:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/10701

الأشخاص الذين سببوا الـ 1948- هآرتس

2016-09-17

تفهم إسرائيل شيئا أو اثنين في التطهير العرقي. يفهم بنيامين نتنياهو شيئا أو اثنين بالدعاية. الفيلم القصير الذي نشره رئيس الوزراء أول من أمس يثبت هذين الامرين. واليكم الشيء الحقيقي، رقم قياسي آخر للوقاحة الإسرائيلية دون ماكياج ودون مبررات: اخلاء المستوطنين من الضفة (الذي لم يحصل ويبدو أنه لن يحصل) هو تطهير عرقي. الدولة التي أحضرت التطهير الكبير في العام 1948 ومنذئذ لم تتنازل من أعماق قلبها عن التطهير ولم تتوقف للحظة عن تنفيذ التطهيرات الصغيرة الممنهجة، في غور الأردن، في جنوب جبل الخليل، في معاليه أدوميم والنقب أيضا – هذه الدولة تسمي اخلاء المستوطنين تطهيرا عرقيا. تساوي بين المعتدين في المناطق المحتلة وبين أبناء البلاد الذين يتمسكون بأراضيهم وبيوتهم.
أثبت نتنياهو من جديد أنه الشيء الحقيقي، الممثل الأكثر صدقا للإسرائيلية التي أوجدت لنفسها واقعا: تحويل الليل إلى نهار بدون أي عقبات. في إسرائيل هناك من يشترون هذه البضاعة ويمكن أن يكونوا الاغلبية. المستوطنون في غزة تحولوا إلى "مطرودين". عمل عنيف واعتداء، المستوطنات ليست شرعية فقط بل هي ضحية. اليهود ضحايا، ودائما اليهود وفقط هم. رئيس وزراء إسرائيلي جريء ووقح أقل من نتنياهو بقليل لم يكن ليتجرأ على قول كلمات "تطهير عرقي" بسبب القبعة المشتعلة على الرأس. لا توجد دعايات كثيرة تتجرأ على الذهاب بعيدا إلى هذه الدرجة – ومع ذلك يوجد واقع قائم بين الفترة والاخرى.
الواقع حاد وواضح. التطهير العرقي الجماعي الوحيد الذي حدث هنا هو ما حدث في العام 1948. حوالي 700 ألف شخص، معظمهم شعب، اضطروا إلى ترك منازلهم وممتلكاتهم وقراهم واراضيهم منذ مئات السنين بعد أن تم طردهم بالقوة ووضعوهم في شاحنات، وطُردوا، والبعض منهم تمت اخافتهم كي يهربوا، والبعض هربوا وسُمحت لهم العودة. والأخطر من الطرد كان منع العودة. الأمر الذي يثبت نوايا التطهير. بين يافا وغزة لم تبق أي حاضرة عربية واحدة. أما باقي اجزاء البلاد عليها نُدب بسبب تدمير القرى وبقايا حياة. هذا يسمى تطهير عرقي وليس له اسم آخر. أكثر من 400 قرية ومدينة محيت عن وجه الارض، وبدلا منها تم وضع حاضرات يهودية، في الغابات والاكاذيب. تم اخفاء الحقيقة عن الإسرائيليين اليهود ومُنع أحفاد المطرودين من التذكر – لا باليد ولا بالنصب، كما قال يفغيني يفتوشينكو في سياق آخر.
إن عدد المستوطنين يفوق عدد المطرودين. لقد دخلوا إلى بلاد ليست لهم، بغطاء من حكومات إسرائيل وبمعارضة كل العالم. لقد عرفوا أن مشروعهم مبني على الثلج. هم والحكومات لم يتجاوزوا القانون الدولي فقط، بل القانون الإسرائيلي أيضا.
لقد قاموا بسرقة اراض محظورة بغطاء من الجهاز القضائي، حسب القانون في إسرائيل والمناطق (المحتلة منذ عام 1967). وحينما بدأوا في إسرائيل والعالم الاعتياد على هذا الواقع وقبوله، جاء رئيس الوزراء ليتقدم خطوة اخرى في مسيرة الوقاحة: المستوطنون هم ضحايا في الأصل، وليس الذين طردوا أو اقتلعوا من اراضيهم هم الضحايا. في الواقع الذي يحدثنا عنه نتنياهو، المستوطنات التي قامت لمنع الاتفاقات ليست عقبة. وهو يقارن بينها وبين ما بقي من فلسطينيين في إسرائيل. دموع: من قتل أبويه هو يتيم. اللغة تحتمل كل اغتصاب، والدعاية تحتمل كل تشويه اخلاقي.
العام 1948 لم يحدث أبدا، ليس أن إسرائيل لم تتحمل المسؤولية فقط، بل هي تستمر في نفس السياسة ونفس اللغة منذ ذلك الحين وإلى الأبد. الضحايا الحقيقيون للعام 1948 وضحايا 2016 ليسوا ضحايا في نظرها. الضحايا الوحيدون هم اليهود. نهاية الواقع، إنها لم تعد ذات صلة.