مشعل : اعتراف متأخر بفشل أرهق الفلسطينيين وعمق خلافاتهم
2016-09-26
قبل أشهر قليلة من رحيله عن رئاسة المكتب السياسي لحركة "حماس" وتعيين شخصية بديلة لتولي ذات المنصب، خرج خالد مشعل أمس في"خطاب وداعي" عرض خلاله مجمل تصورات "حماس" حول الأوضاع الداخلية والخارجية، والإقرار ببعض من أخطر الأخطاء السياسية التي ارتكبتها حركته.
وكان من أهم النقاط التي تطرق لها مشعل في خطابه اعترافه "ضمنياً" بخطأ حركة "حماس" في السيطرة على قطاع غزة منتصف العام 2007، والتفرد بحكم القطاع، وما ترتب عليه من انقسام فلسطيني حاد لازال الفلسطينيون يتجرعون مرارته حتى هذا اليوم.
وقال مشعل خلال ندوة في العاصمة القطرية "الدوحة" حول الحركات الإسلامية إن "حماس أخطأت عندما استسهلت حكم قطاع غزة بمفردها بعد أحداث الانقسام الفلسطيني مع حركة فتح عقب فوزها بالانتخابات البرلمانية عام 2006 وظنت بأنه أمر ميسور ثم اكتشفت بأنه صعب".
اعتراف بالخطأ الأكبر
أمين مقبول، أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح"، أكد أن اعترافات خالد مشعل "بخطأ حماس في السيطرة على غزة"، هو خطوة إيجابية أولى نحو التنازل عن القطاع وإعادته للشرعية الفلسطينية.
وقال مقبول، في تصريح خاص لـ(أمد)، :" حماس اعترفت بشكل علني وأمام الجميع بخطأ الاستيلاء على قطاع غزة بقوة السلاح، وهذا الأمر الذي تحدث به مشعل وبشكل صريح، والاعتراف بهذا الخطأ هو فضيلة يجب أن تتبعه خطوات أخرى".
ولفت، إلى أن اعتراف حركة "حماس" بخطأ السيطرة على القطاع وحده لا يكفي، وإنما مطالب من حماس البدء بخطوات عملية على الأرض، تعيد غزة لحضن السلطة والشرعية الفلسطينية، وتزيل كل الآثار السلبية التي ترتبت عن خطأها الأكبر.
وعبر أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح"، عن رضا حركته بمضمون الخطاب الذي ألقاه مشعل أمس في الدوحة، مشيراً إلى أن الوضع الفلسطيني الداخلية وما يعانيه من أثار مدمرة نتيجة الانقسام وفصل غزة عن باقي الوطن، بحاجة لجهد جماعي وكبير لتجاوز تلك الأزمات.
وتمنى أن يكون خطاب مشعل "الوداعي" نقطة جديدة تنطلق منها حركة "حماس" لإعلان مصالح حقيقية مع حركة "فتح" وباقي الفصائل الفلسطينية الأخرى، يكون على قاعدة عودة الشرعية والتنازل عن غزة واتخاذ خطوات فاعلة لتحقيق الوحدة الوطنية الغائبة منذ سيطرة "حماس" على القطاع.
وأقر مشعل بـ"الخطأ" الذي ارتكبته الحركة حين تفردت بحكم غزة قبل نحو عشر سنوات، مؤكدا على أن الإسلاميين تنقصهم الخبرة والقدرة على إقامة شراكات سياسية في المنطقة، مضيفاً خلال خطابه :" وأكد أيضا "أخطأنا عندما ظننا أن زمن فتح مضى وحل زمن حماس، وفتح أخطأت عندما أرادت إقصاءنا".
واستولت حركة "حماس" بالقوة على السلطة في غزة عام 2007 وطردت قيادات حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس من القطاع.
مراجعة نقدية لمرحلة جديدة
من جانبه، أكد طلال أبو ظريفة، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن خطاب مشعل الأخير كان عبارة عن "مراجعة نقدية" هامة وخطوة جديدة في سلوك حركة "حماس" السياسي للتعامل مع الأوضاع الفلسطينية الداخلية.
وأوضح أبو ظريفة، في تصريح خاص لـ(أمد)، أن مشعل كشف عن نهج "حماس" الجديد من بعده، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والعربية والدولية، والتي تدعو لوحدة فلسطينية داخلية لمواجهة كل التحديات التي تعصف بالقصية والمشروع الوطني.
وأضاف :"اعترافات مشعل بخطأ تقسيم الوطن والسيطرة على القطاع والتحكم به، قد تفتح الطريق أمام الجهود التي تبذل من أجل استعادة الوحدة الوطنية الداخلية، ووضع حلول عملية وسريعة لكل مخلفات الانقسام القائمة ".
وأشار عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، إلى أن حركة "حماس" قرأت الوضع الداخلي والخارجي جيداً وبشكل دقيق للغاية، وتصريحات مشعل يمكن أن تشكل ناقلة حقيقية نحو تحقيق الوحدة، في حال اعتمد رئيس المكتب السياسي الجديد لحماس على تلك التصريحات وجعلها أساساً في معاجلة الوضع القائم".
القرار بيد غزة وليس مشعل
بدوره رأى المحلل السياسي أكرم عطا الله، أن ما جاء في خطاب مشعل لن يُشكل أساس لخطوات لحركة "حماس" القادمة في نهجها السياسي بالتعامل مع المتغيرات الخارجية والداخلية.
وأكد عطا الله، في تصريح خاص لـ(أمد) أن مشعل بات الان موقفه ضعيف داخل حركة "حماس"، وتصريحات الأخيرة حول الاعتراف بخطأ السيطرة بالقوة على قطاع غزة، لن تكون محل إجماع لدى قادة الحركة وخاصة المتواجدون في غزة.
ولفت المحلل السياسي، إلى أن مشعل بات لا يمثل قرار حركة "حماس" الان خاصة وانه بعد شهور سيترك رئاسة المكتب السياسي، مشيراً إلى أن كلمة الحركة الأولى والأخيرة باتت في غزة والذي يرى الكثير من قادة الحركة أن الوضع سيبقى على ما هو عليه وأن حماس أقدمت على خطوة إيجابية في السيطرة على غزة.
وأضاف عطا الله، نهج حماس السياسي لن يتغير ولن تتأثر بخطاب مشعل واعترافاته الأخيرة، مؤكداً أن مشعل اعترف بخطأ حركته ولكنه لم يكشف عن أي خطوات عملية لمعالجة هذه الخطأ، وهو الأمر الذي سيبقى "حماس" على وضعها الحالي دون أي تغير في نهجها السياسي بعد مشعل.