازات سياسية ذات وزن.