لبيد بديل نتنياهو الوحيد - معاريف
2016-09-10
غريب أنه رغم الاستخفاف الساحق والانتقادات المتواصلة من علية القوم، فان لبيد يتعزز. فهل يتجاهل الجمهور بثبات ما تغذيه به وسائل الاعلام؟ يحتمل. ومع ذلك، فان وسائل الاعلام هي التي تخلق الخطاب وجدول الاعمال، بحيث بات صعبا بعض الشيء القول انها «لا تؤثر». ولعل من الاصح القول انه لا يزال لها الكثير من القوة، باستثناء أنه ليس مؤكدا أنها تفهم كيف تستخدم هذه القوة بعد كل التغييرات التي طرأت على الفرع. لم نخترع شيئا. فترامب ايضا مبني على المصداقية المتناقصة للصحافة الأميركية، التي لا تسارع الى اصلاح نفسها. بل أكثر من ذلك، يخيل احيانا أن وسائل الاعلام الأميركية تعرف بان ترامب سيخسر، ولكن هدفها الاولي هو خلق معركة مشوقة بما فيه الكفاية، وعليه فانها تواصل تغطية أخباره بالهوس ذاته. فعندما تكون التغطية يكون الرزق، وعندها تحاول ايضا اصلاح العالم، ولكن هذا مجرد هدف فرعي. هكذا، من اجل التغطية تقوض وسائل الاعلام المزيد من مصداقيتها، وفي واقع الامر تواصل اضعاف نفوذها. وعودة الى لبيد، نقول انه من اللحظة التي اعلن فيها دخوله الى السياسة يسير في طريق معينة رغم السخرية، وهذا ينجح معه كيفما اتفق. فقد فهم منذ البداية بانه لا يهم ما يفعله، حيث سيتلقى الضربات على رأسه. فكمن جاء من هناك، من مثله يعرف ان لا معنى لمحاولة ارضاء الصحافيين، ببساطة لانهم يعيشون في ظل القانون الاساس القائل انهم لن يكونوا راضين ابدا؟ من الافضل ببساطة الا يستمع. النقد أمر مهم لا مثيل له. ولكن التفكير النقدي ليس سلعة نادرة مثلما كان في الماضي، وعندما يصبح النقد كل شيء فانه يفقد تأثيره. مثل الرئيس العصبي الذي يتلفظ دوما بشيء ما فان الآخرين في لحظة ما يكفون عن الانتباه لملاحظاته، يخيل أن النقد الصحافي الحالي لا يحاول الإصلاح بل التذمر. وهو لا يدفع الى الامام بالبديل، بل يقتل أهون الشرور ويعمل على بديل طوباوي ليس موجوداً. أزمة السلمونيلا مثلا غذت نفسها أساسا. فقد أُغرقنا بالتقارير عن إعادة المنتجات ونسينا قليلا بانه في الشرق الاوسط يفسد الغذاء بسرعة في آب. من الواضح أن كل منتج عليه أن يأخذ على نفسه المسؤولية عن منتجاته، ولكن ماذا عن التوازن؟ فهل أصيب أحد ما حقا؟ أم أننا شهدنا عاصفة متواصلة لانه كان لدى وسائل الاعلام فائض من وقت الفراغ ولم يكن لديها شيء ما أفضل تفعله؟ مصيبة موقف السيارات هي الاخرى تبدأ احتلال الاهتمام المبالغ فيه. فالى أي استنتاجات لم نصل؟ نحن عنصريون لأننا لم نحزن بما فيه الكفاية على الضحايا العرب، بيبي مذنب لان وجه كل الدولة بقيادته كوجه موقف السيارات المنهار، ومقايسات اخرى تبعد النقد اللازم الحقيقي: فرع البناء في اسرائيل منفلت جدا ويجب ممارسة الرقابة الجدية عليه. هذا يتطلب تشريعات ومقدرات لانفاذ القانون. ولكن هل نحقق هذا الاصلاح بعد أن يترسب الغبار أم ببساطة سنواصل السير الى الامام نحو الفضيحة التالية؟ من كثرة الاستنتاجات المفعمة بالاحساس بالشفقة على المستقبل المرغوب فيه للانسانية، نفوت الجانب العملي والقدرة على التحسين. هكذا ايضا مع لبيد: هو سطحي، يتملق الأصوليين، يحقر نفسه في المظاهرات في السويد بانجليزيته العرجاء، عديم الثقافة – وماذا لا. ولكن في هذه اللحظة هو البديل الوحيد لنتنياهو. إذاً، لعل الصحافة التي تتباكى من جهة على غياب البديل ومن جهة اخرى تسحق ببهجة البديل الوحيد، ليست صحافة نقدية بل مجرد صحافة لم تقرر بعد ماذا تريد.