إسرائيل لم تسمح ببقاء مستوطنات تحت سيادة عربية
2016-09-11
أثار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بتفوهاته حول ما وصفه بأنه 'تطهير عرقي' لمطلب الفلسطينيين بإخلاء المستوطنين من الضفة الغربية في إطار اتفاق سلام، ردود فعل غاضبة في العالم، خاصة من جانب حليفة إسرائيل الأكبر وهي الولايات المتحدة وإدارة الرئيس باراك أوباما، وأيضا من جانب معظم المحللين الإسرائيليين الذي علقوا على ذلك في مقالات نشرتها الصحف الإسرائيلية اليوم، الأحد.
واعتبر نتنياهو في فيلم دعائي نشره عصر أول من أمس، الجمعة، أن 'القيادة الفلسطينية تطالب بدولة فلسطينية بشرط مسبق واحد: من دون يهود. ويوجد تعبير لوصف ذلك واسمه تطهير عرقي. وهذا المطلب مثير للغضب. والأمر المثير للغضب أكثر هو أن العالم لا يعتبر أن هذا المطلب مثير. وهناك دول متنورة تدفع بهذه الفضيحة'.
وقالت صحيفة 'يسرائيل هيوم' إن تفوهات نتنياهو هذه جاءت على خلفية 'الاتهامات المتبادلة بينه وبين أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، حول عدم انعقاد اللقاء بينهما بمبادرة الروس؛ والسبب الثاني هو الانتقادات الشديدة التي وجهتها الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي وتقرير خاص للأمم المتحدة في موضوع المستوطنات وعملية السلام'.
إلا أن حاييم شاين، المحلل في هذه الصحيفة، التي تم تأسيسها لخدمة وتسويق سياسة نتنياهو وتوزع مجانا لتصبح الأوسع انتشارا، اعتبر أنه 'في هذه الأيام، وفيما تجري محاولة لاستئناف عملية السلام، حسنا فعل رئيس الحكومة بأن أوضح أن اليهود عادوا إلى أرض إسرائيل لكي يبقوا فيها. فمن يشترط التوصل لتسوية سلمية بإخلاء اليهود من يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) إنما يصرح بأن الحديث عن خطوة سيأتي بعدها المطلب بطرد اليهود من دولة إسرائيل الصغيرة'.
من جانبه، رأى كبير المعلقين في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، ناحوم برنياع، أن نتنياهو أراد من خلال هذا الفيلم الدعائي أن يصرف الأنظار عن التحقيقات ضده بشبهات فساد خطيرة، وبينها اشتباه الشرطة بمحاولة تلقيه الرشوة وفقا لما كشفته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي.
وأكد برنياع على أن 'الضفة الغربية هي أرض محتلة. ليس أنا من يقول ذلك وإنما حكومات إسرائيل التي تقول ذلك. ووفقا للقانون الدولي يحظر على دولة الاحتلال نقل سكان إلى منطقة محتلة. ويوجد إجماع على ذلك في العالم. واختارت المحكمة العليا عندنا تحليلا آخر وسمحت بإسكان المستوطنين في أراضي الدولة'.
لكن برنياع شدد على أن 'اليهود لم يوافقوا في أي مرحلة على العيش تحت سيادة عربية، ليس في طابا بعد الانسحاب في سيناء ولا خلال المفاوضات المتواصلة حول مصير غزة والضفة'. كما أشار المحلل إلى أن المستوطنات أقيمت من أجل اليهود فقط، والمستوطنون استولوا على أراض بملكية فلسطينية خاصة، 'ويتم بناء المستوطنات وتوسيعها من أجل هدف واحد وهو إحباط قيام دولة فلسطينية'.
ورأى المراسل والمحلل السياسي في صحيفة 'هآرتس'، باراك رافيد، أن ادعاء 'التطهير العرقي' الذي يزعمه نتنياهو، يسحب البساط من تحت أرجل حزبه الليكود وقيادته التاريخية. 'فالليكود لم يقترح إبقاء المستوطنات في (الكتلة الاستيطانية) يميت في سيناء تحت حكم مصري، ما شكل سابقة بإخلاء كامل وحتى آخر يهودي. هل يتهم نتنياهو مناحيم بيغن أيضا بتنفيذ ’تطهير عرقي’؟'.
وأردف رافيد أنه لا ينبغي الذهاب إلى الماضي البعيد في هذا السياق. فقبل 11 عاما قرر حزب الليكود بقيادة أريئيل شارون الانسحاب من قطاع غزة وإخلاء كافة المستوطنات فيه، وقد صادقت الهيئة العامة للكنيست على هذه الخطة، خطة الانفصال، 'ونتنياهو صوّت إلى جانب الإخلاء أربع مرات! هل كان نتنياهو شريكا في ’تطهير عرقي’؟'.
وأكد الكاتب الصحافي في الصحيفة نفسها، غدعون ليفي، على أن إخلاء المستوطنين ليس 'تطهيرا عرقيا'، وإنما ما ارتكبته إسرائيل إبان النكبة عام 1948 هو التطهير العرقي.
وكتب ليفي أن 'التطهير العرقي الجماعي الوحيد الذي حدث هنا كان في العام 1948. حوالي 700 ألف إنسان، أغلبية شعب، اضطروا إلى مغادرة بيوتهم، أملاكهم، قراهم وأراضيهم التي سكنوها منذ مئات السنين. بعضهم طُرد بالقوة، حُملوا على شاحنات وطُردوا، وبعضهم جرى تخويفهم بشكل رهيب والتسبب بأن يهربوا... والأخطر من ذلك عدم السماح لهم بالعودة. هذا يسمونه تطهير عرقي'.