:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/10765

إسرائيل تخشى من نشر وثائق عن النكبة تؤكّد تورّطها في طرد الفلسطينيين وتنسف مزاعمها بأنّهم هربوا

2016-09-26

رغم مرور 68 عامًا على النكبة، ما زالت الحكومة الإسرائيليّة تعمل على إطالة سرية أحد الملفات المركزية في أرشيف جيشها، وتتعلق بالمسؤولية عمّا لحق بالشعب الفلسطيني من لجوء وتشرد في العام 1948، علمًا بأن هذه الوثيقة صدرت بناءً على طلب دافيد بن غوريون نفسه في بداية الستينات كي يزيف الحقائق وينكر مسئولية دولته الغازية عن الكارثة التي حلت بالفلسطينيين “اللجوء”.
وبحسب (هآرتس) العبريّة، في نقاش اللجنة الوزارية لشؤون المادة الأرشيفية، برئاسة وزيرة القضاء ايليت شاكيد؛ عرض مندوبو وزارة الخارجية ووزارة الجيش فتوى قاطعة ضد فتح الملف لعناية الجمهور خوفًا من المس بأمن الدولة وبعلاقاتها الخارجية، وتناولت فتوى وزارة الخارجية ضمن أمور أخرى مكانة إسرائيل الدولية وتأثير النشر على المفاوضات المستقبلية مع الفلسطينيين أو على قرارات مؤسسات الأمم المتحدة المتعلقة بمسألة اللاجئين.
وجاء النقاش في أعقاب توجه من جمعية حقوق المواطن إلى أرشيف الجيش الإسرائيلي بطلب تحرير الملف بعناية الجمهور. الملف موضع الحديث – والذي يعود إلى دائرة التاريخ في الجيش الإسرائيلي – يتضمن بحثًا استدعاه رئيس الوزراء بن غوريون بداية الستينيات بهدف إثبات أنّ قرابة مليون فلسطيني كانوا يعيشون في المدن والقرى في أراضي إسرائيل في 1948 فروا طوعًا في زمن “حرب الاستقلال” ولم يطردهم الجيش الإسرائيلي.
البحث، الذي كشفت “هآرتس″ النقاب عن وجوده قبل ثلاث سنوات من خلال المؤرخ د. شاي حزكاني، كتبه سلسلة من المستشرقين الإسرائيليين بناءً على طلب بن غوريون الذي سعى إلى تعطيل الضغط الأمريكي لإعادة اللاجئين، وأمل بن غوريون بأنه إذا اقتنعت الأسرة الدولية بأن الفلسطينيين غادروا بإرادتهم ولم يطردوا بالقوة من قراهم على أيدي الجيش الإسرائيلي مثلما ادعوا فور الحرب سيقل الضغط على إسرائيل لإعادتهم إلى أراضيها.
ومن المراسلات الحكومية في تلك الفترة تبين أنّه قيل للكتاب مسبقًا ما يتعين عليهم أنْ يثبتوه في أن العرب فروا بتشجيع من زعمائهم وبمساعدة الجيوش العربية، بينما حاول اليهود منع ذلك.
وقال موظف إسرائيلي كبير في تناوله لـ “ملف النكبة” “عندما يحل السلام سيكون ممكنًا فتح هذه المواد لعناية الجمهور”.
وكان بن غوريون استدعى بحثين على الأقل في موضوع اللاجئين، البحث الأول كتبه المستشرق روني غباي في إطار هيئة كانت تسمى في الستينيات “معهد شيلوح” وتحول على مدى الزمن ليصبح مركز “دايان” في جامعة تل أبيب، واستند البحث إلى وثائق في الأرشيفات الإسرائيلية، بما فيها أرشيف جهاز المخابرات “الشاباك”، أما البحث الثاني فكتبه موشيه معوز، الذي كان في حينه يعمل لدى مستشار رئيس الوزراء للشؤون العربية، وهو اليوم بروفيسور كبير في دراسات الشرق الأوسط بالجامعة العبرية، وكان بحث معوز يستند جزئيًا إلى بحث غباي.
في العام 2013 توجه د. حزكاني، إلى أرشيف الجيش الإسرائيلي بطلب لتحرير الملف كله لعناية الجمهور. في تشرين الثاني 2013 أعلن أرشيف الجيش الإسرائيلي بأنه لا يمكن وضع الملف لعناية الجمهور، وهو سيبقى سريًا، فتوجه حزكاني إلى مسؤول أرشيف الدولة أيضًا يعقوب لزوبيك، الذي يتولى الصلاحية العليا في الموضوع، وادعى بأنه لما كانت الوثائق في الملف كتبت في موعد متأخر من العام 1964، فقد انقضت فترة التقييد لها وهي في أقصى الأحوال 50 سنة. في تموز 2014 أبلغ مسؤول أرشيف الدولة حزكاني نه بعد التشاور في الموضوع مع أرشيف الجيش الذي يعارض فتح الملف للجمهور قرر طلب انعقاد اللجنة الوزارية لشؤون الأرشيف كي تتخذ القرار.
وتنعقد اللجنة الوزارية لشؤون الارشيف في أوقات متباعدة فقط كي تحسم في مسائل حساسة موضع خلاف، وفي المرة الأخيرة التي اجتمعت فيها اللجنة كانت في العام 2008، حين صوتت على استمرار الحصانة على الملفات المتعلقة بمذبحة دير ياسين. وحسب قانون الارشيف فإذا كان مسؤول أرشيف الدولة يريد تمديد الحصانة على مادة يفترض أن تفتح للجمهور، فإن عليه ان يحصل على الإذن من لجنة خاصة تتشكل من ثلاثة وزراء مسؤولة عن شؤون الأرشيف.
وكان تقرر انعقاد اللجنة في عدة مواعيد ولكن البحث فيها تأجل في كل مرة، مرة بسبب حل الحكومة وانتخابات 2015 ومرات أخرى لأسباب الجداول الزمنية. وقبل نحو اسبوع في 11 أيلول انعقدت اللجنة أخيرًا للبحث في طلب فتح “ملف النكبة”. وتضم اللجنة في عضويتها إلى جانب وزيرة العدل، وزيرة الثقافة ميري ريغف التي عملت في الماضي كمراقبة عسكرية رئيسة وناطقة بلسان الجيش الإسرائيلي، وزير الطاقة يوفال شتاينتس الذي كان في الماضي رئيس لجنة الخارجية والأمن ووزير شؤون الاستخبارات.
وقال د. حزكاني لـ “هآرتس″ انه يوجد في الأرشيفات في إسرائيل غير قليل من الملفات والوثائق المتعلقة بالعام 1948 لم تفتح بعد لعناية الجمهور، وحتى غير قليل من الملفات التي كانت مفتوحة في الماضي ولكن أغلقت، وشدد قائلًا انه “بتشجيع من القيادة السياسية يمدد أرشيف الدولة وأرشيف الجيش بناءً على رأيهما فترات الحصانة على الملفات ويمنعان الباحثين في إسرائيل وفي العالم من رواية قصة 1948 بكاملها”.
صحيفة “هآرتس″ التي نشرت خبر إطالة سرية الوثيقة، نشرت صورة أرشيفية بتاريخ 12 أيار 1948 لشخصين من الفلسطينيين يدفعان عربة فيها ممتلكات (سجاد وأدوات منزلية)، عجوز يحمل عصًا ويسير خلف العربة، وثلاثة من رجال “الهاغاناة” يسيرون وهم يصوبون السلاح، لتدل ان الهرب من فلسطين لم يكن بإرادة الفلسطينيين كما تزعم المصادر الإسرائيليّة.